التحولات الاجتماعية في العالم العربي ودور المجتمع المدني انطلقت، يوم أمس الاثنين بالرباط، أشغال الملتقى الجهوي الثاني لجهة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمجلس العالمي للعمل الاجتماعي الذي تنظمه على مدى يومين شبكة المغرب للمجلس العالمي للعمل الاجتماعي بشراكة مع رئاسة جهة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمجلس، في موضوع «التحولات الاجتماعية في العالم العربي، أي دور للمجتمع المدني؟». ويشكل الملتقى الذي ينظم أيضا بشراكة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وبدعم من مجمع المكتب الشريف للفوسفاط وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، فرصة للإعلان الرسمي من طرف الشبكات العربية للمجلس العالمي للعمل الاجتماعي عن إحداث «الجمعية العربية للعمل الاجتماعي». كما يشكل هذا اللقاء مناسبة لرئيس المجلس العالمي للعمل الاجتماعي لتقديم أهداف وبرنامج المؤتمر الدولي المقرر عقده بستوكهولم (السويد) من 8 إلى 12 يوليوز المقبل حول موضوع «العمل الاجتماعي والتنمية الاجتماعية: تدابير وتأثيرات»، فضلا عن تحقيق هدف مزدوج، يتمثل في إعطاء الانطلاقة لتفكير جماعي يخص مجالات بالغة الأهمية بالنسبة للتنمية البشرية المستديمة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتعرف على الأولويات والاختيارات الاستراتيجية للمنطقة بهذا الخصوص. وأكدت وزير التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي، في كلمة بالمناسبة، على الأهمية التي يكتسيها موضوع هذا الملتقى الجهوي على اعتبار الإشكالات التي سيطرحها للنقاش بغرض إيجاد الحلول المناسبة لها والكفيلة بتحقيق التنمية الاجتماعية المطلوبة بصفة خاصة. واعتبرت الحقاوي أن من شأن تحديد المفاهيم المرتبطة بموضوع التحولات الاجتماعية التي تؤسس عليها التصورات المساهمة في إيجاد الحلول للإشكاليات المطروحة على الصعيد المجتمعي، مؤكدة على الدور الذي يمكن أن يضطلع به المجتمع المدني بالمغرب في هذا الإطار من أجل ترسيخ دعائم الديمقراطية وتكريس الصورة الإيجابية للمغرب على المستوى الدولي، بالنظر بشكل خاص إلى الصلاحيات التي خولها الدستور الجديد للمجتمع المدني. وأبرزت الوزيرة أن المغرب تمكن بفضل تجربته الرائدة في مجال الإصلاحات من تقديم نموذج يجيب على الإشكالات المطروحة لتجاوز الأزمة التي أعقبت التحولات الجارية بالعالم العربي، مشددة على أهمية التعاون والشراكة بين كافة الفاعلين من أجل إرساء علاقة مسؤولة تستهدف تحقيق التنمية المطلوبة. من جهته، قال إدريس الكراوي، رئيس جهة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمجلس العالمي للعمل الاجتماعي، أن اختيار موضوع «التحولات الاجتماعية في العالم العربي، أي دور للمجتمع المدني» محورا للملتقى الجهوي الثاني ينبع من الأهمية التي تكتسيها المسألة الاجتماعية في خضم ما تعرفه المنطقة العربية، من تحولات مؤسسية واجتماعية عميقة، مؤكدا أن تنظيم هذا الملتقى يأتي ليترجم الالتزام الجماعي الوارد في إعلان الدارالبيضاء والمنبثق عن الملتقى الأول المنعقد في ماي 2011 من أجل مواصلة «معالجة القضايا الاجتماعية الجوهرية التي تعيشها المنطقة العربية»، ولفهم معالم التحديات التي تواجه العالم العربي واستشراف الأدوار المستقبلية للمجتمعات المدنية العربية قصد معالجتها. واعتبر أن الإشكالية التي سيعالجها هذا الملتقى تكتسي أهمية قصوى وذلك على اعتبار أن «البلدان العربية تعرف تحولات اجتماعية نوعية تنم عن بزوغ وتطور جيل جديد من الظواهر الاجتماعية «، التي تتمثل في تنامي منطق الفرد والفردانية وتطور مظاهر جديد من الفقر والعطالة وتنامي أشكال جديدة من العنف والاحتجاج وصعود بارز لفئتي الشباب والنساء داخل المجتمعات المدنية العربية، مضيفا أن تنامي هذه الظواهر يستدعي ضرورة المعرفة العلمية الدقيقة والشاملة للتحولات الاجتماعية والاحاطة ببعدها الثقافي. وبخصوص التحولات الاجتماعية بالمغرب، أكد الكراوي أن المغرب بدأ انتقاله الديمقراطي بصفة سلسة وهادئة وسلمية وتشاركية، وذلك قبل أزيد من عشر سنوات من حدوث ما يطلق عليه الربيع العربي. من جانبه، اعتبر كريستيان رولي، رئيس المجلس العالمي للعمل الاجتماعي، أن هذا الاجتماع سيكون فرصة لطرح الأسئلة الاجتماعية الملحة واستعراض المبادرات الاجتماعية في الدول العربية ودورها في التحولات الجارية، كما يشكل مناسبة لمناقشة سبل إحداث شبكات عربية تابعة للمجلس كما هو الشأن بالنسبة للشبكة المغربية. وقال إن كل بلد يمكنه إيجاد طريقته الخاصة لإحداث شبكته، وذلك في أفق وضع إطار يسمح بتوحيد جهود منظمات المجتمع المدني والكفاءات العربية العاملة في مجالات العمل الاجتماعي والتضامن بشكل عام والحماية الاجتماعية على وجه الخصوص، مبرزا أهمية التفكير الجماعي والعمل المحلي في تحقيق الاهداف المنشودة. ويتضمن برنامج هذا الملتقى تنظيم مائدة مستديرة حول التحولات الاجتماعية في الوطن العربي يتم خلالها تقديم تجارب عربية في هذا المجال تتطرق بالخصوص لمواضيع «الحركات الاجتماعية بلبنان في خضم الربيع العربي» و«الأدوار الوسطية للمجتمع المدني في ثورة الربيع: الحالة المصرية» و»الشباب والتحولات الاجتماعية بالمغرب: ملاحظات منهجية وخلاصات أولية». وتجدر الإشارة إلى أن المجلس العالمي للعمل الاجتماعي الذي أحدث سنة 1928 بأوتريخت بهولندا يعد منظمة ذات دور معترف به من لدن المؤسسات التابعة لنظام الأممالمتحدة، كما يعتبر أول منظمة عالمية غير حكومية حظيت بعضوية استشارية لدى نظام الأممالمتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها، وعلى رأسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. ويعمل المجلس العالمي للعمل الاجتماعي بالخصوص من أجل إقرار الحقوق الأساسية في التغذية والتربية والصحة والسكن والأمن الاجتماعي مع العمل على حمايتها.