اليوم يفتتح حزب التقدم والاشتراكية أشغال مؤتمره الوطني الثامن ببوزنيقة، بحضور حوالي ألفي مندوبة ومندوب من مختلف الفروع والقطاعات... يلتقي المناضلون إذن بعد شهور من الإعداد والمناقشات والأعمال التنظيمية والتحضيرية، ويعلنون بداية المؤتمر... الرفاق من عدة أجيال، جاؤوا من مناطق جغرافية مختلفة ومن تجارب نضالية وحياتية متباينة، ويجتمعون هنا في المؤتمر لتدارس قضايا سياسية واقتصادية وفكرية تهم البلد كله، وتعنى بقضايا شعبهم، وسيبحثون أيضا في مختلف أمور حزبهم ومستقبله. سيناقشون، سيختلفون، سيعلقون، سينتقدون، سيصوتون، وفي النهاية سيرسمون طريق المستقبل لحزبهم، وستكون الطريق نتاج تفكيرهم واجتهادهم كلهم... الرفاق في المؤتمر.. عندما تكثر الانتهازيات في الحقل السياسي، وتعلو الركاكة والزيف ورطانة الكلام، ويتوسط الأدعياء الحلبة، يتعبأ الرفاق لاستعادة النبل والرفعة للسياسة وللعمل السياسي.. عندما تختلط الأوراق على الناس، ويلتبس عليهم الفرق بين الحقيقي والزائف، ويصير من الصعب على الكثيرين تبين الحدود والمسافات، هنا ينهض الرفاق لمواصلة النفخ في نار الموقد لتبقى مشتعلة دائما، وحتى تعود السياسة إلى نبلها... الرفاق يعلنون: "أيها النبل، إنك موجع نازف" ولهذا هم في المؤتمر يرفضون السقوط بالكلام وبالموقف، عمدا أو سهوا، من النص إلى هوامشه. الرفاق هنا متماسكون، موحدون، بفرح وود، وأرض حزبهم تسع الجميع.. الرفاق في المؤتمر... الوقت للأفكار، للاجتهاد، للإبداع في التحليل وفي النضال وفي رسم الأفق لشعبنا... الرفاق يناقشون، يبحثون، يتدارسون، بروح ديمقراطية متحضرة... الرفاق هنا كلهم يتتلمذون على بعضهم البعض، ويحسنون الإنصات إلى ما يجري في المغرب من تحولات، وإلى نبض شعبهم، ويتذكرون الشعار الخالد "التحليل الملموس للواقع الملموس"... بروح رياضية يتقبل الرفاق آراء بعضهم البعض، وبموضوعية وهدوء يناقشونها... الرفاق هنا جميعهم يريدون لحزبهم أن يتجدد باستمرار فكرا وسياسة وتنظيما وهياكل، ومع انطلاق مؤتمرهم الثامن تأملوا في عمر المسيرة الذي زاد عن ستة عقود، وتذكروا كل الذين رحلوا، كما تذكروا أن البيت مع ذلك بقي قائما وموحدا، ثم شرعوا في أعمال المؤتمر، بقناعة قوية أن الاختلاف يمكن أن يحدث بشأن هذه القضية أو تلك ، وحول هذا الموقف أو ذاك، لكن قطعا الكل يصطف في عمق النص وليس في الهامش لحماية البيت الجماعي... النقاش لدى الرفاق يكون بقلوب حارة، وبرؤوس باردة، وبعقول منفتحة... وهنا الرفاق غير حائرين، إنما مدركون لمعنى الشعار الموضوع لمؤتمرهم الثامن، ومدركون لدورهم كلهم في صنع التحدي، وكسب المعنى للأشياء الجميلة التي توحدهم، ولمعنى حب الناس والارتباط بهم وبقضاياهم، وبأحلام وطننا وتطلعاته... الرفاق في المؤتمر... انطلقت الأشغال...