محمد رويشة ومحمد السوسدي بخنيفرة والدار البيضاء شيع آلاف المغاربة مساء الاربعاء الماضي بمدينة خنيفرة الواقعة في منطقة الاطلس المتوسط، جنازة الفنان الشعبي المحبوب محمد رويشة، بعد أن تلقى المغاربة نبأ وفاته بحزن بالغ، عن سن يناهز 62 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض. وقد ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة المدينة بعد صلاة الظهر بأحد المساجد, حيث رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يتغمده برحمته الواسعة, وذلك بحضور أفراد من عائلته وأصدقائه وشخصيات من عالم السياسة والثقافة والاقتصاد وجمعيات المجتمع المدني. وحضر مراسم تشييع الفقيد, الذي طبع بفنه الراقي الموسيقى الأمازيغية, وزير الثقافة, محمد أمين الصبيحي وعامل إقليمخنيفرة أوعلي حاجير ووفد عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وجمهور من الفنانيين والمبدعيين المغاربة. وكان الراحل رويشة قد أسلم الروح إلى باريها, عندما كان يتماثل للشفاء إثر إصابته بوعكة صحية نقل على إثرها إلى مستشفى الشيخ زايد بالرباط, حيث تلقى علاجات مكثفة بسبب مضاعفات في القلب. ويعتبر رويشة رائد الأغنية الأمازيغية المغربية أو ملك « الوتار»كما يلقب، والوتار هي آلة موسيقية مغربية تشبه العود. ورغم انتشار خبر الوفاة عبر الشبكات الاجتماعية- فيسبوك وتويتر- ووسائل الإعلام المحلية. يظل الخبر محليا رغم أن رويشة يعتبر رمزا من رموز الأغنية المغربية. وقد كان محمد رويشة أول الموسيقيين المغاربة الذين حضوا بإقبال جماهيري كبير في المغرب. هذا ما يشهد عليه مسرح محمد الخامس الذي امتلأ لأول مرة عن آخره في عرض موسيقي سنة 1980، الشيء الذي لم يحققه قبله سوى عمالقة الطرب العربي مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.. العديد من الفعاليات الثقافية والفنية في المغرب سارعت الى تقديم العزاء لاهل وذوي هذا الفنان الكبير المحبوب ملك «الوتار» محمد رويشة أو فريد الأطلس كما يسميه البعض اشتهر بالموسيقى الحزينة والمؤثرة التي تنبعث نغماتها من حبال آلة «لوتار» التي بدأ العزف عليها وسط جبال الأطلس منذ نعومة أظافره. وترك محمد رويشة ريبرتوارا من الأغاني والروائع الموسيقية من بينها رائعة «إناس إناس». وتم تشييع جثمان الفنان والزجال محمّد السوسدي, عضو مجموعة «لمشاهب», يوم الأربعاء الماضي بالدار البيضاء, الذي وافاه الأجل بمستشفى محمد الخامس عن عمر ناهز 60 عاما. وبعد أداء صلاة الجنازة بمسجد المملكة العربية السعودية بالحي المحمدي, نقل جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء حيث ووري الثرى في موكب جنائزي مهيب حضره, كان ضمنه وفدا عن حزب التقدم والاشتراكية يضم كلا من أحمد سالم لطافي، محمد قاوتي، عبد الرحيم بنصر وفاطمة فرحات إلى جانب أفراد أسرة الراحل وأصدقائه, وبعض الشخصيات المنتمية لعوالم الفن والثقافة والسياسة. والراحل محمد السوسدي, الذي خلف خمسة أبناء, من مواليد حي كاسطور بالحي المحمدي بالدار البيضاء سنة 1952. ومارس, منذ طفولته, التمثيل مع مسرح «الخلود» بالحي المحمدي, قبل أن ينضم إلى مجموعة حسن السوداني, إذ كان يؤدي مقاطع من الأغاني الهندية التي كان يتقنها.. وفي سنة 1969, حصل السوسدي على جائزة أحسن صوت, بعدما أدى أغنية « دوستي» بالهندية, في برنامج المسابقات التلفزيوني «الوقت الثالث». والتحق بعد ذلك بمسرح الطيب الصديقي وشارك معه في العديد من الأعمال المسرحية, إلى غاية سنة 1972. وتبقى سنة 1974 المحطة الأبرز في المشوار الفني للراحل, حين التحق بمجموعة «لمشاهب», وأتحف, منذ هذا التاريخ, الجمهور المغربي بالعديد من الأغاني الجيدة والهادفة, والتي تطرقت لمواضيع اجتماعية ووطنية وعربية, منها أغنية «فلسطين» و»الغادي بعيد» و»الليل» و»طبايع الناس» و»بغيت بلادي» و»داويني» وغيرها. النقابة الحرة للموسيقين المغاربة: فقدان الفنانين الكبيرين محمد ارويشة ومحمد السوسدي خسارة للفن المغربي اعتبرت النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة أن فقدان الفنانين الكبيرين محمد ارويشة ومحمد السوسدي خسارة كبيرة للفن المغربي عموما والأغنية الأمازيغية والشعبية الغيوانية خصوصا. وأكدت النقابة في بلاغ, يوم الأربعاء الماضي, أن مكتبها التنفيذي تلقى نبأ وفاة هذين الفنانين ببالغ الحزن والأسى, مبرزة أن الفنان محمد ارويشة كان أصيلا وعميقا في إبداعته الغنائية لحنا وأداء وقيمة لأزيد من 40 سنة, كما كان يحظى بثقة الجمهور وحبه وإقباله على أغانيه ومن تم لقبه ب»فريد الأطلس» لارتباطه بالواقع والبيئة والمحيط. وأضافت أن المرحوم محمد السوسدي كان بارزا في مجموعة لمشاهب التي خلدت الأغنية الغيوانية مدة طويلة وجعلتها راسخة في الأذهان والقلوب. وأكد المكتب التنفيذي للنقابة الحرة للموسيقين المغاربة, الذي أعرب تعازيه للفنانين المغاربة والجمهور المغربي في وفاة ارويشة والسوسدي, على ضرورة الاهتمام بتراث الفقيدين وإعادة انتاجهما الغنائي لتوثيقه وتقريبه من الأجيال الجديدة نظرا لأهميته البالغة. وعلى صعيد ذي صلة, أشارت النقابة إلى أن ملف التغطية الصحية للفنان المغربي والدور المنوط بتعاضدية الفنانين وبالملف الاجتماعي «ملفات موضوعة الآن أمام وزارة الثقافة في إدارتها الجديدة من أجل حياة كريمة للفنان ووضعية مستقرة لتغطيته الصحية وتقاعده ووضعيته المريحة, الشيء الذي لم يكن واردا من قبل». جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث تعزي في وفاة الفنانين محمد رويشة و محمد السوسدي ببالغ الحسرة والحزن والألم والأسى لنفس مؤمنة تلقينا في جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث فاجعة رحيل علمين من أعلام الفن المغربي وفي يوم واحد، الفنان الاستثنائي سي محمد رويشة والفنان الملتهب سي محمد السوسدي. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم الجمعية إلى الشعب المغربي قاطبة وإلى عائلة الفقيدين بأحر التعازي وخالص الدعوات بأن يسكن الفقيدين فسيح الجنان ويرزقنا جميعا جميل الصبر وحسن العزاء. لقد كان الفقيدين ملكا لنا جميعا لقد كان الفنان العالمي رويشة فنانا استثنائيا بكل المقاييس على مستوى الكلمة واللحن والأداء والابتكار وعلى مستوى المعاملة ولذلك أحبه كل المغاربة وأطرب المغاربة وغير المغاربة. صاحب الإنتاج الغزير لا تمل من سماعه لأنه لا يعيد نفسه عكس كثيرين، فهو دائم البحث والابتكار والتجديد سواء شذى بالأمازيغية أو بالعربية. لن يموت رويشة، هذا الطائر الذي أسر القلوب، لأنه أبدع وغنى دائما بجوارحه دون تصنع فصدح والعرق دوما يتصبب من كل أطرافه بأفراح وبآمال وألام وآهات أبناء هذا الوطن الذي عاش حياته متيما بحبه وخدمته في نكران ذات وفي هدوء وصمت حيرا الكثيرين، صمت لا يمكن أن نقرأ فيه سوى صدق الرجل مع نفسه وفنه وجمهوره من جهة وألم التجاهل والتهميش الذي هو حال ومآل كل مبدعينا وفنانينا ومفكرينا وأقطابنا من جهة أخرى، مع الأسف. ورغم ذلك غنى هرم الأطلس للحب والعاطفة والأمل والحياة وحافظ دوما على ابتسامته المتميزة وعلى خجله الودود. نم قرير العين با ملك لوتار يا قطب الأقطاب يا أسد الأطلس الذي لا يموت لأنك أسرت كل قلوب الشيب والشباب رجالا ونساء. لن ننساك يا فنان كل الأزمنة ولن ينساك التاريخ مهما تعاقبت الأجيال ومهما تبدلت النفوس والأذواق حسنا جاءتنا فورة نهاية الستينات وبداية السبعينات بالمجموعات الغنائية الخالدة مع ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب وغيرهم. من رحم تلك الفورة والثورة ومن قلب الأحياء الشعبية المغبونة بزغ نجم عدد من خيرة أبناء المغرب. سي محمد السوسدي كان واحدا من هؤلاء المقهورين ممن أسروا قلوب المغاربة وألهبوا أحاسيس وعقول الشباب منذ ذاك الحين إلى اليوم. مبدعا شاملا وشموليا كان سي محمد السوسدي بين أفراد مجموعة المشاهب التليدة يقف شامخا يزأر بآهاتنا نيابة عنا ويلتهب فوق المنصة ليواسينا ويتحرق ويحترق ليضيء طريقنا وهو لا يغني إلا ورأسه إلى الأعلى وكأنه كان يريد أن يقول لنا «هكذا يجب أن تكون رؤوسكم دوما إلى الأعلى». لقد فهمناك وأحببناك يا «حمودة» ولن ننساك «وا الغادي بعيد» وستظل أنت ولمشاهب مدرسة لشباب كل الأزمنة. لم تعش فقيرا ولم تمت فقيرا، لأن حب الناس لك يفوق كل الأرصدة والودائع إنا لله وإنا إليه راجعون