النقاش الجاري اليوم داخل أجهزة مجلس التعاون الخليجي بشأن الدعوة الموجهة سابقا للأردن والمغرب قصد الانضمام إليه، يؤكد صواب الرد المغربي، الذي كان حينها قد أبدى تقديره للدعوة ولرمزيتها، مشددا في ذات الوقت على أولوية التنسيق المغاربي بالنسبة إليه. وبغض النظر اليوم عن «دفوعات» بعض البلدان الخليجية حول الموضوع، والتخوف المعبر عنه من تكرار ما حصل للاتحاد الأوروبي مع اليونان، ومدى جدية كل هذه المقاربة وحقيقتها، فإن الواضح أن مختلف الدول الخليجية تصر على أهمية تمتين علاقاتها وتعاونها مع المملكة، وتقوية الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الطرفين. في الحوار الذي خص به وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الزميلةALBAYANE ونشرته في عدد أمس، توقف عند حسن العلاقات التي تجمع الرباط بمختلف دول مجلس التعاون الخليجي، مبرزا عزم هذه الدول على دعم المملكة ومساندتها لتقوية العلاقات المذكورة، وشدد على أهمية استقرار هذه العلاقات، فضلا عن الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يميز المغرب. وفي السياق نفسه، فإن الزيارة التي يقوم بها إلى بلادنا عاهل مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والمباحثات التي أجراها مع جلالة الملك، تجسد أيضا عمق العلاقات القائمة بين الرباط والمنامة. وهذه الأجواء الإيجابية في علاقة الرباط ببلدان مجلس التعاون الخليجي، لا تعكسها فقط الزيارات المتتالية إلى المملكة، إنما أيضا المشاريع الاستثمارية وبرامج التعاون الاقتصادي بين البلدين في السياحة وفي غيرها، وهو ما يطرح على الديبلوماسية المغربية أيضا ضرورة التأقلم مع هذه المتغيرات، سواء على صعيد التمثيليات المغربية في عواصم البلدان المعنية، أو من خلال ميكانيزمات ناجعة وميسرة للتواصل وللتفاعل مع مؤسسات الدولة ومع الفاعلين الاقتصاديين هناك. من دون شك، إن الحراك العربي، وما يؤسس له من تغيرات في عدد من الدول العربية، سيؤدي إلى تبدلات في خريطة التموقعات وموازين القوة ونقاط الجذب، ما يفرض على المسؤولين المغاربة الحرص على تمكين البلاد من موقع فاعل ضمن كل هذه الدينامية المتزايدة، والخروج منها بالعديد من الأوراق الرابحة. أما التيه في مناقشة خلفيات وتداعيات دعوة الانضمام والتخلي عنها، فهو أمر بلا جدوى، خاصة بالنظر إلى الموقف المغربي الذي عبر عنه منذ البداية، وبالتالي، فإن الأهم اليوم هو السعي لتطوير العلاقات والشراكات، وتعزيز موقع المملكة، سياسيا واقتصاديا، داخل تطورات الأوضاع العربية والديناميات الخليجية والإقليمية، وخدمة المصالح الاقتصادية والتنموية والإستراتيجية لبلادنا.