حكومة لبنان في عامها الأول يحاصرها تهكُّم الأكثرية ورفض المعارضة منذ عام تقريبًا وفي يوم الثلاثاء 25 يناير، تم إصدار مرسوم بتكليف رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة. وأثار ترشيح ميقاتي، وهو سني من طرابلس، احتجاجات في لبنان من أنصار رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري الذي كان يسعى لترأس الحكومة الجديدة، إذ تحولت التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت تحت شعار «يوم الغضب» في لبنان إلى أعمال شغب شملت اعتداءات على عدد من الصحافيين، فيما انتشر عناصر الجيش اللبناني بكثافة في المناطق التي اندلعت فيها الاحتجاجات لاحتوائها. وكان الآلاف من أنصار تيار المستقبل، الذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، قد نزلوا إلى شوارع عدد من المدن اللبنانية، أهمها العاصمة بيروتوطرابلس في الشمال، للاحتجاج على تأييد أغلبية نواب البرلمان لتسمية مرشح المعارضة ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة المقبلة. اليوم وبعد عام على تكليف ميقاتي، ما الذي تغير، ما هو موقف تيار المستقبل منه، وموقف أعضاء حكومته، ما هي المطبات التي تجاوزتها الحكومة خلال عام من أدائها؟ يرفض النائب عاطف مجدلاني (تيار المستقبل) أن يكون لدى الحكومة الحالية أي انجاز خلال عام كامل ويعدد لإيلاف ابرز إخفاقاتها فيقول: «إن إخفاقاتها كثيرة انطلاقًا من تخليها عن السيادة اللبنانية، عبر مساهمتها بالتخلي عن حدود لبنان للجيش السوري، ومساهمتها في إعلان لبنان دولة تأوي القاعدة وتصدِّر الإرهاب، وكذلك قطع الكهرباء عن الناس، وسكوتها عن المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري وعن من يحمي هؤلاء المتهمين، وعدم قيامها بأي أمر لجلب هؤلاء المتهمين إلى العدالة، وطبعًا سكوتها عن إعلان إيران احتلالها للبنان وإمكانية تحول لبنان إلى دولة إسلامية عندما تشاء، وسكوتها عند هذا الأمر، وتمهيدها الطريق لإعلان لبنان دولة إسلامية. لكن رغم الإخفاقات العديدة التي ذكرها النائب عاطف مجدلاني لحكومة ميقاتي، إلا أن الكثيرين يرون أن هذا الأخير بحنكته استطاع أن يتجاوز «قطوع» المحكمة الدولية وتمويلها، من خلال إعلان دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية من موازنة رئاسة الحكومة، لكن رغم ذلك يشدد مجدلاني على أن هذا الأمر «يقع ضمن إلزامية تقع على الحكومة اللبنانية في تنفيذ القرارات الدولية، بموضوع تمويل المحكمة، فالحكومة قامت بأقل ما يمكن من واجباتها باتجاه المحكمة أي التمويل، ولذلك كان ذلك خوفًا من تداعيات عدم التمويل، التي من الممكن على المجتمع الدولي أن يفرضها على لبنان، وخضوعها للقرار السوري الذي أتى بتبن روسي لتمويل المحكمة. في فترات كثيرة كان الرهان خلال العام الذي تجاوزته الحكومة على استقالتها وأنها مرتبطة بالنظام السوري، حول هذا الموضوع يعلق مجدلاني بالقول: «أنها مستمرة لان قوى الأمر الواقع ما زالت تفرض هكذا حكومة، ونحن كمعارضة نعمل من ضمن الدستور والقوانين، وهذه الحكومة تفلس شيئًا فشيئًا وقريبًا ستنهار لوحدها، بخاصة أن وزراء هذه الحكومة يخالفون الدستور والقوانين، بعدم توقيع مراسيم واقف عليها مجلس الوزراء. كما يرى أن هذه الحكومة أنشئت كي تكون حكومة الدفاع عن النظام السوري وهمزة وصل بين النظام السوري والمجتمع الدولي. خلافات داخلية خلال عام من تشكيل الحكومة لم يحسد أحد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على مآل الأمور الذي وصلت إليه حكومته، لما تتخبط به من مشكلات وما أكثرها وعلى أكثر من صعيد، فالتباينات على أشدها بين الوزراء سواء ما يتعلق منها بالملفات السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية، بحيث أن ما قاله وزير الأشغال والنقل غازي العريضي عن أن الحكومة باتت حكومات، لهو أبلغ تعبير عن الواقع الأليم الذي وصل إليه الوضع الحكومي المتردي نتيجة الكباش الدائر بين مكونات الأكثرية الوزارية بشأن العديد من القضايا الشائكة التي تبقي الأزمة تراوح، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات مشجعة من شأنها طمأنة الرأي العام إلى أن العام الجديد يمكن أن يشهد تبدلاً إيجابيًا على صعيد الأداء الوزاري وينتشل البلد من الواقع المأزوم الذي يتخبط به، في هذا الخصوص يؤكد مجدلاني أن الخلاف بين التيار العوني وميقاتي أو بعض الخلافات داخل الحكومة هي وهمية، لان الجميع متفقون، لان التيار العوني عندما يهاجم ميقاتي وهذا الأخير يصمت، يكون ميقاتي يربح سنيًا وميشال عون يربح مسيحيًا من خلال مهاجمة رئيس الوزراء السني. عون وميقاتي رغم قول مجدلاني إلا انه خلال هذا العام احتدم الصراع داخل حكومة ميقاتي خصوصًا مع التيار الوطني الحر على مختلف ومجمل المواضيع، ففي مقاربة الكثير من المواضيع الحكومية كان عون يبدي امتعاضه من ميقاتي، ويقف عائقًا ضد المشاريع المطروحة وكان آخرها مشروع تصحيح الأجور، وعندما نسأل النائب زياد اسود (تكتل التغيير والإصلاح التابع للجنرال عون) عن انجازات الحكومة خلال عام، يجيب بتهكُّم: «قبلاً كانت تشرب الحليب اليوم أصبحت تأكل أفضل كالكبار»، ولا انجازات بالنسبة له، ويعيد السبب ليس إلى الوزراء الحاليين بل هي مشكلة دولية وقرارات خارجية، ورغم وجودنا فيها، يضيف اسود، هناك سبب يدعو إلى إفشالها وهو سياسي إقليمي، ونتيجة الصراع داخل فريقين سياسيين في لبنان، ونتيجة هذا الواقع المطلوب من هذه الحكومة، إلا تنجح، برغم كل محاولاتنا، هناك من يعرقل ولا يرغب بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، وظروف معقدة تحيط بها. ويضيف: «أن استمرارها عائد إلى ظروف البلد التي لا تحتمل الاستقالة، ونعتبر إننا حتى لو استطعنا أن نعطي ما نسبته 10% فأفضل بكثير وهو أمر جيد، وبظل استمرار الوضع على ما هو عليه، المصيبة ستقع على رؤوس اللبنانيين، وواجباتنا تخفيف الضرر. ويرى أسود أن النظام السوري مستمر، ونحن كنا من الذين قاتلوا ضد النظام السوري، ولا يزايد احد علينا، ويجب أن يصمت الجميع، ولبنان محكومة بتقاطعات إقليمية دولية، وواحدة منها تشمل النظام السوري، وأخرى الوضع التركي والسعودي وغيرها. ويؤكد أسود أن ميقاتي حارس قضائي لورثة الحريري، وهو لم يقدم شيئًا خلافًا لما كان يجري في كل هذا النهج، بدليل انه لم يتجرأ على إقالة موظف واحد حتى لو كان مرتكبًا ومن غير طائفته. عام مضى عام مضى وتدخل حكومة ميقاتي عامها الثاني، وحتى مع تباين بين المعارضة والموالاة حول أدائها وحول رئيسها، يبقى السؤال، هل يصمد ميقاتي، رجل الإعمال الثري، أمام العواصف الداخلية والخارجية التي تحيط بحكومته؟