يحتل الشأن الثقافي ضمن البرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية، موقعا لا يستهان به، وعيا بأهمية الثقافة في تنمية المجتمع. وفي هذا الإطار، يؤكد الحزب على التزامه بتثمين الثقافة والإبداع، عبر رفع الميزانية المخصصة لهذا القطاع، ضمن الميزانية العامة للدولة، مع تشجيع الشراكات والاستثمار الخصوصي في المجال الثقافي، واستكمال النظام القانوني الذي يهم قانون الفنان وتنظيم القطاع وتحصينه. كما يلتزم الحزب بإحداث آلية تُعهد إليها مهمة تدبير وتنسيق العمل في مجال التراث وحماية وتأهيل تراثنا الثقافي في تنوعه، وتيسير وتعميم الولوج إلى الخدمات الثقافية، والحد من الفوارق الجهوية، مع إعطاء الأولوية للعالم القروي، إلى جانب حماية وتقوية مكتسبات المبدعين والفنانين وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية. ولم يغفل حزب التقدم والاشتراكية الدور الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني، حيث يلتزم بتقوية دعم الجمعيات الثقافية على أساس معايير موضوعية وشفافة. من جهة أخرى، يؤكد الحزب التزامه بوضع مخطط استعجالي لتوفير البنيات التحتية الضرورية والأساسية في عموم التراب الوطني، من متاحف، ومسارح، ومعاهد للتعليم الفني، وخزانات، وقاعات السينما، ودور الثقافة... وفق منهجية جهوية وتشاركية تأخذ في الحسبان التنوع الثقافي، وفي إطار شراكات مع الهيآت المنتخبة والقطاع الخاص، وبرامج التعاون الدولي، بالإضافة إلى التسريع بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وفق مقاربة تشاركية تضمن نجاعة ودمقرطة السياسة الثقافية. وفي هذا المجال، أكد الحسين الشعبي، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية والمنسق الوطني لقطاع الثقافة والفنون والاتصال، أن المسألة الثقافية شكلت دائما إحدى الأولويات في أطروحات وتحاليل حزب التقدم والاشتراكية. ذلك ما تؤكده، يضيف الحسين الشعبي في تصريح لبيان اليوم، كل وثائق الحزب الرسمية لاسيما منها أطاريح المؤتمرات الوطنية، وتقارير اللجان المركزية وعدد من الوثائق الصادرة عن ندوات وملتقيات نظمها الحزب لهذا الغرض، ومنها ندوة كبرى عقدها بمدينة أكادير حول السياسات العمومية في مجالي الثقافة والاتصال.. اهتمام الحزب بالمسألة الثقافية ليس حبيسا في الوثائق الرسمية للحزب، يؤكد المتحدث، وليس مقتصرا على التصريحات والمواقف المعلنة، بل يتخذ هذا الاهتمام شكلا تنظيميا يندرج ضمن الهياكل الوطنية والمحلية للحزب. ويتضح ذلك من خلال القطاعات السوسيو مهنية التي تنتظم داخل الحزب ومنها «قطاع الثقافة والفنون والاتصال»؛ وهو قطاع بمثابة قناة استقبال حزبية للمهنيين والمشتغلين في الحقل الثقافي عموما، ومنهم مفكرون، ومبدعون، وفنانون، وإعلاميون، وصحفيون، ومهنيو الصناعات الثقافية والفنية، ومهنيو الاتصال بمختلف أصنافه. هذه البنية التنظيمية السلسة والمنفتحة جعلت حزبنا يشكل قطب اجتذاب رحب لهذه الشريحة من المواطنين، ومكنته من صياغة مقارباته للمسألة الثقافية بمنهج تشاركي مع المعنيين وذوي الاختصاص. أضف إلى ذلك، يقول المتحدث، أن الحزب عمد إلى ترشيح أحد أعمدة الموسيقى المغربية الفنان مولاي أحمد العلوي كوكيل للائحة الكتاب بدائرة الرباط شالة في قلب العاصمة السياسية للبلاد، إلى جانب وصيفه المخرج المسرحي اللامع الدكتور مسعود بوحسين، وهما معا أعضاء مناضلين في صفوف الحزب، ومن بين النشطاء الملتزمين في قطاع الثقافة والفنون والاتصال التابع للحزب... ولعل الهدف السياسي والبيداغوجي الذي نتوخاه من خلال ترشيح هذين المبدعين الكبيرين، يتمثل أساسا في بعث رسالة قوية إلى الدولة والمجتمع والنخب السياسية والفكرية مفادها أن تدبير الشأن العام وأن تجديد وتنويع النخب مسألتان تعنيان أيضا المثقفين والفنانين، وربما هم أقدر من غيرهم على تمثل القضايا الحقيقية والعميقة للمجتمع، لأن هذه القضايا تشكل في واقع الأمر الزخم الإنساني الذي تنتعش به مخيلتهم يوميا ويستثمرونه في إبداعاتهم وتصوراتهم.. وبخصوص البرنامج الثقافي للحزب خلال هذه الانتخابات، أضاف الشعبي أنه إذا كنا نلاحظ عموما أن المسؤولين عن تدبير الشأن العام وطنيا ومحليا يضعون المسألة الثقافية في أدنى درجات سلم اهتماماتهم، وتصبح الثقافة والفنون آخر ما يتم التفكير فيه والتخطيط له! فإن البرنامج الانتخابي الذي يعرضه الحزب ويقترحه على الناخبين لهذه الاستحقاقات النيابية، يضع القضية الثقافية في صلب التزاماته السياسية، في نطاق تصور شامل لتثمين الثقافة والإبداع. وتتوزع هذه الالتزامات على الخطوط العريضة التالية كما جاء في الوثيقة البرنامجية التي عممناها على المواطنين: - رفع الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة، ضمن الميزانية العامة للدولة، مع تشجيع الشراكات والاستثمار الخصوصي في المجال الثقافي، واستكمال النظام القانوني الذي يهم قانون الفنان وتنظيم القطاع وتحصينه. - إحداث آلية تُعهد إليها مهمة تدبير وتنسيق العمل في مجال التراث وحماية وتأهيل تراثنا الثقافي في تنوعه. - تيسير وتعميم الولوج إلى الخدمات الثقافية، والحد من الفوارق الجهوية، مع إعطاء الأولوية للعالم القروي. - حماية وتقوية مكتسبات المبدعين والفنانين وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية. - تقوية دعم الجمعيات الثقافية على أساس معايير موضوعية وشفافة. - وضع مخطط استعجالي لتوفير البنيات التحتية الضرورية والأساسية في عموم التراب الوطني، من متاحف، ومسارح، ومعاهد للتعليم الفني، وخزانات، وقاعات السينما، ودور الثقافة... وفق منهجية جهوية وتشاركية تأخذ في الحسبان التنوع الثقافي، وفي إطار شراكات مع الهيآت المنتخبة والقطاع الخاص، وبرامج التعاون الدولي. - التسريع بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وفق مقاربة تشاركية تضمن نجاعة ودمقرطة السياسة الثقافية. وفي ذات السياق أكد الدكتور محمد عبد الوهاب العلالي، الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام بالرباط، وصاحب عدة مؤلفات، منها «الثقافة والاتصال والمجتمع»، و»الدليل العملي للناخب والمنتخب» و»500 سؤال حول الانتخابات والمؤسسات المنتخبة»، أن حزب التقدم والاشتراكية يولي مكانة هامة في برنامجه الانتخابي للمسألة الثقافية، حيث يعتبرها من الأولويات ضمن اهتماماته الأخرى ذات الصلة بالاقتصاد والاجتماع، إيمانا منه بأنه لا يمكن تحقيق تطور مجتمعي في غياب مكانة ملائمة للثقافة. وأوضح العلالي في تصريح أدلى به لبيان اليوم، أن هناك التزامات دقيقة تهم الشأن الثقافي بمختلف أبعاده، مسطرة ضمن البرنامج الانتخابي للحزب، وهذا مؤشر إيجابي، وكل هذه الالتزامات تحتفظ بأهميتها وقيمتها، من قبيل ترسيخ التعدد والتنوع الثقافي واللغوي، وتطوير البنيات التحتية الثقافية على الصعيد الوطني لتحقيق توزيع عادل للثروات الثقافية سواء في العالم القروي أو الحضري، مع إيلاء اهتمام أقوى بالعالم القروي. ومن بين الالتزامات الأخرى التي يضعها الحزب ضمن أولوياته، يضيف العلالي رئيس اللجنة الدائمة للثقافة التابعة للجنة المركزية للحزب، العناية بمكانة المثقف والفنان والعمل على تمتيعه بالحرية وأيضا بشروط العيش الكريم، وتوفير الحماية الاجتماعية له، بالنظر للأدوار الإيجابية التي يضطلع بها في المجتمع. وتطرق العلالي إلى النقطة المتعلقة بالتراث الثقافي سواء المكتوب أو الشفوي أو المادي، ونوه بالتزام الحزب بوضعها كذلك ضمن أولوياته في برنامجه الانتخابي، بالنظر لأن هذا التراث يمثل إرث المغاربة جميعا، ومن حق الأجيال أن تتداول جزء من الرصيد الثقافي الوطني. كما لفت العلالي الانتباه إلى الجانب المتعلق بالأمازيغية، منوها بالتزام الحزب بتعزيز مكانتها، بعد ترسيمها في الوثيقة الدستورية، من خلال العمل على تنزيل القوانين المرافقة لجعلها ضمن الممارسة اليومية لكل المواطنين. وخلص العلالي في هذا التصريح الذي أدلى به لبيان اليوم، إلى أن حزب التقدم والاشتراكية، يؤكد من خلال برنامجه الانتخابي على الاهتمام بالمجال الثقافي كما ونوعا. فمن الناحية الكمية، يلتزم الحزب بالعمل على تغيير جوهري في الإدارة الثقافية مستقبلا، مع الأخذ بعين الاعتبار رفع الميزانية المخصصة لهذا القطاع، على نحو يساهم في تلبية الاحتياجات المتراكمة عبر سنوات عديدة، إذ لا يمكن تدبير الشأن الثقافي بميزانية لا تصل إلى واحد في المائة. ومن الناحية النوعية، يعمل الحزب على توفير المرافق الثقافية التي تتوافق مع المعايير الدولية لتدعيم حضور ومشاركة واسعة وفعالة للشباب في ولوج هذه المرافق والاستفادة من خدماتها الثقافية، فضلا عن ذلك، تعزيز الهوية الوطنية لدى أوساط الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتوطيد الروابط الثقافية معهم.