حطت صباح أمس الجمعة بالمطار الدولي لمدينة ورزازات الطائرة الشمسية التجريبية السويسرية (سولار إمبولس)، التي تعتبر أول طائرة تستغني عن استعمال وقود الكيروزين، وتعتمد عوض ذلك على الطاقة الشمسية. ومن شأن هذا الحدث أن يساهم في تعزيز الإشعاع الدولي لمدينة ورزازات التي من المتوقع أن تصبح أحد المراكز العالمية الكبرى لتوليد الطاقة الشمسية حيث ستشهد هذه المدينة قريبا إنشاء أكبر محطة على الصعيد العالمي لتوليد الطاقة النظيفة، وذلك ضمن إستراتيجية المغرب القاضية بإنشاء 5 محطات كبرى لإنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية. فعلاوة على فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة التي سيوفرها مشروع إنجاز المركب الطاقي لورزازات، فإن هذا الأخير سيساهم أيضا في فك العزلة عن هذه المنطقة من الجنوب الشرقي للمملكة، فضلا عن كونه سيعطي الانطلاقة لمخطط تعزيز الاندماج الإقليمي في مجال الطاقة، حيث يعتزم المغرب تصدير جزء من الطاقة النظيفة نحو أوروبا. إن رهان المغرب على تطوير قدراته من الطاقات المتجددة بات أمرا بديهيا، وحقيقة واقعية منذ الإعلان عن إنشاء المحطات الخمس لإنتاج الكهرباء باعتماد الطاقة الشمسية في كل من بوجدور وعين بني مطهر وفم الواد وسبخت الطاح، إضافة إلى ورزازات، حيث توالت الإجراءات العملية بكيفية متسارعة بعد هذا الإعلان، وذلك من أجل تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس. وقد كان تاريخ 2 نونبر 2009 محطة مفصلية في مسار إنتاج واستعمال الطاقة الشمسية سواء بالنسبة للمغرب الذي سيصبح بمستطاعه التقليص من تبعيته الطاقية الكبيرة للخارج، أو بالنسبة للعالم بأسره مادام المشروع المغربي المعلن عنه يعطي البرهان على أن الاعتماد على الطاقة ذات الأصل الأحفوري ليس قدرا محتوما، وأن الطاقات المتجددة يمكنها أن تشكل بديلا حقيقيا لمصادر الطاقة التقليدية. ولعل ردود الفعل على الساحة الدولية، التي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام حول إستراتيجية المغرب الطاقية، خير مؤشرعلى الريادة المغربية في هذا المجال، لاسيما وأن أكبر الشركات والتكتلات الاقتصادية الفاعلة في مجال الطاقات المتجددة سارعت إلى التنافس على الظفر بصفقة إنجاز هذا المشروع الطاقي الضخم الذي تصل تكلفته إلى 9 ملايير دولار أمريكي. وعلاوة على هذا الاهتمام المعبر عنه من طرف الشركات العالمية، فإن الهيئات التمويلية العالمية بدورها سارعت إلى الإعلان عن رغبتها واستعدادها لدراسة إمكانيات تقديم القروض والدعم المالي اللازم لإخراج إستراتيجية المغرب الطاقية إلى حيز الوجود. وكان البنك العالمي في مقدمة الهيئات التمويلية التي أعربت في دجنبر 2009 عن رغبتها في دراسة أنماط التمويل الممكنة للمشروع المغربي للطاقة الشمسية، وهذا رد فعل طبيعي إزاء الجدية والإجراءات العملية المتتالية التي بادر المغرب باتخاذها منذ إعلان جلالة الملك محمد السادس عن المشروع يوم 2 نونبر 2009 في مدينة ورزازات، وذلك خلال حفل حضره، على الخصوص، إلى جانب أعضاء الحكومة كاتبة الدولة في الخارجية هيلاري كلينيتون. ومن جملة الإجراءات العملية التي اتخذها المغرب، والتي تترجم رغبته الكبيرة في احتلال مركز رائد على الصعيد العالمي في مجال إنتاج الطاقات النظيفة، هناك على سبيل المثال لا الحصر إحداث «الوكالة المغربية للطاقة الشمسية» في دجنبر 2009 التي عهد إليها بإنجاز المحطات الخمس في كل من ورزازات وعين بني مطهر وسبخة الطاح وفم الواد وبوجدور، وذلك في أفق سنة 2020. كما تم إحداث «شركة الاستثمار الطاقي» وهي شركة تابعة للدولة تم إنشاؤها برأسمال يبلغ مليار درهم لمواكبة «المخطط الوطني لتنمية الطاقات المتجددة»، إضافة إلى تأسيس «وكالة تنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية» وغيرها من الإجراءات ذات الطابع المؤسساتي. ومن جملة هذه الإجراءات هناك إصدار سلسلة من التشريعات والقوانين اللازمة لتأطير انطلاقة المشروع ومواكبة إنجازه، والإعلان عن طلبات إبداء الاهتمام الدولية، والتوقيع على الاتفاقيات الضرورية بين مختلف المتدخلين والفاعلين من أجل استكمال الإطار المؤسساتي لإنجاز المشروع المغربي المندمج للطاقة الكهربائية الشمسية. ويأتي اختيار مخترعي ورباني الطائرة الشمسية «سولار إمبولس» بيرتراند بيكار وأندري بورشبيرغ لمدينة ورزازات كآخر محطة لرحلتهما بالمغرب ليشكل حلقة إضافية مدعمة لردود الفعل الإيجابية المتجاوبة مع استراتيجية المغرب الطاقية، والتي ستجعله من بين الدول القلائل التي أبانت بالملموس عن انخراطها الفعلي في إنزال القرارات والتوصيات الصادرة عن اللقاءات الدولية وفي مقدمتها قمة ريو دي جانيرو سنة 1992.