يجب أن يكون المخرج السينمائي قريبا من المجتمع وأن يتناول في أعماله مواضيع تلمس الواقع في حوار مع بيان اليوم اعتبر المخرج محمد نظيف انه يتوجب على الفنان بشكل عام أن يقترب من مشاكل الجمهور، وعلى المخرجين أن يتناولوا مواضيع تلمس الواقع كيفما كان. وفي معرض حديثه لم يخف محمد نظيف انزعاجه من لقب ''صاحب السينما النظيفة''، الذي تداولته الصحافة في المغرب، بعد عرض فيلمه «الأندلس يا الحبيبة» في مهرجان مراكش الدولي، لأنه يشكل في اعتقاده ضربا لغيره من المخرجين الذين يوظفون الإثارة في أفلامهم، معتبرا أن السينما تتطلب بعضا من الجرأة، لكنها في نظره «جرأة نسبية بالنسبة إلى المخرج، ليبقى للجمهور الحكم الأول والأخير، فنحن نقدم الفن وللجمهور قول كلمته في النهاية». أما عن فيلمه الجديد «الأندلس يا الحبيبة» فيقول: « لقد جاء عنوان الفيلم في مرحلة متأخرة، أي بعد أن كتبنا السيناريو، لأن الفيلم يتناول موضوع الهجرة السرية، ويسلط الضوء على شخصية تعشق الأندلس بكل ما فيها، بالإضافة إلى أن هناك شخصيات في الفيلم، تحلم بالأندلس، بذلك الفردوس المفقود، في الوقت الذي تغلق أوروبا الحدود لأسباب اقتصادية معروفة، علما أن حرية التنقل حق من حقوق الإنسان، ويحاول الفيلم من خلال هذه التيمة أن يأتي بالجديد، خاصة وأن فكرته استخدمت في عدة أفلام سابقة، إلا أن الجديد في «الأندلس يا الحبيبة»، هو قالبه وطابعه الكوميدي، لكنها تبقى كوميديا عميقة واجتماعية بالخصوص. فأنا أومن بأن السينما تعكس ذاكرة مجتمع، يؤكد نظيف لذلك يجب على الأفلام التي توزع في المغرب أن تحظى بالتوزيع في الخارج أيضا لكي يتعرف الجمهور الأجنبي على ثقافتنا وحضارتنا، علما أن أعمالا مغربية عديدة تشارك في مهرجانات عالمية، لكننا نطمح في أن تصل إلى العموم. نحن الآن ننتج أفلاما كثيرة، ودائما هناك أفلاما جديدة قيد الانجاز، وهذا في حد ذاته شيء جميل، ليبقى المشكل الأساسي متجليا في القاعات السينمائية، وفي التوزيع. عموما، تعرف السينما تحولا كبيرا على مستوى الإنتاج، من خلال دعم المركز السينمائي المغربي، وتمويل جهات أخرى بما فيها القناتان الأولى والثانية، إلا أن المشكل الحقيقي يتجلى في التوزيع، داخل المغرب وخارجه». من جهة أخرى عرف عن محمد نظيف اشتغاله على تيمة المرأة والمجتمع التي تجلت في كل انتاجاته، وعن هذه الحيثيات يضيف المخرج قائلا: « أقدر المرأة بشكل كبير، وأعتبر أن تقدم المجتمع رهين بالشريك والنصف الآخر، إذ أن هناك علاقة تكامل. الفيلم الأول كان تحت عنوان «المرأة الشابة والمصعد»، وعالج ظاهرة الاغتصاب»المقلوب»، أي أن المرأة في الشريط كانت هي من اغتصبت الرجل. والفيلم الثاني كان تحت عنوان «المرأة الشابة والمعلم»، وتحدث عن الهجرة السرية ومخلفاتها، ويحكي قصة شاب يهاجر ويغرق ويترك زوجته خلفه، لتفقد صوابها لأنها لم تصدق أنه توفي وتعيش على أمل عودته. أما الفيلم الثالث فبعنوان «المرأة الشابة والمدرسة»، وسلط الضوء على موضوع تمدرس الفتيات في العالم القروي، والمعاناة التي تتكبدنها بقطع مسافات طويلة من أجل الوصول إلى المدارس، فيضطررن إلى التخلي عن الدراسة بسبب تلك المعاناة.» ويضيف محمد نظيف قائلا بخصوص رأيه في فيلم نرجس النجار «عاشقة من الريف» الذي أثار نقاشا نتجت عنه خلافات بين النقاد والسينمائيين منذ عرضه في افتتاح الدورة الحادية عشر لمهرجان مراكش الدولي: « الفيلم مأخوذ عن قصة واقعية قريبة من المخرجة نرجس النجار، رأيت فيه جرأة كبيرة، أنا شخصيا لا أستطيع الإقدام عليها في أعمالي، أي لا أستطيع أن أتعامل مع تلك الصورة كما تعاملت معها نرجس ولكن الجميل في الفيلم أنه قسم الناس، بين قائل أن الجرأة تخدم الانفتاح في السينما المغربية، في حين رأى طرف آخر أنها لا تخدم السينما في شيء، وأنا مع النقاش، الذي تثيره الأفلام، والذي يقسم الجمهور، فالأفلام التي يتفق الجميع على نجاحها ينبغي أن تطرح مجموعة من علامات الاستفهام». وتجدر الإشارة أن المخرج محمد نظيف قد اختار العيش في العاصمة الفرنسية باريس، عن دافعه إلى الهجرة واختيار فرنسا كبلد للإقامة يؤكد نظيف: « لقد أفادني استقراري في باريس بشكل كبير، استفدت من تكوينات وشاركت في مسرحيات وأشرطة قصيرة في فرنسا، أما التكوين الأكبر هو كثرة المشاهدة، فباريس توفر لك إمكانية مشاهدة فيلم جديد كل يوم. والحقيقة، فقد اكتشفت أن باريس والدار البيضاء أقرب إلى بعضهما من أي مدينة أخرى في المغرب، إذ أستطيع في رحلة جوية بين البلدين أن أصل قبل أي شخص قادم من وجدة بالقطار. المسافة لم تكن يوما عائقا، واستقراري في باريس نوع من الانفتاح على العالم الأوروبي، حتى أتمكن خلال ذلك من مشاهدة أفلام ومسرحيات والتعرف على شخصيات عديدة، بالإضافة إلى أن البعد عن المغرب، يمكنني من أن أنظر إلى المجتمع نظرة مختلفة وللمغرب نظرة تباعدية.