بالرغم من التطمينات التي بعثها عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة اتجاه النساء، إلا أن ذلك لم يزرع بذور الثقة لدى مكونات الحركة النسائية. فإذا كانت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب «فرع الدارالبيضاء» هدنة بناني قد آثرت اتخاذ موقف التريث اتجاه مستجدات الساحة السياسية، فإن الكاتبة الوطنية لاتحاد العمل النسائي زهرة وردي عبرت بشكل صريح عن تخوفها من حدوث تراجع في ظل الحكومة التي سيقودها حزب العدالة والتنمية على مستوى الالتزامات التي تعهد بها المغرب والخاصة بشكل أساسي بتحقيق المساواة وإعمال مبادئ حقوق الإنسان وسمو المواثيق الدولية بهذا الخصوص. وقالت هدنة بناني في اتصال هاتفي أجرته معها جريدة بيان اليوم، «بالرغم من أن خطاب عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة لازال غامضا بخصوص مسألة قضايا النساء، إلا أننا نفضل التريث بخصوص إبداء أي موقف بخصوص هذه المرحلة إلى حين تشكيل الحكومة وتقديم تصريحها أمام البرلمان، إذ ذاك ستتوضح الرؤيا ويمكن اتخاذ موقف يتماشى مع الوضع الجديد». وأعلنت أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ليس لديها أي تخوف اتجاه المرحلة الجديدة اعتبارا للضمانات العديدة التي يضعها الدستور الجديد والتي تخول للمجتمع المدني وللمعارضة لعب دور أساسي في مراقبة العمل الحكومي ومن تم المساهمة في العمل البرلماني والحياة السياسية، مشيرة أن الجمعية شرعت في إجراء مشاورات مع حلفائها داخل الحركة النسائية والهيئات الحقوقية والمجتمع المدني من أجل تكوين رأي بخصوص مستجدات الساحة السياسة، وفي حال توضحت الأمور سيتم وضع خارطة طريق تنسج مع ما تتطلبه المرحلة. هذا ونفت في رد على سؤال للجريدة إجراء أي اتصال بين رئيس الحكومة ومكونات الحركة النسائية، مبرزة أن الحركة النسائية طيلة السنوات الماضية تعاملت مع مختلف الأحزاب السياسية بتنوع حساسياتها السياسية باستثناء حزب العدالة والتنمية الذي لم يتم التعامل معه اعتبارا لمرجعيته وتوجهاته المعروفة وخطابه اتجاه قضايا النساء. واستطردت قائلة «لا نعرف إن كان خطابهم سيتغير في ظل هذه المستجدات التي تتميز بقيادتهم للحكومة وبما تحمله المقتضيات التي نص عليها الدستور الجديد والتي تؤكد على التزامات التي اتخذها المغرب على عاتقه في مجال حقوق النساء». وبالنسبة لرؤية الحركة النسائية اتجاه التحالفات التي تعقد من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، أبدت المتحدثة حساسية اتجاه تحالف بعض مكونات الكتلة مع حزب العدالة والتنمية بسبب وجود تباعد على مستوى المرجعية بين الطرفين. واستبعدت في رد على سؤال للجريدة أن يكون التأثير على صنع القرار داخل الحكومة أكثر فاعلية منه خارجها، إذ أشارت ستكون هناك تنازلات وهذا سيخدم حزب المصباح أكثر من مكونات الكتلة. أما من جهتها فقد أكدت الكاتبة الوطنية لاتحاد العمل النسائي زهرة وردي في تصريح للجريدة، أن هناك خلافا حقيقيا وفعليا بين الحركة النسائية وحزب العدالة والتنمية. وظهر ذلك بشكل جلي خلال مرحلة إعداد الدستور الذي نص على سمو المواثيق الدولية، إذ ألحوا على إضافة إحدى الفقرات المتمثلة في «نطاق أحكام وتوابث المملكة» والتي تظهر حين قراءتها تعارضها مع المنطق الأول المتعلق بسمو المواثيق الدولية، ومثل هذا الأمر يثير الكثير من التخوفات لدى مكونات الحركة النسائية في أن يتم التراجع عن بعض الحقوق والالتزامات فيما يخص مسألة المساواة. واستطردت المتحدثة بأن التصريحات التي أدلت بها قيادة العدالة والتنمية ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران مؤخرا تتضمن بعض المرونة والتعبير عن الاستعداد لمراجعة والتخفيف من حدة بعض المواقف، لكن لا يعرف إلى أي مدى تمتد جديتها وصحتها، مبرزة أن المستقبل هو وحده الكفيل بتبيان حقيقتها ومدى الالتزام بتنفيذ ما تعهد به المغرب من حيث التوجهات سواء على مستوى حقوق النساء أو حقوق الطفل، وعدم التراجع عن الإنجازات الفعلية التي حققها المغرب والعمل على صيانتها وعلى رأسها الدستور الجديد الذي حمل العديد من المستجدات الحقوقية والقانونية، هذا فضلا عن العمل على ترجمتها في قوانين تنظيمية حفاظا وحرصا على جوهر هذه الحقوق والتوجهات. وأوضحت بخصوص بناء التحالفات الجديدة من أجل تشكيل الحكومة، أن الساحة السياسية المغربية تتميز بعدم التجانس والانسجام، وبغياب أقطاب سياسية كبرى، إذ يوجد هناك أكثر من 30 حزبا سياسيا، قائلة «كنا نعتقد أن الكتلة تشكل قطبا سياسيا لكن أظهرت المستجدات الأخيرة وجود اختلاف في التقديرات وفي قراءة الوضع السياسي، وكذا بالنسبة لمكونات لتحالف ج8 التي ليس هناك ما يجمع بينها من ناحية الإيديولوجيات أوالتوجهات، والتي بدا أن تحالفها كان اضطراريا. معبرة عن الأمل في أن يكون لتحالف مكونات الكتلة ممثلين في حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية مع حزب العدالة والتنمية في حال قيامه صمام أمان وضمانة لتنفيذ ما يتضمنه الدستور بخصوص حقوق النساء وتفعيل ذلك عبر قوانين تنظيمية.