الأكيد أن الإعلان المفاجئ للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن برمجة مباراة إعدادية الجمعة المقبل أمام السنغال، يثير عدة تساؤلات حول طريقة عمل المسؤولين داخل الجامعة فيما يتعلق بالمنتخب الوطني، خاصة وأن «أسود التيرانغا» كانوا مرشحين لمنازلة المنتخب المصري بمراكش. الكل تفاجئ بإدراج موقع الجامعة للخبر، في وقت كثر الحديث عن توتر بين الاتحاد المصري لكرة القدم وجامعتنا بخصوص معسكر «الفراعنة» بالمغرب. هذه المعطيات تدل على وجود ارتباك واضح داخل أروقة الجامعة، وأن العمل يتم بطريقة عشوائية «يصدق ولما يصدقش» ليس ذلك مهما، بل إن الخطورة في هذا الأمر تتجلى في التسيير الانفرادي لبعض الأعضاء الذين يتخذون قرارات حتى دون التشاور مع رئيس الجامعة نفسه. وبالتالي لن نتعجب من تداول أخبار متفرقة ومتضاربة عن خصوم كثر للفريق الوطني استعدادا لتصفيات مونديال البرازيل 2014. الجامعة بطريقة غير واضحة في العمل، جعلت الصحافة تتحدث عن لقاء ودي في ماي أمام غانا والبعض رشح زامبيا، وغينيا كوناكري، لكنها ما تلبث أن تقبر في كواليس الجامعة، علما أن التاريخ المذكور لا يتضمن أي تاريخ يسمح بإجراء مباراة ودية بين المنتخبات حسب جداول الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا)، وكانت آخر الأخبار تربط نادي مونبولييه بالفريق الوطني قبل أن تفاجئنا جامعة الكرة ببرمجة لقاء السنغال. بيد أن الموضوع الأكثر حساسية هو ما حصل للمنتخب المصري الذي تفاجأ باعتذار الجامعة المغربية عن استضافة معسكر «الفراعنة» الإعدادي للتصفيات المونديالية، رغم أن مسؤولينا عبروا عن قبولهم لاستضافة الأشقاء المصريين، قبل أن يتم نسف عملية الاستقبال من لدن عضو جامعي حسبما يقال، والسبب لم يكن سوى جهله للغة العربية وعدم قدرته على فهم فاكسات الاتحاد المصري. في المقابل، لا يسعنا إلى الإعجاب بالاتحاد المصري الذي رغم مشاكله، نجح في تدارك الموقف وإصلاح ما اقترفته الجامعة المغربية، بعدما نقل معسكره على وجه السرعة إلى السودان، وخاض مباراة أمام الكاميرون، وسيواجه اليوم الطوغو، ورغم ذلك لم نلمس أي ارتباك في الجانب المصري. فما السر وراء هذا النجاح؟... وفي الوقت الذي كان على الجامعة أن تحاول تصحيح خطإ أحد أعضائها، فإنها قامت بعمل يؤكد بالملموس أنها لا تحترم قواعد العمل المنظم، وتوسدها فقط ثقافة الارتجال في عملها، عندما قامت الجامعة ببرمجة السنغال كخصم ل «أسود الأطلس»، علما أن جامعتنا تعلم أن السنغاليين كانوا خصوما للمنتخب المصري، إلى درجة كادت فوضوية الجامعة تتسبب في شبه قطيعة بين وصاة الكرة بالبلدين الشقيقين نحن في غنى عنها. الواقعة ليست الأولى ولا تتعلق فقط بالفريق الأول.. فقد سبق لجامعتنا أن أضاعت على المنتخب الأولمبي فرصة خوض مباراة ودية أمام نظيره الإسباني، والذي تشاء الصدف أن يكون الخصم الأقوى للأشبال في الأولمبياد، عقب تأخرها في الرد على الاتحاد الإسباني للعبة، والغريب أن الإسبان واجهوا أولمبيي «الفراعنة»، وكأن الأمر تصفية حسابات كروية بين البلدين تحت شعار (واحدة بواحدة). مونبولييه بدوره «حدوثة» من «حدوثات» الجامعة، فمنذ مارس ظهر خبر يقول إن الناخب الوطني إيريك غيريتس قرر برمجة مباراة ودية أما مونبولييه، وهو ما تم الحديث عنه إلى حدود الجمعة الماضي، علما أن الحديث الرائج يعزو إلغاء اللقاء إلى عضو جامعي فاوض بشكل شخصي مع النادي الفرنسي، ما تسبب في إغضاب الشركة المنظمة لمباريات المنتخب، فكانت النتيجة أن أفسد ذاك العضو فرصة زيارة أبطال فرنسا للمغرب. إن سياسة ارتباك الجامعة ليس وليد اللحظة كما سلف ذكره. فالملاحظ أن جهاز علي الفاسي الفهري لا يمتلك خبرة في التخطيط المسبق، وأن ما وقع الآن سيتكرر في قادم الأيام. لكن .. وكما يقال «رب ضارة نافعة»، فالفريق الوطني على الأقل سيواجه منتخبا إفريقيا، بدل أن يواجه ناديا أوربيا، وهو المقبل على غمار منافسات إفريقية، فهي الحسنة الوحيدة لثقافة الارتجال وسياسة الارتباك بجامعة الكرة.