«أميرة المريخ» آخر أفلام «والت ديزني» «أميرة المريخ» الفيلم الأحدث لشركة «والت ديزني» التي أصبحت تنطوي على ارث كبير وهام في إنتاج الأعمال السينمائية المتجذرة في عالم الخرافة الجميلة. العمل مقتبس من رواية للكاتب المشهور ادغار رايس بورو الذي حقق شهرته في الفن من خلال ابتكاره شخصية «طرزان» التي تحولت رمزاً اسطورياً على الشاشة الكبيرة ومعيناً لا ينضب للكتاب والمخرجين. وكان بورو قد نشر هذه الرواية في العام 1912 وجذبت جمهوراُ واسعاً نظراً إلى قدرتها على مخاطبة المخيلة المعاصرة. العلامة الفارقة التي تميز هذا العمل، انه يستمد حبكته السينمائية من الخيال العلمي ومن الخيال الخرافي في آن. لا يمكن ادراجه في خانة الخيال العلمي الصرف لأنه ليس كذلك. كما لا يمكن اعتباره خيالاً خرافياً صرفاً لأنه ليس كذلك ايضاً، يجمع الكاتب بين العالمين بحيث يكمل الخيال العلمي مثيله الخرافي. ولعل أحد الخيالين يمد الآخر بأسباب التألق والابهار والاقناع اذا جاز التعبير، كلما بلغ احدهما حد المأزق أو كاد ان يفعل ذلك. وفي كل الأحوال، تبدو الرواية، في شكلها السينمائي، مشحونة بالمشاهد التي تخطف الأنفاس وذلك بوتيرة متسارعة لا يشوبها الملل والتكرار. يبدأ الفيلم بأن تجد الشخصية الرئيسية فيه، وهو مقاتل سابق، على سطح كوكب المريخ. المفاجأة الثانية التي تعقب هذا المشهد، انه يقع في حب فتاة مريخية اسمها الاميرة ديجا توريس. صحيح ان الرواية نشرت للمرة الاولى منذ مئة عام، غير أنها اكتشفت من جديد في العام 1976، عندما عثر عليها مصادفة المخرج المعروف اندرو ستانتون. ومنذ ذلك التاريخ بدت قبلة أنظار شركات الانتاج السينمائي وهدفاً مغرياً للغاية من قبل مخرجين كثر. ومع ذلك لم يقيض لهذا الاقتباس ان يبصر النور إلا في العام 2012، عندما عقدت «والت ديزني» العزم على تنفيذها للشاشة الكبيرة، لا يولي الكاتب أهمية استثنائية للأدوات التقنية المتطورة التي غالباً ما تستخدم في أفلام الخيال العلمي. ولا مأخذ عليه في هذا السياق، خصوصاً وأنه نشر الرواية في العقد الثاني من القرن المنصرم، ولم يكن وقتئذ الاخراج السينمائي قد حقق هذه النقلة. وآثرت «والت ديزني» ان تحتفظ بالأجواء الأصيلة للرواية من دون ان تتعمد انواعاً من الاضافات ذات التقنية المعقدة. على سبيل المثال، تستخدم السيوف التقليدية بين المتقاتلين اضافة الى وسائل تقليدية اخرى لم تعد تلجأ إليها الأفلام الحديثة التي تعالج فضاءات الخيال العلمي. ولا ينطبق هذا الأمر على أجناس الحيوانات التي تظهر في الفيلم، إذ تتخذ هذه الأخيرة اشكالاً خرافية غير مسبوقة تنتمي في غموضها الى الغموض الذي يلف كوكب المريخ. تنتمي هذه الرواية الى ما بات يُعرف في هوليوود باسم الاعمال التي تهرب من الواقع الحالي الى واقع آخر متخيّل، ولكن من دون أن تنعدم الصلة كلياً بين الواقعين. ذاكرة الفيلم منفتحة على خيال واسع لا تحده حدود ولا تقف في وجهه عراقيل. وكأن هذه الذاكرة باتت تشكل في حد ذاتها واقعاً قائماً في ذاته ولذاته.