كانت كل التوقعات على أرض الواقع تؤكد أن حزب التقدم والاشتراكية، سيحتل مراتب متقدمة في انتخابات 25 نونبر الجاري، بالنظر إلى نوعية وطبيعة الحملة الانتخابية التي نظر إليها مختلف المتتبعين كونها متميزة، اعتمدت مقاربة تواصلية حديثة، في شرح مضامين البرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية الذي وضعه على شكل التزامات واضحة مع الناخبين، وكان من أبرز الأحزاب السياسية حضورا قبل وخلال الحملة الانتخابية. وفي ما يشبه التسابق مع الزمن، سارع قياديو حزب التقدم والاشتراكية منذ الساعات الأولى من مساء يوم الجمعة، إلى المقر المركزي للحزب الذي كان غاصا بالمناضلين والمناضلات، ولجنة تتبع نتائج الانتخابات التي تتشكل من طاقم تقني تسمر خلف شاشات الحاسوب وسماعات الهاتف في انتظار أولى المكالمات التي قد تكون مبعث أمل على أن الليلة لن تمر كسابقاتها، وأن الهدوء الذي يسود عادة ليالي هذا الحي الراقي المتواجد بطريق زعير، سيتكسر تباعا لكل رنة هاتفية تأتي من الفروع الإقليمية التي كانت معها في اتصال مستمر حول كل المستجدات. عندما كان يعلن عبر شاشة التلفاز التي كانت مثبتة على جدار بداخل قاعة المرحوم علي يعته، النتائج الجزئية للفائزين في استحقاق 25 نونبر، يسود صمت رهيب ليليه بعد ذلك، في حال كان الإعلان عن المقعد الفائز لإحدى لوائح حزب التقدم والاشتراكية، كلمات التهنئة والتبريك، ويظهر الانشراح على وجوه الرفاق والرفيقات، وكانت هذه الحالة تتكرر كلما أعلن عن فوز مشرحي حزب التقدم والاشتراكية. في المقابل كانت حالة من القلق والتوتر تعلو وجوه الرفاق كلما كانت النتائج بغير المتوقع خاصة عندما يتعلق الأمر بدوائر كان حزب التقدم والاشتراكية من بين المنافسين البارزين على أحد مقاعدها. مصطفى عديشان عضو المكتب السياسي للحزب المسؤول عن قطب التنظيم، لم يخفي مفاجأته بهذه النتائج التي كانت إلى حدود الساعة الواحدة ليلا لا تتجاوز خمس مقاعد، خاصة يقول مصطفى عديشان، في تصريح لبيان اليوم، عندما يتعلق الأمر ببعض الدوائر التي كان يراهن الحزب على الفوز بأحد مقاعدها، لكنه في نفس الوقت كان يمني النفس بأن يحمل القادم من الساعات، أخبارا سارة، تبدد قلقل الرفاق، وتنصف حزب التقدم والاشتراكية الذي يشكل مدرسة سياسية متميزة في الحقل السياسي المغربي. كان خبر انتشار ظاهرة المال الانتخابي، الذي كان يأتي بين الحين والآخر من مسؤولي الفروع الإقليمية ببعض الدوائر، يزيد من حدة التوتر وسط قيادي حزب التقدم والاشتراكية، وكان مصطفى عديشان كلما توصل بشكاية من مسؤولي الفروع المحلية والإقليمية كان يحيلها مباشرة على المصالح المختصة بوزارة الداخلية، التي كانت تتجاوب معها بشكل إيجابي، وذكر لبيان اليوم، أن أغلب هذه الشكايات كانت خلال الفترة الأخيرة من عملية التصويت، أي ما بين الساعة الرابعة والساعة السادسة من مساء الجمعة، حيث تحرك سماسرة الانتخابات بشكل مكثف وقوي في تحد سافر لإرادة الشعب المغربي. لكن في نهاية المطاف، أن تلك الممارسات، وإن كانت حاسمة في بعض الدوائر، فإن اقتراع 25 نونبر يقول مصطفى عديشان، لم يكن كسابقه، وأن الدولة تدخلت في مجموعة من الحالات بالحزم الضروري، وأنه على العموم فإن الشعب المغربي عبر عن إرادته من خلال نسبة المشاركة التي تجاوزت ال 45 %، وأن هذه النسبة، في نظر عديشان، هي تأكيد على نجاح هذه الانتخابات الأولى من نوعها بعد إقرار الدستور الجديد. على مدار الساعة طيلة هذه الليلة، كان المقر المركزي للحزب، يدب بالحركة، وكان الرفاق يتقاطرون تباعا لمعرفة الجديد، والتأكد من بعض النتائج التي تناهت إلى علمهم، وفي الساعة الحادية عشرة التحق الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله الذي كان يتابع النتائج الأولية بوزارة الداخلية، جال بين الرفاق، وتقاسم معهم آخر المستجدات، وبدد الشك في بعض النتائج عندما أكد تقدم الحزب في كل من تاونات تيسة، وصفرو وخنيفرة وسيدي قاسم والجديدة وسيدي بنور والرشيدية وغيرها من الدوائر التي حاز فيها الحزب وفق النتائج الأولية على أحد مقاعدها البرلمانية.