باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    الاحتيال على الراغبين في الهجرة السرية ينتهي باعتقال شخصين    حجز 230 كيلوغراما من الشيرا بوزان‬    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    ضمنهم طفل مغربي.. مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم بسكين بألمانيا والمشتبه به أفغاني    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    لا زال معتقلاً بألمانيا.. المحكمة الدستورية تجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    السكوري: نسخة "النواب" من مشروع قانون الإضراب لا تعكس تصور الحكومة    النصب على "الحراكة" في ورزازات    في درس تنصيب أفاية عضوا بأكاديمية المملكة .. نقد لخطابات "أزمة القيم"    ميناء طنجة المتوسط يكسر حاجز 10 ملايين حاوية في سنة واحدة    عامل إقليم الجديدة يستقبل رئيس وأعضاء المجلس الإقليمي للسياحة    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    الشيخات داخل قبة البرلمان    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لراحل إبراهيم السايح رائد دبلجة الأفلام بالمغرب
نشر في طنجة الأدبية يوم 12 - 09 - 2011

فقدت الساحة السينمائية المغربية يوم 29 غشت 2011 بالرباط رائدا من روادها الكبار الدين كان لهم حضور بارز في مرحلة البدايات الأولى للتجربة السينمائية المغربية على مستويات الحوار والمساعدة في الاخراج والدبلجة واخراج أفلام المونطاج الوثائقية.
يتعلق الأمر بالأستاد ابراهيم السايح ، المزداد بالرباط يوم 30 دجنبر 1925 ، الدي عشنا معه فترة دهبية من تاريخ الفرجة السينمائبة ببلادنا تمبزت بالاقبال الجماهيري المنقطع النظير على القاعات السينمائية الشعبية التي كانت شبه متخصصة في برمجة الأفلام الهندية الشعبية الميلودرامية والأسطورية والاستعراضية وغيرها ، التي كان لها رواج في أوساط المراهقين والصناع التقليديين والعديد من الأسر المغربية . فمن منا نحن مواليد الخمسينات من لا يدكر أفلاما مثل " منكلا البدوية " و " ساقي ومصباح علاء الدين " و " ساحر جهنم " و " رستم سهراب " و " الهاربون من جهنم " و " السبيل الوحيد " و " نور العين " و " طريق العمال " و " حداد بغداد " و " الصداقة " الخ الخ ، كانت تعرض بنجاح في مختلف مدن المغرب ؟ ومن منا لم يتمتع بموسيقاها وأغانيها ورقصاتها ؟ ومن منا لم يدرف دموعا وهو يتعاطف مع أبطالها وبطلاتها ؟ ومن منا لم يسبح في العوالم الأسطورية والخيالية التي دارت فيها أحداث تلك الأفلام ؟ ومن منا لم يحفظ عن ظهر قلب أسماء نجوم السينما الهندية كدليب كومار وشامي كابور ووحيدة رحمان ومينة كوماري وغيرهم كثير ؟ أن معاودة مشاهدة نمادج من تلك الأفلام تثير فينا مشاعر خاصة تدكرنا بمراحل المراهقة والشباب وتجعلنا نحن الى سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات بما لها وما عليها . كما تجعلنا نعيد النظر في تقييمنا لتلك الأفلام ونتعاطى معها من منظور الكهول الناضجين لا من منظور المراهقين . ان مشاهدة هده الأفلام في وقتنا الحالي تجعلنا نقف على المجهودات التي قام بها الراحل ابراهيم السايح قبيل وبعد استقلال المغرب من أجل ترسيخ الدبلجة كرافد من روافد تجربتنا السينمائية الفتية . كما تجعلنا نقف على جانب مهم من تاريخنا السينمائي ظل ، للأسف الشديد ، منسيا ومهمشا وبالتالي تمكننا من مقارنة دبلجات السايح ، بما لها وما عليها ، بدبلجات لبنان المفروضة علينا من خلال المسلسلات الميكسيكية وغيرها والتي تتميز بهشاشة حواراتها وركاكة لغتها . وللأسف الشديد لم تلق تجربة ابراهيم السايح عناية كبيرة من لدن مالكي القرار السمعي البصري ببلادنا ولم تستثمر خبرة الرجل الطويلة من أجل تكوين أطر شابة ووضع لبنات مؤسسة وطنية لدبلجة الأعمال السمعية البصرية . فالى متى سنظل مستهلكين لدبلجات الغير بغثها وسمينها ؟ ألا نملك ما يكفي من الامكانيات المالية والبشرية والقانونية وغيرها لمباشرة دبلجة معقلنة تركز على الكيف وتمكننا من تكسير تبعيتنا لفرنسا وغيرها ؟ لقد عاش الراحل السايح بعد عطاءاته الكثيرة والمتنوعة بعيدا عن الأضواء ولم يخرجه من عزلته الا الصحافي التلفزيوني الصديق علي حسن الدي استضافه سنة 1997 في برنامجه السينمائي بالقناة الأولى وخصص دورة شهر ماي كاملة لعرض نمادج من الأفلام الهندية التي دبلجها وهي على التوالي " منكلا البدوية " و " طريق العمال " و " حداد بغداد " و " الأميرة والساحر " . ويمكن اعتبار هده المبادرة التلفزيونية نوعا من التكريم للرجل واعادة اعتبار له كرائد من رواد التجربة السينمائية بالمغرب ، وسيتلوها تكريم آخر بمناسبة توزيع جوائز الجامور على أفضل الأعمال التلفزيونية . ان أفضل تكريم للراحل ، في نظرنا ، هو تحقيق الحلم الدي راوده مند أكثر من نصف قرن والمتمثل في انشاء مؤسسة وطنية لدبلجة الأفلام . لقد حقق السايح حلمه جزئيا وكانت المبادرة منه قبل استقلال المغرب وبعده وما نتمناه جميعا هو أن يعاد النظر في سياستنا الاعلامية السمعية البصرية وأن يتم تخصيص جزء من مداخيل صندوق النهوض بالقطاع السمعي البصري لبناء وتجهيز وتشغيل مؤسسة للدبلجة بطلق عليها اسم الراحل ابراهيم السايح اعترافا بما أسداه من خدمات في هدا المجال . كما نقترح على التلفزيون المغربي بمختلف قنواته عرض الأفلام المدبلجة من طرف السايح حفظا لها من التلف واخراجا لها من دائرة النسيان لتصبح رهن اشارة النقاد و الباحثين في تاريخ الممارسة السينمائية بالمغرب . وبالمناسبة ندعو مؤسسة " الخزانة السينمائية المغربية " بالرباط الى التفكير في تجميع ما تبقى من تراثنا السينمائي القديم بما في دلك الأفلام التي أنتجها وركبها السايح ، محمد الخامس و طريق الحرية و الأمم الاسلامية المستقلة ، أو دبلجها الى العربية الفصحى والدارجة ، 150 فيلما هنديا وباكيستانيا وعشرات الأفلام الفرنسية والمغربية والأمريكية والايطالية ، أو كتب حواراتها العربية وساعد في اخراجها ، أسرار المغرب و ابراهيم وأبناء الشمس وغيرها .
مسيرة سينمائية زاخرة بالعطاء

يعتبر الراحل ابراهيم السايح رائدا من رواد الجيل الأول من السينمائيين المغاربة الدين انفتحوا على عوالم السينما في وقت مبكر . ويمكن القول أن التاريخ الفعلي للممارسة السينمائية بالمغرب انطلق في عقد الأربعينيات من القرن الماضي بمبادرات فردية كان وراءها سينمائيون عصاميون أمثال محمد عصفور وأحمد المسناوي وابراهيم السايح رحمهم الله وغيرهم .

مرحلة ما قبل التعاطي للدبلجة
تابع ابراهيم السايح دراسته الابتدائية بالمدارس الحرة والثانوية بكوليج مولاي يوسف ومعهد الدراسات العليا المغربية ، قسم الترجمة ، بمسقط رأسه الرباط . وبعد دلك التحق بالمكتبة الوطنية كموظف ، من 1943 الى 1947 ، ونتيجة لاحتكاكه بعالم الكتب ، حيث كان أبوه كتبيا ، أصدر مجموعة من المنشورات المدرسية قبل كتابه حول " كرة القدم المغربية " وعشرة أعداد من مجلة الأطفال المصورة " صوت الشباب المغربي " سنة 1947 التي كانت الأولى من نوعها في مغرب الأربعينات ، الشيء الدي جعله يتلقى عنها رسالة تشجيع من الملك الراحل محمد الخامس . وفي نفس السنة راودته فكرة دبلجة الأفلام متسائلا : لمادا لا نشاهد الأفلام الأجنبية بلغتنا العربية ؟ وحاول جاهدا أن يترجم هده الفكرة الى واقع فعلي . وهكدا استغل تواجده بفرنسا أثناء رحلة سياحية رفقة مجموعة من الشباب المغربي ليستفسر عن طرق الدبلجة وأساليبها ، وقرر في الأخير أن يعود الى باريس ويقيم بها حتى يحقق حلمه . وفي سنة 1948 سجل السايح اسمه في السجل التجاري بالرباط في مهنة دبلجة وانتاج الأفلام السينمائية ، وبعد دلك اشتغل كمترجم الى العربية ومحرر للأخبار لفائدة جريدة " السعادة " والمحطة الاداعية " راديو ماروك " .

الخطوات الأولى على درب الدبلجة
شكلت سنة 1950 منعطفا في حياة ابراهيم السايح ودلك لأنها السنة التي سيخطو فيها أولى خطواته على درب الدبلجة والانتاج السينمائيين . ففي هده السنة اشترى حقوق دبلجة الفيلم الفرنسي " الأحدب " ، أحدب نوتر دام ، الدي أخرجه جان دو لانوا سنة 1944 ، ودبلجه الى العربية الفصحى . ولم تكن لدى السايح في هده الفترة دراية كافية بتقنيات الدبلجة ، الشيء الدي جعله يواجه صعوبات لغوية ومالية وتقنية تغلب عليها بمثابرته وصبره واستعانته في باريس ببعض الأخصائيين في هندسة الصوت والتوضيب والميكساج . لقد كان السايح في بداية عهده بالدبلجة يقضي الساعات الطوال أمام المرآة يردد الجملة الفرنسية وترجمتها العربية مع احصاء عدد الكلمات والحروف وكيفية النطق وحركة الشفتين وهدا ما جعل أول دبلجة له تستغرق عدة أشهر .، في حين لم تكن تستغرق دبلجة فيلم طويل فيما بعد أكثر من أسبوعين . لم يعرض فيلمه " الأحدب " المدبلج بكيفية منتظمة في المغرب لأنه كان ناطقا بالعربية الفصحى مما جعل أصحاب القاعات السينمائية آنداك ، بداية الخمسينات ، وجلهم من الأجانب ، يرفضون عرضه وبرمجته . ونتيجة لهدا الرفض أصيب السايح بخيبة كبيرة أمام فشل أول تجربة مغربية في مجال الدبلجة . لكن التعويض جاء عندما تمكن أحد الموزعين من بيع نسخ من هدا الشريط المدبلج لبعض الأقطار العربية ، الشيء الدي ترتب عنه حصول السايح على مداخيل لا بأس بها مكنته من الزواج . وتجدر الاشارة الى أن الممثل المصري جميل راتب والممثلة السورية منى واصف وغيرهما كانوا من ضمن الطلبة العرب بباريس الدين شاركوا بأصواتهم في دبلجة فيلم " الأحدب " . في سنة 1952 سافر السايح الى فرنسا لتعلم الدبلجة وتقنياتها وتتلمد على أحد الاختصاصيين في الدبلجة وهندسة الصوت وعمليات المونطاج ، وأصبح هدا الاختصاصي الفرنسي فيما بعد أقرب أصدقائه ومعاونيه . وبمجرد عودته الى المغرب اشتغل ابراهيم مع شركة تيلما التلفزيونية بالدار البيضاء بصفته محررا مترجما ودلك لأن السوق المغربية لم تكن تضمن بعد مردودية من وراء الأفلام المدبلجة الى العربية بسبب احجام المستغلين للقاعات السينمائية عن المغامرة في هدا المجال نظرا لنسبة الأمية المرتفعة في أوساط الجمهور وعوامل أخرى .

تجربة الإنتاج وإخراج أفلام المونطاج الوثائقية
بعد مغادرته لشركة تيلما ، التي كانت وراء أول قناة تلفزيونية خاصة بمغرب مطلع الخمسينات ، رجع السايح الى فرنسا وفكر في اخراج فيلم طويل عن حياة الملك محمد الخامس ، خصوصا بعد تفاعله مع حدث نفي الملك من قبل سلطات الاستعمار الفرنسي سنة 1953 ، وما تلاه من نضال الشعب المغربي وقواه الحية من أجل عودة الملك الشرعي وحصول المغرب على استقلاله السياسي . وقبل أن يباشر البحث والتنقيب عن الوثائق البصرية المتعلقة بالمغرب وملكه في بطون الخزانات السينمائية الأروبية استشار بعض رجالات الفكر والسياسة بالمغرب فحبدوا الفكرة بعدما شرح لهم أنه ينوي اختيار أهم الوثائق المصورة لتشكل مادة فيلمه الوثائقي . وهكدا توجه السايح الى مدريد أول الأمر وحاول البحث عن الصور والمواضيع المتعلقة بالمغرب في خزانات الأنباء السينمائية الاسبانية ، لكنه قوبل من طرف موظفيها باحتراس شديد ووجوم مخيف وتساؤلات جعلته يغادر العاصمة الاسبانية بسرعة البرق . وعندما ركز اهتمامه على خزانات فرنسا لم يجد صعوبة في دلك نظرا لكون معظم الوثائق السينمائية كانت في ملكية شركات القطاع الخاص . قضى السايح أسابيع عدة في البحث والتنقيب في سجلات شركة " باطي " وتدوين أهم صور الأحداث وتواريخها مدعيا أنه بصدد التحضير لانتاج فيلم تاريخي صرف . وحتى يوهم العاملين في الشركة بدلك كان يراجع في كثير من الأحيان وثائق لا رغبة له في اقتنائها ودلك حتى لا يشتبه في أمره . وعند مراجعته للمستندات والوثائق السينمائية كان يعثر من حين لآخر على وثائق نادرة لم تستعملها هده الشركة في أسبوعياتها السينمائية ، وثائق عبارة عن نفائس تاريخية ثمينة لم يسبق نشرها ، لا تهم المغرب فحسب بل الكثير من الأقطار العربية والاسلامية ، الشيء الدي جعله يدونها ويستعملها لاحقا في فيلميه الآخرين " طريق الحرية " سنة 1956 و " الأمم الاسلامية المستقلة " سنة 1957 .
فيلم " محمد الخامس " الدي انتهى ابراهيم السايح من اخراجه وانتاجه سنة 1955 وثائقي طويل يحكي عن حياة الملك مند زواجه سنة 1926 الى رجوعه من المنفى ظافرا . وهو فيلم مونطاج استغرق الاعداد له أكثر من سنتين بمساعدة السيدين عبد السلام حجي وعبد الجواد بلافريج والأخصائي الدي تتلمد السايح على يديه . عرض الفيلم لأول مرة في عرض خاص باستوديو السويسي بالرباط بحضور الأميرين آنداك مولاي الحسن ومولاي عبد الله ودلك يوم 29 نونبر 1955 وقدم السايح النسخة الأولى من الفيلم كهدية للملك المجاهد بعد أن تكرم ولي عهده آنداك مولاي الحسن بتسجيل كلمة سامية في مقدمة الشريط . وبعد دلك نظم العرض الأول للفيلم بالرباط والبيضاء في دجنبر 1955 وتوالت عروضه بنجاح منقطع النظير في كثير من قاعات المملكة . ان النجاح الدي حظي به فيلم " محمد الخامس " هو الدي شجع السايح على انتاج فيلمين وثائقيين آخرين هما " طريق الحرية " و " الأمم الاسلامية المستقلة " . يحكي الفيلم الأول ويصف أفراح الشعب المغربي بعودة ملكه المحبوب ويتضمن تسجيلات لأهم الأغاني والأناشيد الوطنية التي جادت بها قريحة الشعراء والملحنين والمطربين بهده المناسبة السعيدة . وقد أدرج السايح في بداية هدا الفيلم وثائق مصورة لم يسبق نشرها في المغرب تتعلق بالبطل الشهيد علال بن عبد الله حينما ضحى بحياته وهو يحاول قتل السلطان المزيف الدي نصبته سلطات الحماية ، اضافة الى وثائق حية لبعض رجال المقاومة وهم في مراكز شرطة المستعمر الغاشم . أما الفيلم الثاني فيتضمن لقطات ومشاهد نادرة لأحداث تتعلق ببعض الأقطار الاسلامية .
بعد انجاز وعرض فيلم " الأمم الاسلامية المستقلة " استقر ابراهيم السايح ابتداء من سنة 1957 بفرنسا لأنه لم يجد الامكانيات المادية الضرورية لممارسة الدبلجة ، مهنته الأصلية ، في بلد حديث العهد بالاستقلال .

المنفى الإختياري وانفتاح آفاق الدبلجة
فضل السايح الإقامة بفرنسا نظرا للإمكانيات المتوفرة هناك ، وهكذا سيوقع عقدا مع شركة فرنسية متخصصة في توزيع الأفلام الهندية بالشمال الإفريقي ، ومن هنا ستنفتح أمامه آفاق الدبلجة . ويعتبر " ساقي ومصباح علاء الدين " أول فيلم هندي دبلجه السايح الى العربية الدارجة بمشاركة الممثل المغربي المقيم بفرنسا حميدو بنمسعود وعدد لا بأس به من الممثلين الجزائريين والتونسيين وغيرهم . وبفضل النجاح الذي حققته الأفلام الهندية المدبلجة في السوق المغاربية سيتعاقد السايح مع شركات أخرى للمزيد من حصة الأفلام المدبلجة سنويا . ولتوسيع مجال تحركه تعاقد السايح مع شركة " باطي " المشهورة لدبلجة الأفلام الفرنسية وغيرها . والملاحظ أن جل الشركات التي تعاقد معها ابراهيم السايح كانت لها فروع في الدار البيضاء والجزائر وتونس ، ولعل هدا ما يبرر اللجوء الى أصوات الممثلين والفنانين المغاربيين أمثال الطيب الصديقي ونبيل لحلو والحاجة الحمداوية ومحمد الزياني وعلي بن عياد وباشطارجي وغيرهم لأن الأفلام الناطقة بالعربية الدارجة المغاربية كان لها رواج كبير في شمال افريقيا .

العودة إلى المغرب واستثمار الخبرة محليا
بعد أن اشتهر الأستاد ابراهيم السايح بدبلجاته لأفلام لقيت نجاحا جماهيريا قرر العودة الى بلاده ليستقر بها حتى يتمكن أبناؤه من متابعة دراستهم داخل وطنهم . ولحسن الحظ استطاع التعاقد مع شركة استوديو السويسي بالرباط للقيام بالدبلجة في شروط احترافية . وهكدا استأنف عمله باستوديوهات السويسي بعد أن جهزها بأجهزة خاصة ودبلج بالعربية الدارجة المغربية عدة أفلام من بينها على سبيل المثال الأفلام الهندية " الأمير أحمد " و " رستم سهراب " و " أمنا الهند " و " الهاربون من جهنم " وعشرات الأفلام الأجنبية الأخرى بمساعدة ثلة من الممثلين المغاربة كمحمد الحبشي وثريا جبران وأعضاء فرقة التمثيل التابعة لدار الاداعة المغربية من عيار العربي الدغمي وعبد الرزاق حكم وأمينة رشيد وحبيبة المدكوري وغيرهم . وبعد اغلاق استوديوهات السويسي انتقل العمل الى استوديوهات عين الشق بالدار البيضاء حيث أنجزت دبلجات العشرات من الأفلام الهندية وغيرها قبل أن تغلق خده الأستوديوهات أبوابها وتنتقل الى المركب السينمائي بالرباط .

السايح في خدمة السينما والتلفزة المغربيتين
أما تلفزيونيا فقد أشرف السايح أواخر السبعينات على ادارة انتاج مجموعة من الأعمال الوثائقية تحت عنوان " خبايا المدن " من اخراج شكيب بنعمر . كما دبلج سنتي 1983 و 1984 مسلسلين فرنسيين الأول بعنوان " فرسان الطيران " في 39 حلقة ، والثاني بعنوان " صديقي الفرس " في 52 حلقة . الا أن هده المسلسلات المدبلجة تكلف كثيرا ولا يمكنها أن تغطي مصاريفها الا ادا تم تسويقها وبيعها لعدة قنوات تلفزيونية عربية .
لقد اشتغل الراحل ابراهيم السايح بشكل انفرادي في مجال الدبلجة مند مطلع الخمسينات ونجح في دلك يكفي الآن أن نوفر لهدا العمل الاعلامي والفني الضروري كل ما يلزم من شروط وترتيبات تتمثل أساسا فيما يلي : وضع استراتيجية سمعية بصرية واضحة المعالم باشراك الفاعلين في القطاع ، انشاء مؤسسة وطنية للدبلجة تكون نواتها في المركب السينمائي بالرباط بعد تعزيزه باستوديوهات اضافية وقاعات مونطاج كافية وتجهيزات الفيديو ومترجمين أكفاء ، احداث شعبة لتكوين الممثلين المدبلجين
لم يبخل الأستاد ابراهيم السايح بخبرته التقنية على زملائه السينمائيين بل وضع كل معارفه رهن اشارتهم في مجالي الدبلجة والميكساج . وهكدا كلف بدبلجة الكثير من الأفلام المغربية مثل " حلاق درب الفقراء " للراحل محمد الركاب و " بامو " لادريس المريني و " الزفت " للطيب الصديقي و " الورطة " لمصطفى الخياط و " غراميات " للطيف لحلو و " ظل فرعون " لسهيل بنبركة ... وقبل دلك كتب الحوار العربي لفيلم " ابراهيم " الدي أخرجه بالمغرب الفرنسي جان فليشي سنة 1957 ولعب دور البطولة فيه الممثل الكبير الراحل حسن الصقلي . كما دبلج فيلم " أبناء الشمس " من انتاج المركز السينمائي المغربي سنة 1961 واخراج الفرنسي جاك سيفيراك ومشاركة الممثلين الكبيرين الطيب الصديقي والراحل محمد سعيد عفيفي .
والتقنيين أو تدريبهم مع توفير الامكانيات المادية لدلك ، وضع قوانين تشجع على الاستثمار في هدا المجال وتلزم أرباب القاعات السينمائية والقنوات التلفزيونية المحلية باعطاء الأولوية للمنتوجات المدبلجة محليا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.