عرف قطاع الثقافة بالمغرب خلال السنة المنصرمة، وبالرغم من رجات كانت حسب المتتبعين «صحية»، تألقا دوليا في كل المجالات، حيث حقق المثقفون والفنانون المغاربة، بمختلف مشاربهم، تواجدا تمثل، بالخصوص، في انتزاعهم لجوائز وتقديرات في تظاهرات إقليمية ودولية. كما أن المشهد الثقافي الوطني تميز، خلال السنة المنصرمة، بنقاش وسجال كان محوره «السؤال الثقافي» بالمغرب، واقعه وآفاقه، وهو ما يعتبر -حسب المتتبعين- دليلا على الحيوية التي اتسم بها الحقل الثقافي بالمغرب على الدوام. وكدليل على هذا السجال والحيوية، يمكن استحضار «الميثاق الوطني للثقافة»، الذي دعا إليه الشاعر والكاتب عبد اللطيف اللعبي، و»الحوار الثقافي» الذي طالب به الناقد والكاتب محمد برادة. ولكن، وبالرغم من ذلك، تعددت أوجه تألق وإشعاع الثقافة المغربية، إذ تمكنت من كسب رهانات أولها ضمان حضور دولي لافت، وثانيها نجاح الفاعلين، ولو نسبيا، في تنشيط الساحة الثقافية، من خلال مبادرات فردية في أحيان كثيرة، ومؤسساتية في بعض الأحيان، وذلك وعيا بأهمية الثقافة في مواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية. حضارة: تألق مغربي في بريطانيا أبان المغرب، المتميز بثقافته وحضارته المتجذرة في التاريخ ، خلال السنة الجارية عن كل المؤهلات التي تجعل منه مصدر إلهام لعشاق الفنون الجميلة وفن العيش. وتألقت الصناعة التقليدية المغربية، ومن خلالها الصانع المغربي بعفويته المعهودة، خلال السنة الجارية، الذين جابت أعمالهم الإبداعية العديد من المدن البريطانية حاملة ، بذلك، رسالة صداقة بين مملكتين تربطهما وشائج تزداد عمقا ومتانة مع مرور الزمن. وأضفت القوافل والمعارض والندوات ومكونات البرنامج الثقافي الذي أعدته بعناية فائقة سفارة المغرب ببريطانيا، تحت إشراف سفيرة المغرب بالمملكة المتحدة الشريفة لالة جمالة، ضفي، الكثير من البهاء على مغرب حديث يواصل، بإصرار، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، مسيرته نحو الحداثة، مدافعا، في الآن ذاته، عن إرثه الحضاري الإستثنائي. وهكذا، جابت القافلة العديد من المدن البريطانية، من مانشستر إلى ليفربول، مرورا ببريستون وأكسفورد وبورغس هيل وشيفيلد، لتعكس بذلك اتجاه المغرب المنفتح على الثقافات الأخرى. واسترعت هذه القافلة، التي أطلق عليها إسم سوق الصناعة التقليدية المغربية، انتباه المسؤولين ووسائل الإعلام البريطانية الذين اعتبروها سبيلا لتعزيز قيم التفاهم والتقارب في عالم تتسع الفجوات بين أبنائه كل يوم. وأعرب لورد وعمدة مانشستر هاري ليونز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادته باستضافة سوق الصناعة التقليدية المغربيى الذي يعكس التقاليد العريقة للمغرب. وكانت الجاذبية كبيرة جدا لدرجة أن مسؤولين مختلف المدن الإنجليزية عبروا عن أملهم في تنظيم هذا النوع من التظاهرات بشكل منتظم بهدف التعريف الجيد بالثقافة والحضارة المغربيتين والمساهمة في تعزيز العلاقات الجيدة بين المغرب والمملكة المتحدة. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد ، فبهدف إبراز رونق الثقافة المغربية فوق الأراضي البريطانية، تم تنظيم معرض كبير برواق «بروناي» المجاورة لمدرسة الدراسات الشرقية والافريقية بلندن احتفاءا بالتقليد الألفي للنسيج المغربي بمختلف أنواعه وبهائه التقني. واحتفى المعرض، المنعقد تحت شعار «نسج خيوط الحياة:المعرفة الجمالية المشكلة للنسيج المغربي»، بالثقافة الأمازيغية الممثلة في نساجات مدينة الصويرة وذلك من أجل إبراز مساهمة هذه الثقافة في الصرح الحضاري الكبير للمغرب. إنسبايرين موروكو بلغ البرنامج الثقافي المغربي الاستثنائي بلندن الذروة بتنظيم سلسلة «هارودز» الشهيرة وأحد أبرز معالم العاصمة البريطانية، معرضا متميزا يحكي بهاء الثقافة وفن العيش بالمملكة. وترجم المعرض، الذي استمر حتى 18 دجنبر من السنة الماضية، كما يبرز عنوانه «إنسبايرين موروكو»، تأثير المغرب على الثقافة البريطانية. وأبرز المعرض عن جانب من أفضل منتجات الفن والصناعة التقليدية والمطبخ المغربي في إطار يبهر الحواس ويحمل الزائر عبر سفر الى بهاء حضارة متنوعة عرفت كيف تربط بين الحداثة والتقل تقافة: تألق المثقفين والمبدعين تحضر الثقافة المغربية، على الدوام، على الصعيدين الدولي والعربي، ويكون الرواد في الصدارة بحضورهم الوازن، إذ توج المركز الثقافي الروماني في باريس، خلال السنة المنصرمة، الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي ب`»الجائزة الدولية للأدب الفرانكفوني بنجامان فوندان». وفاز الكاتب الطاهر بنجلون بجائزة السلام الألمانية (إريك ماريا ريمارك)، بينما تسلم الكاتب بنسالم حميش بتولوز (جنوب-غرب فرنسا)، جائزة أكاديمية ألعاب الزهور التي تم منحها بمناسبة الذكرى ال687 لإحداث هذه المؤسسة الثقافية. عربيا، تألق الشاعر والروائي محمد الأشعري بفوز روايته «القوس والفراشة» بجائزة (البوكر) العالمية للرواية العربية في دورتها الرابعة. وفي مجال النقد، فاز المفكر والكاتب المغربي محمد مفتاح بجائزة الشيخ زايد للكتاب (فرع الآداب)، عن كتاب «مفاهيم موسعة لنظرية شعرية (اللغة-الموسيقى-الحركة) وعن دراسة نقدية بعنوان «الهوية .. والسيمولاكر/ عن تجربة الأنستليشن في التشكيل العربي المعاصر»، فاز الناقد التشكيلي المغربي إبراهيم الحَيْسن بالرتبة الثانية لجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي، التي تنظمها وتشرف عليها إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. ويصعب حصر لائحة التتويجات التي حظي بها شعراء، وأدباء، ومفكرون، وفنانون، ومتخصصون في أدب الرحلة، من أمثال الشاعر محمد بنيس، والباحث عبد النبي ذاكر، وغيرهم من الكتاب. كما لا يمكن إغفال حصول المغرب على كرسي اليونسكو في مجال الفلسفة، الذي أعلن في الشهر الأخير من السنة الجارية عن إحداثه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس-أكدال بالرباط. وعلى غرار الكتابة السردية والقصصية والشعرية، تألقت الموسيقى والفن السابع الوطني وكذا التشكيل، إذ توج المركز البيوغرافي العالمي (إي بي سي) بمدينة كامبردج البريطانية الفنان حسن مكري بلقب رجل سنة 2011، وذلك بعد أن منح نفس الفنان لقب نائب رئيس الكونغرس العالمي للفنون والعلوم والتواصل الذي ترعاه المؤسسة البريطانية نفسها، ممثلا بذلك فناني القارة الإفريقية في هذا المنتدى. وتوجت الفنانة المغربية سميرة القادري، مغنية الأوبرا السوبرانو والباحثة في علم غنائيات البحر الأبيض المتوسط، بالجائزة الكبرى لجوائز ناجي نعمان الدولية لسنة 2011، كما منحتها الأمانة العامة لجائزة المهاجر العالمية للفكر والآداب والفنون التي تشرف عليها جريدة «المهاجر» التي تصدر عن «منظمة المهاجر الثقافية» في مدينة ملبورن في أستراليا، جائزتها لموسم 2011. الجيل الجديد... على خطى الرواد وعلى خطى هؤلاء سار الجيل الجديد، إذ توجت، مؤخرا، ومن بين آخرين، الكاتبة المغربية الشابة حنان والولاه بالجائزة الأولى للنسخة الرابعة (2011) للمسابقة الأدبية «بحر من الكلمات»، التي تنظمها مؤسسة آنا ليند والمعهد الأوروبي للبحر المتوسط، وذلك عن عملها الأدبي (القفل). وفاز الشاعر المغربي محمد عريج بجائزة «البردة» (الرتبة الثانية) في دورتها التاسعة (فئة الشعر الفصيح) التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات. حراك ثقافي قوي من جهة أخرى، عرفت الساحة الثقافية رجات، تمثلت، بالخصوص، في مقاطعة اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، لفعاليات الدورة ال`17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي نظمت ما بين 11 و20 فبراير الماضي بالدار البيضاء. كما قاطعت كل من النقابة المغربية لمحترفي المسرح وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ومنسقية الفرق المسرحية الوطنية الدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للمسرح بمكناس (يونيو الماضي). وفي هذا الصدد، يقول رئيس اتحاد كتاب المغرب، عبد الرحيم العلام، إنه «بالرغم من توتر العلاقة وتأزمها بين بعض المنظمات والجمعيات الثقافية الوطنية ووزارة الثقافة»، فقد تمكن اتحاد كتاب المغرب، «رغم هزالة الإمكانيات» من الإسهام بفعالية في خلق حركية ثقافية، على صعيد مجموعة من المناطق، وداخل حقول ثقافية وفنية متنوعة. وأضاف السيد العلام أن الاتحاد سجل «حضورا لافتا على مستوى المواقف والاستشارة، بخصوص الإصلاحات الدستورية الأخيرة التي عرفها المغرب، حيث ساهم الاتحاد، على سبيل المثال، في تقديم تصوره للمسألة اللغوية، وللإصلاح الثقافي ببلادنا، والتعاقد الاجتماعي، وأيضا، وهذا مهم، الاستئناس برأي الاتحاد، فيما يتعلق ببلورة الجانب المتعلق بالسياسة الثقافية ببلادنا في التصريح الحكومي المرتقب». كما سن الاتحاد، خلال هذه السنة، يضيف العلام، تقليدا احتفاليا برموز الثقافة الوطنية، من مختلف الاهتمامات والأجيال، في إطار تنظيم بعض اللقاءات والندوات الثقافية والأدبية الموازية. كما تميزت هذه السنة بتنظيم الأيام الثقافية المغربية الكويتية، في دورتها الثانية، في إطار انفتاح الاتحاد على الفضاء الثقافي العربي، إلى جانب ذلك، وقع الاتحاد بعض اتفاقيات التعاون والشراكة مع اتحادات ومؤسسات وطنية وعربية وأجنبية، مما ساهم في توسيع إشعاعه الوطني والخارجي. وأشاد العلام بالاهتمام الذي أولاه الدستور الجديد للثقافة واللغة وتخصيصهما بمجلس أعلى، فضلا عن اهتمام بعض الأحزاب الوطنية الديموقراطية بالمكون الثقافي في برامجها السياسية. وعبر عن أمله في أن يولي التصريح الحكومي المرتقب، بدوره، أهمية خاصة للمسألة الثقافية، وكل ذلك بغاية تحقيق تنمية ثقافية شاملة، «تعكس طموح مثقفينا ومبدعينا وفنانينا ورغائبهم المستقبلية». سينما: تألق مغربي على المستوى الدولي حصدت السينما الوطنية، التي حضرت حسب المتتبعين في حوالي 120 تظاهرة سينمائية دولية، جوائز مهمة سواء عبر الأشرطة القصيرة أو الطويلة. المهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. تميزت الدورة 11 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2-10 دجنبر) بتخصيص فقرة «نبضة قلب» للسينما الوطنية، وكذا افتتاح الدورة واختتامها بأفلام مغربية. وعرضت، ضمن هذه الفقرة، أفلام «على الحافة» لليلى الكيلاني و»النهاية» لهشام العسري، و»الأندلس مونامور» لمحمد نظيف، و»عودة الإبن» لمحمد بولان. ومما يزكي الاهتمام الذي توليه هذه التظاهرة للسينما الوطنية تأكيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان، بأن «هذا المهرجان يضطلع، سنة بعد أخرى، بدوره في المساهمة في تطوير السينما الوطنية من خلال ما تحمله في إبداعها وتنوعها من وعود وآمال، وهو بذلك ينخرط، بكل تلقائية، في مغرب اليوم المفعم بالحياة». وأضاف صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، في افتتاحية الدورة نشرت على الموقع الإلكتروني للمهرجان، «إنه ومع مطلع العقد الثاني من عمر المهرجان، أود التأكيد على أمر هام، أن تفتتح السينما المغربية الدورة الحادية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش وأن تختتمها، فهذا في نظرنا لم يأت محض صدفة، بل إن مصدره هو ذلك التلاقي الجميل والمقصود بين مهرجان كبير وسينما مقتدرة تعد بالكثير». وأبرز سموه أن ولادة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تزامنت مع ما عرفته السينما المغربية في بدايات هذا القرن من نهضة حقيقية، من هنا تبدو وثيقة تلك العلاقة التي تربط المهرجان بالإنتاج السينمائي الوطني حتى أنهما أصبحا، مع مرور الوقت، مدينين لبعضهما. جوائز لشريط «حياة قصيرة» كانت البداية من طنجة، حيث استطاع أن ينتزع اعتراف النقاد والمهتمين بالسينما بمنحه الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة (يناير 2011)، إنه شريط «حياة قصيرة» للمخرج الشاب عادل الفاضلي. وينطلق الشريط إلى آفاق دولية ليكون عنوانا للحضور المبهر للسينما الوطنية دوليا، فقد حصد عادل الفاضلي 10 جوائز عالمية، وبمختلف أصقاع العالم على جوائز كثيرة آخرها جائزة أفضل فيلم قصير خلال الدورة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي (22 دجنبر الجاري(. ومن الجوائز التي حصل عليها، جائزة (السلحفاة الذهبية) للفيلم القصير في مهرجان الفيلم المغاربي بنابل التونسية، والسنبلة الفضية في الدورة 56 لمهرجان بلد الوليد السينمائي، والجائزة الكبرى لمهرجان «مالمو» السينمائي للأفلام العربية بالسويد واللائحة طويلة.( موسيق: مهرجان موازين يعانق إيقاعات العالم من 20 إلى 28 ماي الماضي ، وكما عودت «جمعية مغرب الثقافات» عشاق الإيقاعات العالمية ، كان الموعد مع الدورة العاشرة لمهرجان موازين، التي استضافت هذه السنة فضلا عن نجوم المغرب من أمثال عبد الوهاب الدكالي و لطيفة رأفت ونعمان الحلو أسماء المنور وغيرهم ، جميع أنواع الموسيقى الغربية من بوب وجاز وسول وفانك ، و نجوم عالميين مثل يوسف إسلام وجو كوكر وليونيل ريتشي وشاكيرا. بينما حضرت الموسيقى الأفريقية بقوة من خلال نجوم من حجم يوسو ندور وساليف كييتا وتيكن جاهفاكوري وفيمي توكي وإيرنيست رانغلان و ستاف باندا بيليلي. تشكيل: ليلة الأروقة وترسيخ سياسة القرب الفني عرفت الفنون التشكيلية بالمغرب، خلال هذا العام، تطورا مهما وانتعاشا ملحوظا، حيث نظمت على مدار السنة مجموعة من المعارض الفردية والجماعية. ويعتبر حدث «ليلة الأروقة»، الذي تنظمه وزارة الثقافة كل سنة، تتويجا لمسار تشكيلي متميز، إذ تم عرض أعمال فنية ب`13 مدينة مغربية أخرى وب`64 رواقا. ويأمل المنظمون، كما عبر عن ذلك وزير الثقافة، السيد بنسالم حميش، أن ينفتح هذا الحدث على مدن صغرى بالمملكة، ولم لا عرض اللوحات الفنية بفضاءات مفتوحة لترسيخ سياسة القرب الفني.