خصص الناقد السينمائي عبد الإله الجوهري، معد ومخرج البرنامج التلفزيوني «كاميرا الأولى»، الفقرة الثالثة من حلقة برنامجه المواكب لأحداث ووقائع السينما والسمعي البصري ببلادنا، للتعريف بجوانب من المسيرة الفنية لرائد دبلجة الأفلام بالمغرب الراحل إبراهيم السايح (2011-1925). وقد تزامن البث الأول لهذه الحلقة مع إحياء أسرة الراحل للذكرى الأربعينية لوفاته. ويمكن القول إن معد البرنامج ومخرجه نجح إلى حد كبير، عبر تركيب جميل للمعطيات الواردة في التعليق وما جاء على لسان ضيوفه الثلاثة وصور الراحل ومقتطفات من أفلامه المدبلجة وغير ذلك، في تسليط الأضواء على تجربة هذا الرائد السينمائي المغربي الكبير الذي انطلقت معه التجربة المغربية في دبلجة الأفلام الأجنبية سنة 1952 بباريس بفيلم «انتصار الحق» عن «الأحدب» من إخراج الفرنسي جان دو لانوا سنة 1944 ومشاركة أصوات عربية على رأسها صوت الممثل المصري الكبير جميل راتب، واستمرت إلى عقد الثمانينات بكل من الرباط والدار البيضاء. ومما لفت انتباهي في الفقرة المخصصة للراحل السايح من برنامج «كاميرا الأولى» هو اختيار «أوارد» إحدى أجمل أغاني المطرب الهندي الكبير محمد رفيع (1980-1924) التي اعتبرت سنة 1965 أحسن أغنية يتضمنها الفيلم الذائع الصيت «دوستي» الذي دبلجه السايح تحت عنوان «الصداقة» ولقي نجاحا منقطع النظير في جل القاعات السينمائية المغربية الشعبية، وتوزيع مقاطع منها على امتداد الدقائق العشر من عمر هذه الفقرة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على دراية معد ومخرج البرنامج بتاريخ وواقع السينما الهندية، فهو أحد المتخصصين والمولعين بالفيلم الهندي، خصوصا في عصره الذهبي، الذي حظيت العشرات من عناوينه بدبلجات الراحل ابراهيم السايح التي ساهمت بشكل أو بآخر في ترسيخ الشكل الهندي البوليودي كمكون أساسي من مكونات الفرجة السينمائية بالمغرب. وللحديث عن تجربة السايح، استضاف الجوهري الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي، المهتم بتاريخ السينما بالمغرب، والمترجم محمد الحسيني، المتخصص في ترجمة حوارات الأفلام الهندية الموزعة ببلادنا، والممثل مولاي عبد الله العمراني الذي اشتغل مع الراحل في بعض أفلامه المدبلجة. وتمحورت تدخلات سيجلماسي حول أهم محطات المسيرة الإعلامية والفنية للراحل السايح منذ نشأته في وسط عائلي رباطي عريق مطبوع بمحبة العلم ودراسته الابتدائية والثانوية وتخصصه في الترجمة من الفرنسية إلى العربية، مرورا بالوظائف المختلفة التي شغلها بالمكتبة الوطنية من 1945 إلى 1950 وجريدة «السعادة» و»راديو ماروك» وقناة «تيلما» في مطلع الخمسينات بالدار البيضاء وانتهاء بالتفرغ لدبلجة الأفلام الأروبية والأمريكية وخصوصا الهندية. ولم تفته الإشارة إلى الأفلام الوثائقية، وعلى رأسها فيلم «محمد الخامس» سنة 1955، التي أنتجها وأخرجها السايح وبعض الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة التي ساعد في إخراجها أو كتابة حوارها العربي إلى جانب مخرجين فرنسيين، والمسلسلان التلفزيونيان اللذان دبلجهما لفائدة التلفزة المغربية في منتصف الثمانينات وبعض الإصدارات. أما الأستاذ الحسيني فقد تحدت عن طريقة السايح في الدبلجة وعن اشتغاله معه في ترجمة حوارات بعض الأفلام الهندية من قبيل «نور العين» و»الحب والخطيئة» وغيرهما. كما أشار إلى بعض عناوين الأفلام الناجحة التي دبلجها السايح بالرباط كفيلم «الصداقة» وبالبيضاء كفيلم «الحب والحياة» وبباريس كأفلام «كوهينور» و»طريق العمال» و»المتشرد» وغيرها. في حين تحدث الممثل القدير مولاي عبد الله العمراني عن اشتغاله مع السايح في بعض أفلامه المدبلجة وأشاد بالطريقة العلمية التي كان يتبعها الراحل ابراهيم في نقل مضامين الحوارات إلى عربية دارجة مفهومة عبر تقنيات مضبوطة. وتجدر الإشارة إلى أن جل كبار الممثلين المغاربة سبق لهم أن اشتغلوا مع السايح في دبلجاته سواء داخل المغرب أو خارجه، نذكر منهم على سبيل المثال الأساتذة: حميدو بنمسعود والراحل محمد الزياني والطيب الصديقي ونبيل لحلو وأحمد الطيب العلج والراحل محمد سعيد عفيفي والراحل العربي الدغمي ومحمد حسن الجندي والراحل عبد الرزاق حكم ومصطفى منير وصفية الزياني والهاشمي بن عمر وحبيبة المذكوري والراحلين لطيفة وحسن الصقلي وعزيز موهوب والراحلة وفاء لهراوي وزكي الهواري والراحل محمد أحمد البصري ونعيمة المشرقي ونور الدين بكر وعبد القادر مطاع وهلال عبد اللطيف ومحمد الحبشي وسعد الله عزيز وخديجة أسد والراحل عائد موهوب وسعاد صابر وحميد الزوغي ومحمد الخلفي وغيرهم كثير.