مرة أخرى تنجح الرياضة في اختراق الحدود المغلقة، وتؤكد رمزية انتصارها من أجل التواصل بين الشعوب، وإشعاع قيم المحبة والأخوة والفرح والاحتفاء.. طواف المغرب لسباق الدراجات لسنة 2012، سيمر عبر الأراضي الجزائرية بعد أن وافقت سلطات البلد الجار على السماح بذلك، وسيعيش الرياضيون المغاربة والجزائريون، بمعية مشاركين من العديد من دول العالم، هذا العبور الطافح بالدلالات، وذلك في المرحلة الثالثة من السباق التي ستربط كرسيف- وجدة– مغنية- وجدة. الطبيعي كان أن يجري السباق في عبوره بين البلدين الشقيقين الجارين بشكل عاد، لكن بوجود حدود برية مغلقة تحول الأمر إلى حدث استثنائي، وهو فعلا يستحق الاحتفاء والتقدير من طرف الرياضيين والمتابعين، ويستحق أيضا أن يكون مقدمة لتغيير في الوضعية الشادة بين المغرب والجزائر، ومن ثم إعادة الفرحة لساكنة المدن والمناطق الحدودية، وللعائلات المشتتة على ترابها. وإن التحولات التي شهدتها المنطقة المغاربية (خصوصا في تونس وليبيا)، وأيضا الإرادة التي ما فتئ يعبر عنها المغرب تجاه تطوير العلاقات مع الجزائر، كل هذا يحتم اليوم تحويل الإشارة الرمزية التي بعثها الرياضيون إلى تأسيس لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين الرباطوالجزائر، وكذلك في دينامية البناء المغاربي المندمج لما فيه مصلحة شعوب المنطقة أولا، وبما يمكن الدول المغاربية من مواجهة مختلف التحديات المطروحة عليها استراتيجيا وتنمويا وأمنيا. لقد جرى في الفترة الأخيرة تبادل التصريحات وإعلان النوايا والمواقف بين قادة كل من تونس وليبيا حول أهمية الاندماج المغاربي، كما حضر الرئيس الجزائري احتفال تونس بذكرى ثورتها، ويعتزم الرئيس التونسي زيارة المغرب مطلع الشهر القادم، وهي مؤشرات لا بد من استثمارها للانتقال بالمبادرات من دائرة الأقوال والمجاملات الديبلوماسية إلى ميدان الفعل، والمشاريع الملموسة. لقد كشفت تحولات الربيع الديمقراطي التي أنجحتها شعوب المنطقة عن عديد حقائق، تتطلب استحضارها من لدن الحكام والقادة السياسيين، ومن أهمها تطلع الشعوب إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وإلى العيش الكريم وإلى تمتين التعاون والتواصل فيما بينها، ومن ثم فإن حسابات الحرب الباردة وعقليات الهيمنة والزعامة الواهمة، كلها سقطت اليوم، وتركت المكان لضرورة التعاون وللإنصات الذكي لإرادة الشعوب، ولضرورة احترام كرامتها ووحدة بلدانها واستقرارها، وهذه هي الطريق اليوم لبناء اتحاد مغاربي متجدد، ويرتكز على مصالح الشعوب، وعلى الرهانات المشتركة المطروحة على دول المنطقة ضمن ما يشهده العالم ككل من تحولات. الرياضة اليوم تعطي الدرس للسياسيين... فهل يتم التقاط الإشارة؟ هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته