أول أمس السبت حضرت احتفاء الرفاق في آزرو بذاكرتهم، وببهاء الحكاية في سيرهم النضالية.. الليل أحمر هنا في الأطلس الشامخ، وفي حضرة الضيافة الأمازيغية وبين الرفاق... لقد أصر المعتقلون السياسيون السابقون المنتمون لمجموعة آزرو، والأعضاء في حزب التقدم والاشتراكية على تجديد اللقاء فيما بينهم، في ذكرى مغادرة السجن... التقوا، وجاءوا بأغلب الرفاق، وأيضا برفاقهم في السجن من المناضلين الاتحاديين، ومن مناضلي اليسار المغربي، ودعوا أطرا حزبية ومناضلين وأصدقاء ليشاركوهم ليلة الاحتفاء وسط أرز آزرو الذي أحبوه، وعشقوا تربة وطنهم، وأخلصوا لشعبهم... هنا تجاورت القلوب، والأجساد الشامخة كانت تماثل الأرز وزيتون هذه الأرض الطيبة، وأصر المناضلون أن يكونوا جديرين بشرفهم وبالحياة... تحلق الكل حول موائد البهاء، وتساءلوا: من نتذكر؟ ومن أين نبدأ الحكاية والكلام؟ قدموا إلى آزرو هذا المساء حجا وسعيا إليها من مناطق مختلفة رمتهم إليها ظروف العمل والحياة، وضمنهم من لم يحدث بينهم اللقاء منذ أزيد من عشرين سنة إلى أن بادر المناضلان مصطفى عديشان وكريم نايت لحو لذلك... عندما وقف الوقت وسطهم يعلن بدء الكلام، سكتوا كلهم، بعضهم فضل البكاء، وبعضهم عانق وقبل الجميع، وجميعهم استسلموا لكل انزياحات اللحظة، ولأحمر المساء، وتولى المجلس رسم كل تفاصيل الحكاية، وكان الليل الأطلسي والموال الأمازيغي سيدين للمعنى، ولا يتيحان الجلوس لأحد. كم كان شامخا فرح الكبير الشامخ حوسا القادم من خنيفرة إلى الرفاق، وكم كان مثيرا للحكمة فرح الشريف البلغيثي، وصمت محمود لخصاصي، ودمع عزيز الفلاحي، كما كان احتضان الرفاق للرفاق باعثا على الصمت أكثر من الكلام، إنه صمت تحية، وبلاغة تقدير. سقطت بطائق العضوية هذا المساء وبقي الموقف والمبدأ... لم ينقص حماس هؤلاء المناضلين، ولم يتراجع عنفوانهم، ولم ينسوا الرفاق الذين رحلوا، وتضحيات أسر وأمهات المعتقلين، وتضامن ومساندة المناضلين، كما لم يحفلوا بالساقطين في منعرجات الطريق، وكل الكؤوس رفعت هذا المساء نخب الحكاية الملحمية. وحيث لا يتسع الحيز هنا لجرد الأسماء كلها، فقد ناب عديشان أكثر من مرة وذكر الكل بالاسم والعنوان ووزع قوائم للحفظ ولعدم النسيان، وفرح راقصا وسط الرفاق كلهم، وكان نايت لحو وأعضاء فرع الحزب بآزرو يطوفون على الحاضرين فرحا وانزياحا وبهاء... استحضروا الذاكرة وثنايا الذاكرة، وتذكروا من رحلوا، وتعاهدوا أن يذكروهم باستمرار... ولما توحدت القلوب والخواطر داخل اللحظة، صدح الغناء الأمازيغي يحتفي بشموخ الجبال وبالناس، وينساب في سواكن الجسد والروح يعلن تحلق هؤلاء حول بعضهم وإصرارهم على القبض على ذاكرتهم، وعلى بقية الحكاية، وعلى المعنى. شكرا للرفاق على الدعوة، وعلى السماح لنا بمتعة الحكاية.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته