رغم الجدل الذي ثار وما يزال بخصوص الكتاب الإلكتروني ومستقبل الكتاب التقليدي، فان ذلك لم يمنع من تكيف دور النشر والمكتبات مع القادم الجديد، فالعديد من هذه المؤسسات عبر العالم أطلقت مواقع إلكترونية لتحميل هذه الكتب تماشياً مع التطور التكنولوجي الذي غير الكثير من القواعد في مجالات عدة، لكن في خضم الحديث عن مستقبل الكتاب التقليدي أو الكتاب الإلكتروني، علينا أن لا ننسى أبداً مستقبل القراءة. لقد حذرت دراستان حديثتان أجريتا في الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا من تراجع نسبة القراءة وبكل أشكالها سواء التقليدية أو الحديثة، حيث دقت مؤسسة «نيا» الفرنسية ناقوس الخطر من خلال إعادة نشرها لنتائج تحقيق ميداني أجري في الولاياتالمتحدة تحت عنوان «القراءة في خطر». جاء في نتائج الدراسة أن الأميركيين يقضون فترات قليلة جداً في القراءة وأما متوسط قدرتهم على القراءة فيتراجع يوماً بعد يوم ما يؤثر في قدرتهم على التأقلم مع الحياة المدنية وعلى اندماجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ويتأكد تراجع نسبة القراءة لدى المراهقين أو الشباب في دراسة جديدة نشرت حديثاً في الولاياتالمتحدة الأميركية، حيث أشارت النتائج إلى أن حب القراءة يتضاءل بشدة، حيث اعترف الطلبة والجمهور بأنهم يخصصون معظم وقتهم لمتابعة مختلف وسائل الإعلام كالتلفزيون وألعاب الفيديو وإرسال الرسائل النصية على الهاتف أو عن طريق شبكة الإنترنت، على حساب قراءة الكتب. وأما في فرنسا، فقد أكدت دراسة أجرتها الباحثة سيلفي أكتوبر في وزارة الثقافة وجود عدة ظواهر تستحق الدراسة في هذا الجانب وأما أولها انخفاض نسبة قراء الكتب مع التقدم في العمر وتراجعها أيضاً من جيل إلى آخر. وأشارت الدراسة إلى أن قراءة المجلات والجرائد اليومية عوّضت لدى فئة الشباب قراءة الكتب فيما أخذت القراءة على الشاشة مكانة قراءة النصوص المطبوعة على الورق. رغم كل ما يقال على هذا النوع من الكتب، تشير الإحصائيات إلى أنه مايزال في بداياته، حيث لم ينجح في جذب القراء بالشكل الذي كان يطمح إليه المسوقون، وذلك لأسباب عدة أبرزها الشكل الذي يقدم من خلاله الكتاب، وهو شكل لم يتآلف معه الكثيرون وعلى الخصوص الفئات العمرية المعروفة باهتمامها بالكتاب، إضافة إلى أن الخوف ما يزال يتملك الناشرين من ضياع حقوق التأليف وهذه مشكلة قد تدخلهم في متاهات وتسبب لهم متاعب عدة. ومع كل هذا يعوّل على نظام النشر المفتوح في الترويج للكتاب الإلكتروني المطبق على غالبية أجهزة الهاتف الذكية لكن حجم وشكل الكتاب يبقى العائق أمام تطور هذه التكنولوجيا. لكن من الضروري أن نعترف بأن الثقافة الرقمية أضعفت بشكل كبير كل القطاعات التي لها علاقة بالكتاب، لكن افتتاح بعض المكتبات على النت مثل «كندل» التابعة لشركة أمازون الأميركية، و«فناك» الفرنسية من شأنه مراقبة توزيع الكتب والحفاظ على حقوق المؤلف والحصول على مداخيل أيضاً.