بعد مرور دورات معدودة، على انطلاق بطولة هذا الموسم، فوجئ المتتبعون مرة أخرى بتخلي مجموعة من الأندية على مدربيها… هي ظاهرة أصبحت مألوفة وغير مفاجئة، بانطلاق مبكر لمسلسل التخلي عن مدربي أندية القسم الأول والثاني، ببطولة يقال أنها احترافية. وكان فريق اتحاد طنجة، أول من افتتح موسم إقالة المدربين، بعدما انفصل عن مدربه هلال الطاير، بعد جولة واحدة فقط، ليتم تعويضه بعمر نجحي.. وعلى نفس المنوال، قرر نادي أولمبيك أسفي، إقالة المدرب التونسي منير شبيل، بعد سلسلة من النتائج السلبية، وتم تعويضه بعبوب زكرياء. يوسفية برشيد تخلى عن امحمد كيسر الذي حقق معه الصعود، ولا زال هناك تخبط بخصوص خليفته، فجهة عينت سكيلاتي، وهناك من يرفض تكليفه بهذه المهمة، وهو تخبط سببه تسيب وفوضى على مستوى تسيير الفريق "لحريزي"… في نفس الإطار غادر عزيز كركاش، فريق نهضة الزمامرة، وعوضه أمين بنهاشم. كما انطلقت الظاهرة على وجه السرعة بالقسم الثاني، حيث تمت إقالة كل من مراد فلاح بالجمعية السلاوية، ليتم التعاقد مع عبد الرزاق خيري، كما غادر رضوان العلالي، فريق رجاء بني ملال، بسبب سوء النتائج، وعوضه محمد بكاري. ميلود مذكر غادر هو الآخر أولمبيك خريبكة، وتم تعويضه بمنير الجعواني، كما انفصل أولمبيك الدشيرة عن المدرب مصطفى أوشريف، وعوضه يوسف أشامي، وهناك احتمال مغادرة أسماء أخرى الأندية التي تشتغل معها، أي أن الأغلبية الساحقة تبقى مهددة، حتى إشعار آخر… نتحدث هنا وكما جرت العادة عن عدم الاستقرار ودرجة الارتباك، واقع مؤسف يطغى على واقع الأغلبية الساحقة من أندية وفرق، هذه البطولة التي تصل لموسمها الاحترافي الثالث عشر، ومن المفروض أن يكون هناك تراكم للخبرة والاستفادة من التجارب، وغيرها من الشروط التي تبدو عادية وبديهية، ومن الطبيعي -في حال الالتزام بها- أن تقود إلى الاستقرار المطلوب، الذي يطمح له الجميع، ولا يعمل على إرسائه… يطرح التساؤل الأزلي حول الأسباب التي تعجل بحدوث طلاق "التراضي" بين الأندية ومدربيها، والأدهى من ذلك بصفة مبكرة، إذ من غير المقبول أن يحدث التخلي، عن مدرب تم التعاقد معه على أساس معطيات وشروط واضحة، من المفروض أن تكون رجحت كفته على مستوى الاختيار… يبقى هذا التساؤل بدون جواب شاف، أو مقنع اللهم من مبررات واهية، تحاول إضفاء نوع من الإقناع المغلوط، تعدد أسباب ودوافع الاختيار، معززا بدلائل للاستهلاك الإعلامي، سعيا لامتصاص غضب الجمهور… لتتكرر بعد ذلك نفس الأخطاء، التي تقود حتما إلى نفس النتائج. المتعارف أن الأغلبية الساحقة من رؤساء أندية القسم الأول وحتى الثاني، لا يريدون أبدا التخلي عن صلاحيات منحوها لأنفسهم، وتتجلى في الانفراد بقرارات تهم طريقة التعاقد مع المدربين واللاعبين على حد سواء، وهذا سبب مباشر وراء كل هذا التخبط التقني الذي يطغى على المشهد العام… وكما أكدنا على ذلك في أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، فإن المعضلة الأساسية، تكمن في غياب إرادة حقيقية، التي تقود إلى إرساء أسس وهياكل إدارات تقنية بصلاحيات واسعة، وبمسؤوليات واضحة ومحددة… مما لا جدال فيه أن الهيكلة التقنية، تعد ركنا أساسيا في أية منظومة رياضية، يحترم فيها التخصص، ويمنع التسلط أو التجاوز، إلا أن هذا المكسب الحيوي يبقى بعيد المنال، ليظل الحال على ما هو عليه، إلى أن يقتنع السادة الرؤساء، أن الدور المطلوب منهم هو التسيير والتدبير، والبحث عن موارد وضمان استقرار لمسار الأندية، وليس القفص على الاختصاصات، والانفراد بكل السلط والصلاحيات، وهذا سبب عدم الاستقرار الذي نلاحظه كل موسم…