احتفاء باليوم العالمي للشعر، نظمت ثانوية الكندي التأهيلية بمدينة الفقيه بن صالح، بتنسيق مع جمعية آباء وأولياء تلاميذ نفس المؤسسة صبيحة شعرية، بقاعة العروض على الساعة العاشرة صباحا. قدم في البدء رئيس جمعية الآباء الأستاذ عبد المجيد صبري كلمة باسم الجمعية؛شاكرا فيها الحضور والشعراء الذين لبوا نداء عبد الله راجع الذي درس بهذه المؤسسة في أوائل السبعينات من القرن السالف، وديوانه «الهجرة إلى المدن السفلى» يدل على ذلك كما يقول الأستاذ صبري، وأن الجمعية ستدعم كل نشاط ثقافي هادف، لخلق تقاليد ثقافية بالمؤسسات التربوية ما أحوج الكل إليها. وفي نفس الآن تواصلت الكلمة مع ناظر المؤسسة الذي أثنى على هذا اللقاء الذي له رمزيته الثقافية والشعرية في هذه اللحظة، كما شكر بحرارة الشعراء الحاضرين، باعتبارهم وسائط، نسافر من خلالها في الشعر، ليتولى الأستاذ المحجوب عرفاوي تنظيم خيوط هذه الصبيحة بكلمة أولى في حق الشعر، باعتباره مسيرة إبداعية خلاقة في حياة الشعوب والإنسانية، وهو بذلك على صلة قوية بالوجدان والمخيلة.» وإذ نلتقي اليوم في هذه الصبيحة الشعرية حول روح الشاعر عبد الله راجع؛ فلأنه مر من هنا وترك أثرا للمشي، بل يعتبر من خيرة الشعراء الممثلين للقصيدة المغربية المعاصرة بحق» كما يقول المحجوب عرفاوي. يعني ذلك في أفق هذه الصبيحة الانتساب للمعنى الشعري العميق والجميل. ليعطي الكلمة للشعراء: صالح لبريني، فتح الله بوعزة، عبد الله بن ناجي، عبد الغني فوزي الذين قرأوا قصائد مختلفة النبرات والتشكيل التخييلي والرؤيوي. فهذا الشاعر صالح لبريني في اندغام مع جغرافية مكان خال يدل عليه في القصيدة. في حين يستحضر الشاعر فتح الله بوعزة الرموز التراثية لتشخيص مفارقات سياسية في دقائق شعرية. أما الشاعر عبد الله بن ناجي، فقد استحضر سؤال الموت من خلال رثاء أبيه في قصيدة أسكنت القاعة فسيح الصمت. وفي نفس النبرة المأساوية تأتي قصيد «لو تكتبين...» للشاعر عبد الغني فوزي، مستحضرة سؤال اليومي والحرب بأشكالها المختلفة والملونة. تعددت النبرات والصيغ الجمالية في إنصات عميق إلى حد إنصات الشاعر لنفسه. وهو سر تعدد الشعر وتخلقه الداخلي كما يعلق الأستاذ المحجوب عرفاوي. أما الشق الثاني من هذه الصبيحة، فقد قام بتأثيث فضائه الأستاذ عبد الغني فوزي الذي قدم للحضور ثلة مبدعة من صفوف تلاميذ ثانوية الكندي التأهيلية وهم: ياسر نحيلي، ماجدة لعماري، سامية المعطاوي، الشرقاوي الهذياني، جدوي فاطمة الزهراء. أصوات واعدة أثبتت حسا إبداعيا متعدد المظاهر في تلمس النفس السردي في الشعر، والكتابة بالرموز، ورحلة البحث في الحلم عن قيم الجمال والحرية. إنها محاولات تذكر دائما بالبدايات الطرية التي تبحث عن مجراها في اللغة والتخييل. ومثل هذه اللقاءات بإمكانها أن ترفد هذه التجارب العنيفة والمنفلتة في الكتابة، لتتجذر في الأراضي الإبداعية المترامية كما الموج كما يقول عبد الغني فوزي. وفي الأخير، تختتم هذه الصبيحة الرقيقة والجميلة بشهادة الشعراء الحاضرين بتوزيع جوائز رمزية على التلاميذ المبدعين. وقد خص الشاعر فتح الله بوعزة الحضور ككلل بنسخ من ديوانه «قاب كأسين من ريحه» كعربون محبة لهذه الثانوية التي مر منها بدوره. فكانت اللحظة مكتنزة حقا بدفق من المشاعر يرفد الماضي بالحاضر من أجل المستقبل كما يريده الشعر.