الجرائم الإلكترونية تجمع قادة العالم في بريطانيا لفرض حدود لجغرافية فضاء الإنترنت تمثل الانترنت فضاء مفتوحا ليس بمعزل عن المجتمع، وتستغله مجموعات ودول لأغراض شنيعة تتمثل في الجرائم والتجسس والحد من حرية تدفق المعلومات والأفكار. وتسعى دول بزعامة الولاياتالمتحدة وبريطانيا إلى وضع آلية لفرض قوانين على استخدام الانترنت في العالم، فالفضاء الالكتروني عالم لا تحكمه حدود جغرافية من حيث المخاطر التي تزداد يوما بعدَ الآخر، وقد كشف المؤتمرُ الخاص عن تحديات الانترنت الذي استضافَته لندن مدى الشرخِ الهائل في التصدّي لهذه الحربِ الالكترونيةِ الباردة، والتي بدأتْ تستخدمُ لأغراض عسكريةٍ وتجارية وحتى إرهابية، أو لإحداثِ أضرارٍ جسيمةٍ في البنى التحتية. وإن تحاشَت مناقشات التصدّي لهذه الجرائم الالكترونية الكشف عن مصدرِها، فإن أصابع الاتهامِ تشيرُ إلى الصين وروسيا. ويقول خبير في الشؤون الأمنية ماثيو هانت: «ليس سرا في اوساط منظمات الأبحاث المستقلة المعنية بالشؤون الأمنية في كل من بريطانيا والولاياتالمتحدة أن غالبية هجمات الانترنت تأتي من دول عدائية للغرب، وعلى صدارتها الصين وروسيا، فهذه مشكلة تطال الدول الغربية». وبسبب الاختراقات الأمنية والتجسس الالكتروني المتواصل، فقد اعتمدَتْ دول استراتيجيات إنشاء قياداتٍ إلكترونية لتحصينِ دفاعاتِها وحماية شبكات الإنترنت من التهديدات الإرهابيةِ وهجماتِ القراصنة، سواء أكانَتْ لسرقةِ المعلوماتِ أو لشلّ العملياتِ في أنظمةِ الشبكةِ العنكبوتيةِ التابعة للحكومات. ولا يستبعد ماثيو هانت «ان تزيد الهجمات الالكترونية بشكل كبير، خصوصا مع الاعتماد على الانترنت وانظمة الكمبيوتر في الأسواق المالية والتجارة». ويرى «أن العالم أضحى عرضة اكثر للقرصنة وسرقة المعلومات، لذا ترى الحكومات ان مواجهتها اصحبت من اولوياتها». وإن فشل مؤتمر الفضاء الإلكتروني في كيفية التوصل إلى صيغة حلول الجرائم الالكترونية وفرضِ قوانين على شبكةِ الانترنت فقد أجمعَ المشاركون على ضرورةِ إبقاء الانترنت فضاء مفتوحاً للجميع، مع ضرورةِ احترامِ الحقوقِ الفردية وحمايةِ الملكية الفكرية لتبقى مبادئ أخرى في المؤتمر قيدَ الدراسةِ في ندواتٍ مستقبلية. ويحضر المؤتمر الذي بدأ الأربعاء الماضي ممثلون عن كبرى شركات الانترنت والوكالات التخصصية في مكافحة جرائم الإنترنت. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن فكرة عقد المؤتمر هي جمع أبرز الفاعلين في هذا المجال وإطلاق حوار شامل للتوصل إلى حلول جماعية ومواجهة الصعوبات والمشاكل المرتبطة بتطور الانترنت. ويرى هيغ أن حضور وفود من الصين وروسيا هذا المؤتمر يمثل أهمية خاصة نظرا لأن الخبراء يلقون باللوم دائما على هاتين الدولتين في العديد من الهجمات التي تشن على شبكات الإنترنت الخاصة بالدول الغربية، كما أنهما اختلفتا بشدة مع الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة بشأن الخطوات الواجب اتخاذها لسن معايير دولية تتعلق بأمن الإنترنت. وترى المملكة المتحدة أن جرائم الانترنت لا تزال واحدة من أكبر التهديدات للاقتصاد البريطاني ويقول مسؤولون في الحكومة إن هذه الجرائم تكلف الاقتصاد البريطاني نحو 27 مليار جنيه سنويا. وفى الكلمة الافتتاحية للمؤتمر قدم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عددا من المجالات التي يأمل أن يتم إحراز تقدم فيها لا سيما الجهود الرامية إلى تقليص مخاطر الحرب على الانترنت بين الدول إلى جانب استخدام الشبكة العنكبوتية في تعزيز النمو والتفاعل الاجتماعي عبر العالم. من جانبه رحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بتأسيس التحالف الدولي. وقال كاميرون «اضطرت حكومتنا إلى ضخ حوالي 650 مليون جنيه استرليني للمساعدة في تحسين البنية التحتية والحماية من خطر الجرائم الإلكترونية، ولكن طبيعة هذا التهديد يتطلب أكثر من تحرك على الصعيد الداخلي». وأضاف «التهديد يتطلب تحرك دولي ولهذا تم إنشاء التحالف الدولي للأمن الإالكتروني»، موضحاً أنه «إلى جانب توطيد العلاقات بين الشركات والحكومات ومسؤولو تنفيذ القانون حول العالم فإن التحالف الجديد الذي لا يهدف للربح وسيرأسه وزير الداخلية البريطاني الاسبق ديفيد بلانكيت» سينمي الاستثمار في مجال التدريب وتبادل الخبرات، طبقاً لما ورد بموقع ال»بي بي سي». وأشار كاميرون إلى أن الهدف من التحالف الجديد هو تحسين قدرة تنفيذ القانون الدولي والمساعدة على حماية الشركات وعملائها ضد هذا التهديد لم يسبق لها مثيل. ويتوقع أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتمويل التحالف الجديد إضافة إلى بعض حكومات الدول. ومن جانبه، أكد جيمس بروكينشير وزير الدولة البريطاني لشئون منع الجريمة، أنه على الرغم من أن اللإنترنت عاد بفائدة كبيرة للأفراد والشركات ولكنه منح الفرصة للمجرمين للعمل داخل حدود الدول. وأضاف أن الجرائم الإلكترونية مشكلة عالمية خطيرة وحتى نتصدى لها نحن بحاجة إلى شراكة قوية بين الدول في القطاعين العام والخاص ويشكك بعض المعلقين في نجاح المؤتمر نظرا لتعارض مصالح أوروبا والولاياتالمتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى في مجال حرية الرأي والتعبير على الانترنت ويقول خبراء أمنيون إن الصناعة أحرزت تقدما هائلا في تعزيز أمن المعلومات وهي لا تحتاج إلى توجيهات حكومية وهناك مؤسسات كبيرة من خبراء الأمن تحول دون قطع الخدمة أو شن هجمات بواسطة الإنترنت. وفي سياق ذي صلة، أكدت شركة «سيمانتك» الأمريكية لحماية الشبكة الإلكترونية أن المعدل السنوي لكلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم يبلغ 114 مليار دولار. وأوضحت الشركة في تقرير بعنوان «نورتون سايبركرايم» 2011 وهو أكبر تقرير من نوعه حول كلفة الجرائم الإلكترونية أن 431 مليون بالغ حول العالم كانوا ضحية للتهديدات الإلكترونية العام الماضي أي ما معدله مليون ضحية يومياً و14 في الثانية. وأكدت الشركة لأن كلفة الجرائم الإلكترونية العام الماضي بلغت 388 مليار دولار وهي قيمة الخسائر المالية وخسارة الوقت أي إنها تجاوزت قيمة السوق السوداء للماريجوانا والكوكايين والهيرويين والتي تبلغ 288 مليار دولار، طبقاً لما ورد ب»الوكالة العربية السورية». وأوضح التقرير أن ثلثي البالغين حول العالم أي 69 بالمئة كانوا ضحايا للجرائم الإلكترونية في حياتهم وأظهرت النتائج أيضاً أن 10 بالمئة من البالغين تعرضوا لجرائم إلكترونية على هواتفهم النقالة. وأشار إلى أنه خلال الأشهر ال12 الماضية تضاعف عدد البالغين الذين عانوا من الجرائم الإلكترونية ثلاث مرات، إلا أن أقل من ثلث المستطلعين يعتقدون إنهم معرضون للجريمة الإلكترونية أكثر من الجريمة الجسدية في العام المقبل.