الطريق الوعر إلى قلوب الرجال سمعت من جل الأفواه أن الرجال يُشَبّهُونَ الفتاة بالطّبق وهم يحرّكون راحة أيديهم في التعبير عن الأنثى المكتنزة لحْماً، فداومتْ على تناول عقار يفتح شهية الأكل ويُسَرّعُ السّمنة. لكن عوض أن يكتنز جسدها لحْماً، انحصرت السّمنة في عنقها ووجهها. وهذا ما ضاعف نفور الرّجَال منها ولم يشفع لها سوى استثمارها لثروة عائلتها للإيقاع بالخُطّاب الذين اشترطوا الحصول على حقّهم من الثروة قبل توقيع العقد. لكنها أيقنت، مع كل خاطب، بأنها لم تكن توقع في الشباك غَيْرَ أزماتها المُتَجَدّدة: فقد كان الخُطّاب الذين يدخلون من الباب الخلفي يأخذون حصصهم ويخرجون من الباب الأمامي. ما بين الحب والزواج لاح لها رجل في البعيد. رجل، أمام عينيها، كزوجها فابتسمت للاحتمال. رجل، في خيالها، كحبيبها الأول فخفق قلبها بقوة. لوحت بيدها اليمنى لزوجها منتظرة إياه في مكانها. وجرت، في خيالها، إلى حبيبها كطفلة تمكن منها الهياج فعَدَتْ حافية القدمين غير عابئة بالأشواك المنثورة على الأرض وشظايا الزجاج المكسور. صافحها زوجها واحتفظ بيدها بين يديه. عانقها حبيبها وغاب وجهه تحت شعرها المخبل. قبلها زوجها على جبينها. وقبلها حبيبها على شفتيها. سألها الزوج عن أحوال البيت. وسألها الحبيب عن أسباب الغياب. قال لها زوجها: «مرحى بالنعيم الذي يبشر بنهاية زمن غيابات القلب!». وقال لها حبيبها: «هذه ليلة حياتنا فقد لا نلتقي أبدا بعدها!». دس الزوج خاتما ذهبيا جديدا في وُسْطَاها بجوار ذهبيتي الخنصر والبنصر. ودس الحبيب وردة حمراء بين خصلات شعرها الغجري، فوق أذنها اليسرى. قادها زوجها إلى المطعم الفاخر المجاور وخيرها بين أشهى الأطباق وأبذخ السلطات وسدد الفاتورة. وقادها حبيبها إلى الغابة المجاورة وفرش لها سُتْرَتَهُ واحتضنها بذراعيه تحت فضية نور القمر المتسلل من بين أوراق الأشجار.. أعطاها حبيبها صورته فدستها تحت صدر قميصها ليقبلها قلبها مع كل خفقة في كل ثانية. وأعطاها زوجها صورته فعلقتها على جدار الصالون ودخلت المطبخ تاركة إياها تبتسم مُرَحّبَةً بضيوف البيت. قانون الإسكيمو على قمة «جبل النهايات»، تعارفا في حفل مهيب أقامته قبيلتهما للعجوز والشيخ اللذين صارا عبئاً على القبيلة ، قبل دحرجتهما إلى الذئاب المتضورة جوعا في السفوح. تبادلا نظرات العشق ولمسات الغرام وعناق الهيام وقبلات الهوى وتواعدا على الزواج. قال لها: - سأكون ذراعك الذي يحقق لك ما تريدين وقالت له: - سأكون ظهرك المصون من كل الطعنات وحين باغتها في فراشه مع ابن عمها، أصيب بالشلل النصفي فسقط متكورا على الأرض لا يقوى على الحركة. ولهول الصدمة، بُطلَتْ ذراع المرأة وساقها فلم تقو على النهوض من الفراش... بينما تمكن ابن العم من الفرار عاريا نحو مجلس القبيلة ليخبرهم بالتحضير لحفل مهيب على قمة «جبل النهايات» للمشلوليْن اللذيْن صارا عبئا على القبيلة لدحرجتهما للذئاب المنتظرة في السفوح.