دعا عدد من الباحثين? مؤخرا بالدار البيضاء? إلى العمل على تبيئة الشروط الكفيلة بإرساء مجتمع المعرفة كمدخل أساسي لإنجاح رهانات التنمية? وذلك من خلال تحديث المنظومة التربوية وتوفير الآليات لاستنبات المعرفة التكنولوجية والمعلوماتية. وأبرز هؤلاء الباحثين في ندوة حول «مجتمع المعرفة ورهانات التنمية»? في إطار فعاليات المهرجان الدولي للكتاب والنشر? أن مجتمعاتنا العربية ما تزال لم تجتز بعد شروط التخلف والتبعية? خصوصا على مستوى المنظومة التربوية والثقافية والعلمية? مما يؤثر سلبا على الانفتاح على التحولات التكنولوجية والعلمية الجارية? ويحول دون ترسيخ أسس مجتمع المعرفة. وفي هذا السياق? أوضح الباحث يحيى اليحياوي أن مجتمع المعرفة على المستوى العربي يعبر عن «ظاهرة»? ولا يعبر عن «بيئة» ملائمة لإرساء منظومة وأنساق معرفية علمية وتكنولوجية? مشيرا إلى هشاشة وضعف المساهمة والحضور على مستوى شبكة الأنترنت كما وكيفا? حيث أن «المرتكزات الكبرى لمجتمع المعرفة معاقة في مجتمعاتنا بسبب السياسات التعليمية والتكنولوجية? أو قاصرة على الولوج إلى هذه المعرفة واستنبات شروط» هذا المجتمع. واعتبر أن مجتمع المعرفة في الغرب يعكس تطلعات مجتمعات ما بعد الرأسمالية? حيث الوفرة في حين يظل هذا المجتمع خارج سياق التطور الطبيعي للمجتمعات العربية? بالنظر إلى الفوات التاريخي الذي تعاني منه? مضيفا أن مستوى التطور التاريخي والمجتمعي لا يسمحان بتطوير هذه المنظومة المعرفية والمعلوماتية? خصوصا وأن المواطن ما يزال رهين مشكلات التنمية وتوفير المستلزمات الدنيا للعيش. ومن جانبه? أكد الباحث محمد زرنين أن المدخل الأساسي لمجتمع المعرفة لن يتم إلا عبر الاهتمام بمنظومة التربية والتكوين وتطويرها من أجل التمكين وبناء القدرات وتوفير الظروف الملائمة لتوظيف الآليات العلمية وترسيخها وفق شروطنا التاريخية بالنظر إلى «أننا لسنا ملزمين بقطع نفس المسار» الذي قطعه الغرب. وأوضح أن مجتمع المعرفة يحضر من خلال السياسات العمومية على المستوى التقني في غياب أنساق موضوعية ملائمة لتطور الشبكات المعرفية والفكر العلمي في تجانس مع تطور البنيات الاجتماعية والثقافية. وبدوره توقف الأستاذ نور الدين أفاية عند مؤشرات التنمية المتدنية بالمجتمعات العربية? خصوصا على المستوى التعليمي? مشيرا إلى أن «المغرب يؤدي ثمنا باهضا للتأخر التراجيدي الذي بقي فيه في ما يتعلق بتعميم التمدرس الذي لم يتم إقراره إلا في بداية ثمانينات القرن الماضي? إضافة إلى الهدر المدرسي حيث لا يصل إلى الإجازة سوى 3 في المائة من التلاميذ المسجلين في سياق اتسم بتفجر مجال الثورة الرقمية». وعزا الباحث نور الدين أفاية سبب عدم تمكن المغرب? إلى حدود الآن? من إنجاح نموذج تنموي إلى «عدم الاهتمام ببناء نظام تعليمي ناجح وتنافسي وغياب طبقة وسطى وطنية مغامرة تضع أموالها في بلدها? وضعف جاذبية الاستثمار? وتأرجح الديمقراطية»? داعيا إلى ضرورة إرساء حكامة ديمقراطية تشاركية في جميع المجالات وعلى رأسها النظام التعليمي.