فقدت الساحة الفنية المغربية، مؤخرا، المخرج إبراهيم السايح الذي وافته المنية عن سن تناهز 86 سنة. وعرف الراحل، الذي ازداد في 30 دجنبر 1925 بالرباط، بإنجازه لدبلجة العديد من الأعمال السينمائية العالمية خاصة منها الهندية، فضلا عن إخراج العديد من الأفلام والأشرطة الوثائقية. وقد أعطى السايح للسينما المغربية الكثير في «زمن البدايات» كما أكد الناقد أحمد بوغابة في شهادة في حق الراحل، فإبراهيم السايح يقول بوغابة، يعد بحق «واحدا من مؤسسي السينما المغربية بدون منازع.. وأضاف أحمد بوغابة أنه بوفاة إبراهيم السايح يغيب الموت إسما من الأسماء المضيئة في المشهد الفني المغربي التي أعطت في عدد من المجالات الفنية وأبدعت في صمت ونكران للذات. إلا أن الناقد تأسف لكون الحديث عن السايح «اقتصر عند بعض المهتمين بالشأن السينمائي حول إنجازه لدبلجة الأفلام الهندية مع أنه مخرج سينمائي وفنان ورائد من رواد السينما المغربية». «إن الراحل، الذي بدأ نشاطه السينمائي وعمره لم يتجاوز 25 سنة، مارس جميع المهن السينمائية»، يبرز بوغابة، فقد كتب حوار عدد مهم من الأفلام أشهرها فيلم «إبراهيم والسفنج»، الذي أخرجه جان فليشي، والذي تم عرضه قبل سنوات في مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة تكريما للممثل الراحل حسن الصقلي الذي أدى الدور الرئيسي فيه إلى جانب عدد من الممثلين المغاربة كالطيب الصديقي. ويتبادر إلى الذهن عندما نسمع كلمة الدبلجة أنها تتم إلى الدارجة، ويصحح الناقد أن الأفلام التي قام إبراهيم السايح بدبلجتها في البداية لم تكن باللهجة المغربية، وإنما باللغة العربية الفصحى من أشهرها فيلم «الأحدب» وذلك في باريس والذي ساهمت فيه الممثلة السورية منى واصف والممثل المصري جميل راتب اللذين كانا يقطنان حينها في باريس. وبعد تلك التجارب الناجحة فكر الراحل إبراهيم السايح في دبلجة الأفلام الهندية والباكستانية إلى الدارجة المغربية نظرا للإقبال الجماهيري عليها، وشاركه عدد من الممثلين في دبلجة تلك الأفلام، وهي أسماء لامعة في السماء الفنية المغربية. ومن الأسماء التي تحضر في الذاكرة يقول بوغابة واشتغلت مع الراحل.. العربي الدغمي وعبد الرزاق حكم وحمادي عمور والطيب الصديقي والطيب لعلج و حميدو بن مسعود ومحمد الحبشي والممثلة ثريا جبران. وبعد أن ذكر بأن الراحل قد توارى عن الأنظار لمدة طويلة وانقطعت كل صلاته بالمجال السينمائي والتلفزي إلا في حالات نادرة وتحت إلحاح أصدقائه المقربين، قال الناقد إنه طالب في تظاهرات سينمائية خاصة تلك التي تنظم بالرباط ومنذ أزيد من سبع سنوات، بضرورة التفكير في تكريم إبراهيم السايح باعتباره من مواليد مدينة الرباط وعرفانا لما قدمه للسينما الوطنية. من جهة أخرى أشار إلى أن إبراهيم السايح كان من الأوائل الذي شرعوا في تصوير الأفلام الوثائقية حول التاريخ المغربي حيث أخرج سلسلة من الأشرطة الوثائقية لفائدة التلفزة المغربية منها «خبايا المدن» في ستة حلقات نهاية السبعينات. وقال بوغابة، وهو صديق الراحل أيضا، أن السايح كانت لديه رغبة جامحة في نقل معرفته التقنية للدبلجة إلى الأجيال الجديدة، متذكرا لحظات سينمائية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي كان فيها الراحل يلج القاعات السينمائية بالعاصمة سواء بقاعات «الفن السابع» و» الزهوة» و «الدوليز» بسلا، حيث كان يصحب أحفاده ليناقش معهم قضايا سينمائية. أما الناقد عمر بلخمار فقال في شهادة مماثلة، إن المخرج الراحل «عاش صامتا ورحل في صمت»، وبوفاته تفقد السينما المغربية «أحد روادها الذي عاش متواضعا وبعيدا عن الأضواء وعن الأنشطة والمهرجانات السينمائية الكبرى». وأضاف أن ابراهيم السايح يرحل بعد عمر حافل بالعطاءات والإنجازات في الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون والسينما، من بينها إصداره في سنة 1947 لمجلة خاصة بالأطفال، و اشتغاله كمحرر ومترجم للأخبار بالعربية في جريدة «السعادة» و إذاعة «راديو المغرب». وأوضح أن الراحل اشتهر بإتقانه لعملية الدبلجة التي درسها بفرنسا، و بعد عودته منها اشتغل بشركة «طيلما» للبث التلفزيوني، و تعاقد مع استوديو السويسي بالرباط واستوديو عين الشق بالدارالبيضاء والمركز السينمائي المغربي، و قام بدبلجة إلى العربية ما لا يقل عن 150 فيلم من جنسيات مختلفة هندية وأمريكية و فرنسية، و قام أيضا بدبلجة بعض الأفلام المغربية مثل «حلاق درب الفقراء»، «بامو» و «الزفت». وسبق له أن أنتج بعض الأفلام الوثائقية السينمائية، وقام خلال سنة 1983-1984 بدبلجة مسلسلين فرنسيين للتلفزة المغربية يحمل الأول عنوان «فرسان السماء» في 39 حلقة والثاني بعنوان «صديقي الفرس» في 22 حلقة. وأشرف الراحل الذي ألف سنة 1947 كتابا حول كرة القدم، على إنجاز أول مجلة خاصة بالأطفال في نفس السنة تحمل عنوان « صوت الشباب المغربي».