على حين غرة، وعلى إيقاع الوجع القاسي، ينفلت من بين أضلعنا، المبدع والكاتب والصحفي المغربي الكبير، الأستاذ عبد الجبار السحيمي الذي أسلم الروح إلى بارئها فجر يوم الثلاثاء 24 أبريل، بعد معاناة مريرة مع المرض أقعدته الفراش لمدة، وأيضا بعد حضور قوي ومؤثر في الساحة الثقافية والإبداعية والصحفية الوطنية، على مدى خمسة عقود ونيف من العمل الدؤوب والمراهنة على ترسيخ قيم المواطنة الأصلية الحية في المجتمع وفي الحياة الثقافية والسياسية. لقد جسد فقيدنا رحمه الله، عبر حياته في مجال كتابة القصة والكتابة الصحفية، إبدالات شديدة الوقع والتأثير في القارئ، من خلال أفكاره وآرائه ومواقفه النضالية العميقة، مترجماً بذلك روح ومسارات جيل ما عبد الاستقلال، إلى جانب الدفاع عن قيم الاختلاف والتجديد والالتزام وتأسيس الرأي الحر النابع من ضرورات الدفاع عن هوية متفتحة على الواقع وعلى الآخر دون استلاب أو مواربة، كما عبرت عن ذلك أعمدته المؤثرة في جريدة «العلم»، وتدخلاته ومواقفه الكثيرة في اجتماعات اتحاد كتاب المغرب وفي ندواته ومؤتمراته، هذه المنظمة التي يعتبر المرحوم والفقيد الغالي من مؤسسيها ومن المسؤولين الأوائل في مكاتبها المركزية، كما يعتبر من مجددي كتابة القصة القصيرة في المغرب منذ صدور مجموعتيه «مولاي» و»الممكن من المستحيل» في أواسط الستينيات. فضلا عن ذلك، صدر للكاتب الفقيد كتاب بعنوان ب «بخط اليد»، عن منشورات شراع بطنجة، في إطار سلسلة «كتاب الشهر». وله أيضا أيضا مساهمة في كتاب جماعي بعنوان «معركتنا العربية ضد الاستعمار والصهونية» الصادر عن مطبعة الرسالة بالرباط، عام 1967. كما أصدر الأديب الفقيد، رفقة الأستاذين محمد العربي المساري ومحمد برادة، مجلة «القصة والمسرح» سنة 1964، كما كان مديرا لمجلة 2000 التي صدر عددها الأول والوحيد في يونيو 1970، فضلا عن اشتغاله رئيسا لتحرير جريدة العلم ومديرا لها، قبل أن تتوفاه المنية. رحم الله الفقيد، وعزاؤنا إلى أسرته وأصدقائه وإلى إخوته في حزب الاستقلال، وعزاؤنا أيضاً إلى كافة المبدعين المغاربة الذين يفقدون فيه وفي رحيله، سنداً قوياً، وصوتاً شهماً في ممارسة حق الكتابة والاختلاف.