التوزيع الزمني يؤجل عقد جلسة مساءلة رئيس الحكومة بمجلس المستشارين فوت مجلس المستشارين فرصة عقد الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة، بسبب جدل قانوني حول توزيع الحصة الزمنية بين المجلس ورئيس الحكومة، وتقرر في الأخير تأجيل عقد الجلسة إلى أجل غير مسمى، إلى حين التوافق حول كيفية عقدها. حوالي أربع ساعات من النقاش والجدل، هي المدة التي استغرقتها الجلسة العامة بمجلس المستشارين، التي كان يفترض أن تخصص لمساءلة رئيس الحكومة حول القضايا الكبرى، إلا أنها انفضت دون أن يتمكن بنكيران من الإجابة على تساؤلات المستشارين. وتبادلت الحكومة، في شخص الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، أولا، ثم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران فيما بعد، الانتقادات مع بعض مكونات المجلس حول التدبير الزمني للجلسة، واستمر الشد والجذب بين الطرفين أكثر من ساعة ونصف من الزمن، قبل أن يقرر رئيس المجلس الذي كان يرأس الجلسة رفعها للتشاور في الأمر. ودامت جلسة التشاور بين مكونات المجلس والحكومة أكثر من ساعة أخرى من الزمن، قبل أن يتفق الطرفان على تأجيل الجلسة، مع الاحتفاظ بالمحاور الثلاثة في جدول الأعمال. وكان واضحا منذ بداية الجلسة، التي تأخرت عن موعدها بحوالي نصف ساعة، حيث كان مقررا أن تنطلق في حدود الساعة الثانية والنصف ظهرا ولم تنطلق إلا في حدود الثالثة زوالا، أن الاتجاه يسير نحو التأجيل، لسبب بسيط أن ندوة الرؤساء التي كان يفترض أن تحسم في التوزيع الزمني، باعتباره نقطة الخلاف الأساسية، لم تتمكن من ذلك، ونقل النقاش إلى الجلسة العامة للحسم فيه. وقال رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله، في بداية الجلسة، إنه أمام صعوبة التوصل إلى توافق بين مكونات المجلس حول المساحة الزمنية المخصصة لكل طرف، فإنه تقرر عرض الأمر أمام الجلسة العامة للحسم فيه. وبينما تمسكت الحكومة بالمناصفة في الحيز الزمني للجلسة، أي أن تأخذ مكونات المجلس نصف الحصة الزمنية على أن يأخذ رئيس الحكومة النصف الآخر، انطلاقا من مبدأ التعامل بالمساواة مع مجلس البرلمان، أصرت فرق المعارضة بالغرفة الثانية للبرلمان على أن تمنح للمجلس ثلثي الحصة الزمنية، والثلث الباقي لرئيس الحكومة. الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، الذي قاد المفاوضات باسم الحكومة مع مجلس المستشارين أوضح في تدخله أنه من الضروري الاحتكام إلى ما تم بمجلس النواب، انطلاقا من أن الحكومة تريد التعامل مع المجلسين على قدم المساواة، دون تفضيل أي من المجلسين على الآخر، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة، وافق على تمديد الحصة الزمنية للجلسة المخصصة لمساءلته من طرف المستشارين لتصل إلى 4 ساعات وربع الساعة، وذلك نزولا عند رغبة أعضاء المجلس، وخلافا لما كانت عليه الجلسة المماثلة بمجلس النواب التي لم تدم سوى 3 ساعات ونصف فقط. كما انه لم يعترض على أن تشمل الجلسة ثلاثة محاور، تتعلق بالحالة الاقتصادية والأزمة المالية بالبلاد والرشوة ومحاربة الريع، والانتخابات، عوض محورين، كما كان الشأن في جدول الأعمال السابق. غير أن فرق المعارضة، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، أصرت على التوزيع الزمني الذي يأخذ بمقتضاه المجلس ثلثي الحصة، ثلث للأغلبية وثلث للمعارضة، ولرئيس الحكومة الثلث الباقي. وخلال النقاش حول هذه النقطة الخلافية، انتبه المستشارون إلى أن وقائع الجلسة لا تبث على شاشة التلفزة، لينضاف هذا الخلاف إلى النقاش بمطالبة الحكومة بضرورة نقل وقائع الجلسة مباشرة على التلفزيون، ولم تهدأ الأمور إلا بعد أن أخبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عن بداية بث وقائعها على الشاشة. فيما ظل الشد والجذب بين الطرفين حول التوزيع الزمني. وأمام عدم وجود توافق بين الأطراف، اضطر رئيس المجلس، بطلب من الفرق والحكومة إلى رفع الجلسة، والدعوة إلى عقد اجتماع بين رؤساء الفرق والحكومة للحسم في الموضوع. وامتد الاجتماع لساعة أخرى، قبل أن ينفض على قرار تأجيل الجلسة إلى وقت لاحق دون تحديد يوم عقدها، والاحتفاظ بالمحاور المدرجة في جدول الأعمال. العديد من الفرق البرلمانية أعربت، خلال تدخلاتها المحدد في دقيقة لكل فريق، عن ارتياحها لقرار التأجيل، الذي سيمكنها من الوقت الكافي لمحاولة الوصول إلى توافق حول الخلاف، باستثناء فريق الأصالة والمعاصرة الذي عبر عن انزعاجه للتأجيل. وأكد عبد اللطيف أوعمو، باسم فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين إن المناصفة بين الحكومة والمجلس أمر محسوم فيه، مستغربا في نفس الوقت عن الأسباب التي دعت إلى اتخاذ قرار التأجيل. وقال أوعمو، إنه من الصعب أن نستسيغ ما حصل اليوم في هذه الجلسة الدستورية، والحيلولة دون أدائها لوظائفها، مشيرا إلى أنه لا يمكن تقبل قرار التأجيل بذريعة وجود فراغ قانوني، معلنا تحفظه على تأجيل الجلسة، متسائلا عما يمنع من عقدها. وشدد أوعمو «على ضرورة الاعتذار للشعب المغربي على عدم عقد جلسة المساءلة الدستورية لرئيس الحكومة، لأن الجميع، بحسبه يتحمل مسؤولية ضمان استمرار البرلمان في أداء دوره. وفي تدخله تمسك عبد الإله بنكيران بمبدأ المناصفة في الحيز الزمني، وعدم تنازله ولو على دقيقة واحدة. وبرر رئيس الحكومة تمسكه بأن الظرفية التي تعيشها البلاد تفرض عليه مخاطبة مستشاري الغرفة، وعبرهم الرأي بالعام لشرح الأمور بالتفصيل. وقال بنكيران كان من الممكن أن أطلب لقاء تلفزيا، ولكني آثرت أن أخاطبكم ومن خلالكم الرأي العام حول العديد من القضايا، وفي هذه الحالية يلزمني الوقت لذلك. وأعلن أنه لن يتنازل عن نصف الحصة الزمنية «إلا بوجود قرار من المجلس الدستوري».