أكراد سوريا يعلقون عضويتهم في المعارضة بحثا عن تقرير المصير على الرغم من وساطة طلبها رئيس المجلس الوطني الانتقالي السوري برهان غليون من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لإقناع قيادة المجلس الوطني الكردي المعارض في سوريا للاندماج مع «الانتقالي»، إلا أن أحزاب المجلس الكردي أعلنت تعليق عضويتها في جميع القوى المعارضة بهدف تشكيل كتلة كردية موحدة للتفاوض مع هذه القوى والاقتراب من الأكثر تجاوبا مع مطالب أكراد سوريا في الاعتراف بحقهم في تقرير المصير. تعليق العضوية للحصول على اعتراف بحق تقرير المصير فقد قررت أحزاب المجلس الوطني الكردي في سوريا تعليق عضويتها في أطر المعارضة السورية كافة، حيث ينضم إلى هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي كل من حزب الإتحاد الديمقراطي وحزب اليسار الكردي والحزب الديمقراطي الكردي والحزب الديمقراطي الكردي السوري، فيما ينضم حزب آزادي وحزب يكتي إلى المجلس الوطني السوري. كما أن هناك عدة أحزاب كردية تعمل ضمن هيئة «إعلان دمشق» وهي الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي والحزب الديمقراطي الكردي «البارتي» وحزب الوحدة الديمقراطي الكردي. وقال عضو المجلس الوطني الكردي في سوريا شلال كدو إن المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الكردي في سوريا في حال انعقاد منذ يومين وقرر تعليق عضوية جميع أحزاب المجلس مع أطر المعارضة الوطنية السورية والمتمثلة في هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي والمجلس الوطني السوري وإعلان دمشق. وأضاف أن هذا القرار يشمل المستقلين الأكراد والقريبين من المجلس الوطني الكردي أيضا، كما ابلغ مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني. وأشار كدو إلى أنه تقرر أيضا توجيه نداء إلى المستقلين الأكراد الآخرين المنضوين في أطر المعارضة السورية للانسحاب منها من اجل تشكيل كتلة كردية موحدة للتفاوض مع أطر المعارضة والاقتراب من التشكيل الأكثر قرباً من مطالب المؤتمر الوطني الكردي ولا سيما حق تقرير المصير الذي يطالب به الأكراد. ويتركز حق تقرير المصير الذي يطالب به الأكراد في المنطقة على الحصول على حكم ذاتي ضمن الدول التي يعيشون فيها أو إقامة دولة كردية مستقلة تضم الأكراد في العراق وسوريا وإيران وتركيا على الرغم من المعارضة الشديدة لهذه الدول لمشروع الدولة الكردية. وساطة غليون مع بارزاني لضم اكراد سوريا للمجلس الانتقالي وجاء إعلان تعليق عضوية المجلس الوطني الكردي في سوريا لعضويته في فصائل المعارضة السورية بعد أيام من كشف تقارير عن زيارة قام بها إلى إقليم كردستان الأسبوع الماضي رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون حيث أجرى محادثات مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني ومع معارضين كرد سوريين تركزت حول دمج مختلف القوى الكردية المعارضة في المجلس الوطني للمعارضة الذي يعد المظلة الشرعية للمعارضة. وكان بارزاني أكد خلال اجتماع عقده في مدينة صلاح الدين (360 كم شمال بغداد) مع وفد يمثل قيادة المجلس الوطني الكردي في سوريا وضم ممثلين عن 11 حزباَ وطرفاً سياسياً إضافة إلى شخصيات مستقلة ضرورة اعتراف الدستور السوري الجديد الذي يجري العمل لإعداده حاليا بحقوق أكراد البلاد الذين دعاهم إلى الابتعاد عن أي صراع طائفي فيها وطالبهم بتشكيل وفد يمثلهم لإجراء مفاوضات مع جميع القوى الداخلية والخارجية المهتمة بالتطورات السورية الحالية. وقال «إن على الأطراف الكردية في سوريا أن تتعامل بدقة بالغة مع الوضع الراهن لأن ما يهمنا هو الديمقراطية والاعتراف بحقوق الأكراد، ومن الضروري تثبيت هذه الحقوق في الدستور المستقبلي للبلاد وأن يقترب أكراد سوريا من الطرف الذي يحرص أكثر على منحهم حقوقهم». ورأى بارزاني أن هذا الاجتماع مهم بالنسبة إلى أكراد العراق وسوريا ويهدف إلى الاطلاع على أوضاع أكراد سوريا، حتى تتمكن سلطات إقليم كردستان من اتخاذ موقف منها ومن جملة الأوضاع التي تشهدها سوريا منذ مارس الماضي. وشدد على أن إقليم كردستان يدعم جهود الأحزاب السياسية الكردية في سوريا لتثبيت هذه الحقوق، «داعيا إياها للمحافظة على «وحدة صفوفها ومواقفها من أوضاع بلادها». ومن جهتهم، أعضاء الوفد عرضوا وجهات نظرهم حول التطورات السياسية في سوريا وانتفاضة شعبها وموقف اكراد سوريا منها ونتائج مفاوضاتهم مع القوى والأطراف المعارضة وحقوق الأكراد وإمكانية تضمينها في الدستور السوري الجديد. اوضاع اكراد سوريا وعلاقتهم بإقليم كردستان العراق يذكر أن الأكراد في سوريا يشكلون نسبة 6 بالمائة من مجموع السكان البالغ 23 مليونا بحسب التقديرات الرسمية لعام 2010، ويطالب معظمهم بحكم ذاتي ضمن الأراضي السورية. وقد شهدت بلدات سورية تسكنها أغلبية كردية عام 2004 تظاهراتٍ دامية طالبت بتجنيس حوالي ربع مليون كردي انتزعت منهم الجنسية السورية أو لم تمنح لهم حتى الآن. إلا أن السلطات السورية بدأت باتخاذ إجراءات على هذا الصعيد بعد تفجر الاحتجاجات الأخيرة مطلع العام الحالي بهدف تحييد الأكراد، وإبعادهم عن ممارسة نشاطات ضد السلطات، لكن هذه المحاولات لم تحقق نجاحا يذكر حتى الآن. ويرتبط إقليم كردستان العراق بعلاقات تجارية متشعبة مع سوريا، التي رفعت صادراتها التجارية في السنوات الأخيرة إلى أرقام كبيرة تقدرها مصادر حكومية بنحو مليار ونصف المليار دولار. وتشمل الصادرات الكثير من أنواع المواد الغذائية، حيث باتت كردستان تستورد الجزء الأعظم من احتياجاتها اليومية من تركيا وإيران وسوريا، إلى جانب العديد من المواد الكمالية، وتأتي معظم الصادرات السورية عبر معبر فيشخابور البري على الحدود المشتركة بين الإقليم ومدينة القامشلي الكردية المحاذية لتلك الحدود. وكان العراق قد تحفّظ على قرار الجامعة العربية بفرض عقوبات على سوريا، وقال وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي «موقفنا اقتصادي بالاساس، هناك تبادل تجاري مع سوريا وحدود مشتركة معها، وهذا القرار على كل حال سيطال الشعب السوري أكثر من النظام». واعتبر أن «هذا القرار ستكون له تداعيات علينا كما على سوريا» مشيراً إلى «وجود نحو مئتي ألف عراقي يعيشون في سوريا ويعملون فيها ويتسلمون رواتب وهناك مصالح مشتركة كثيرة». ويشترك العراق مع سوريا في حدود تمتد بطول 605 كليومترات، كما يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية كبيرة، وتشير أرقام رسمية عراقية وسورية إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ العام الماضي ملياري دولار فيما يتوقع أن يصل نهاية العام الحالي إلى ثلاثة مليارات دولار. علما أن سلطات إقليم كردستان اتهمت السلطات السورية في أكتوبر الماضي باغتيال القيادي الكردي الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا مشعل التمو واعتبرت أن اعتمادها سياسة الحديد والنار سيفاقم الوضع سوءًا، ويجر وراءه أزمات أعقد، ودعت إلى حصول أكراد سوريا على حقوقهم في نظام ديمقراطي بينما دعا متظاهرون سوريون أكراد في اربيل إلى غلق سفارة بلادهم في بغداد. والجدير بالذكر أن المجلس الوطني الكردي في سوريا قد عقد أول مؤتمراته في مدينة القامشلي في أكتوبر الماضي بحضور 254 عضواً يمثلون عشرة أحزاب رئيسة وعدداً من التنسيقيات الشبابية والشخصيات الوطنية الثقافية والاجتماعية والنسائية، وانبثقت منه هيئة تنفيذية تضم 45 عضواً. واتخذ المؤتمر جملة قرارات أبرزها ضرورة التواصل مع أطراف المعارضة السورية والاتفاق معها على برنامج عمل مشترك للمرحلة المقبلة و»العمل معاً من اجل تغيير النظام الدكتاتوري في سوريا وتفكيك مؤسساته السياسية والأمنية والفكرية، وبناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي يضمن دستوريا الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا، ويفسح المجال أمامه ليقرر مصيره بنفسه ضمن إطار وحدة البلاد» كما قال بيان عن المؤتمر.