أجمع متدخلون في ندوة فكرية عقدت يوم الخميس الماضي بخريبكة حول « صورة الهجرة في الفيلم الوثائقي» أنه بالرغم من كون الهجرة ظاهرة كونية فرضتها طبيعة الإنسان منذ غابر الأزمان، إلا أن طريقة معالجتها في الفيلم الوثائقي جعلتها حبيسة الصورة المعروضة كرسالة تدعو المتلقي للتفاعل معها. وأكدوا من خلال هذه الندوة, المنظمة ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة, أن الغاية من اللجوء إلى هذا القالب الإبداعي والفني تكمن أساسا في العمل على صناعة الرأي العام والتأثير فيه اعتمادا على الصورة التي تبقى وسيلة لمحاكاة الواقع. وفي هذا السياق, تمت الإشارة إلى أن «الحرب الإعلامية فسحت المجال لاستعمال هذه الأداة التواصلية في غير موضعها» حيث وظفها البعض في مهاجمة المهاجر العربي على الخصوص جاعلا منه مصدر خطر وإزعاج مما أفرز نوعا من العداء والعنصرية المجانية, بل فسح المجال لاتخاذ موضوع الهجرة في الحملات الانتخابية كورقة رابحة ضمن المشاريع السياسية. ومما يثير الاستغراب, حسب احد المتدخلين, انه بالرغم من كون الهجرة وفق المفهوم الأممي لا تتعدى 200 إلى 230 مليون مهاجر, أي نحو 3 في المائة من ساكنة العالم, إلا أنها أحدثت ضجة كبرى خاصة في الآونة الأخيرة كرهان أو تحدي, بعدما كانت في البداية الأمر وسيلة أساسية للتفاعل والتعارف بين الشعوب والقبائل ولتلاقح الثقافات والحضارات. وذهب إلى حد القول أن البشرية كلها نتاج هجرات داخلية وخارجية بل هي المحرك الأساسي للمجتمعات. وحتى تستعيد الهجرة صورتها الطبيعية في الأذهان فقد دعا المشاركون في هذه الندوة إلى التفكير في إمكانية إشراك مختلف الفاعلين في الميدان السمعي البصري من أجل العمل على إفراز منتوج إبداعي وثائقي كفيل بإظهار الصورة الحقيقية للعالم العربي الإسلامي الأكثر استهدافا وذلك ردا عن الاتهامات التي تتعقبه. كما أوصوا بمخاطبة الغرب عبر هذه الأفلام الوثائقية بلغتهم وذلك من خلال التعامل مع مخرجين أجانب ممن اشتهروا بالحياد والموضوعية في أعمالهم الفنية, ومن جهة أخرى فسح المجال للمؤسسات التعليمية للانفتاح أكثر على الصورة عموما والأفلام الوثائقية على الخصوص مع البحث عن سبل اعتمادها كأسلوب للتعبير عن ذوات التلاميذ والطلبة وكذا لمخاطبة الآخر. وقد شارك في هذه الندوة الفكرية, التي كانت مناسبة للحديث عن هجرة الأدمغة والتحف الفنية وغيرها من المواضيع كأهمية السرد في الفيلم الوثائقي, عدد من المفكرين والباحثين المغاربة إلى جانب المخرجة الإيطالية جيوفانيا تافياني ورئيس قسم الإنتاج بالجزيرة الوثائقية القطري نبيل العتيبي.