الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لسن قانون لتجريم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وتعديل قانون حماية الشارة أعلنت رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، فريدة الخمليشي، أن القوات المسلحة الملكية تبذل جهودا كبرى لتلقين عناصرها قواعد القانون الدولي الإنساني سواء ضمن برامج التكوين في المعاهد العسكرية أو من خلال الدورات التكوينية، مبرزة أن اللجنة التي تترأسها نظمت منذ إحداثها سنة 2008 العديد من دورات التحسيس والتدريب حول أحكام القانون الدولي الإنساني استفاد منها عدد من الفئات بمن فيهم البرلمانيون والقضاة ومختلف فئات الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ومنظمات المجتمع المدني أو الأوساط الأكاديمية والجامعية. وأكدت فريد الخمليشي خلال افتتاح الدورة التكوينية التي نظمتها اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمس الاثنين بمقر هذا الأخير، لفائدة هيئات المجتمع المدني تحت شعار «القانون الدولي الإنساني في عالم اليوم»، أن موضوع تطبيق القانون الدولي الإنساني بات يستقطب اهتماما متزايدا لدى الرأي العام الدولي خصوصا مع المستجدات والأحداث الأخيرة التي تعرفها العديد من مناطق العالم التي تزايد فيها تعرض المدنيين للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. وأوضحت أن تنظيم هذه الدورة التي تعرف مشاركة مجموعة من الخبراء في مجال القانون الدولي الإنساني، يشكل لبنة جديدة في مسار متواصل تحرص اللجنة الوطنية للقانون الدولي على الاستمرار فيه، أخذا بعين الاعتبار الدور الريادي الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني في تطبيق هذا القانون سواء من خلال نشر أحكامه أوفضح وإدانة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. وأشارت من جانب آخر إلى السياق الجديد الذي تعقد فيه هذه الدورة بعد إقرار الوثيقة الدستورية الجديدة وما تضمنته من مبادئ وقواعد تؤسس لمنظومة متكاملة تدعم البناء الديمقراطي وتعزز الحقوق والحريات وتوفر المؤسسات التي تكفل سير تلك المنظومة وترجمة مبادئها إلى واقع ملموس. وأبرزت الخمليشي بأن تأكيد الالتزام المغربي من خلال الوثيقة الدستورية بحماية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما يضع على عاتق اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني مسؤولية المبادرة لاتخاذ كل التدابير التي من شأنها نشر القانون الدولي الإنساني والتعريف بأحكامه، قائلة «إن الجهود التي بذلت لحد الآن في إطار المقاربة التشاركية المعتمدة والتي ترتكز على التعاون الحثيث بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني أثمرت نتائج مهمة لتوسيع مجال المعرفة بمبادئ وأحكام القانون الدولي الإنساني». وبدوره أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، في كلمة ألقاها بالمناسبة، على الأهمية الكبرى التي أضحى يكتسيها القانون الدولي الإنساني في ظل تزايد بؤر التوتر في مختلف بقاع العالم، وما يصاحب ذلك من انتهاكات تمس الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية للكائن البشري، خاصة وأن الأمر يتعلق بالضحايا المدنيين غير المشاركين في النزاعات المسلحة. وبالرغم من أن الأمين العام للمجلس شدد على المستجدات التي حملها الدستور الذي اعتمده المغرب مؤخرا، حيث نص على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما، كما تضمن التنصيص على إصدار عقوبات في حق من يرتكب جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان، فإنه شدد قائلا «إن الالتزام باتفاقيات القانون الدولي لا تعد إلا خطوة أولى في سبيل تطبيقه الفعلي، إذ يتعين اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التشريعية والإدارية لتحويل قواعده إلى واقع عملي على الصعيد الوطني في إشارة إلى ضرورة ملاءمة القانون الوطني مع مقتضيات الاتفاقية، من خلال سن قانون لتجريم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وتعديل قانون حماية الشارة». ومن جانب آخر، أبرز الصبار، أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، نظامان قانونيان مستقلان، لكلّ منهما غايته الخاصّة، لكنهما يتكاملان لضمان حماية شاملة للإنسان وصيانة كرامة الأفراد، فالقانون الدولي الإنساني ينطبق في حالات النزاع المسلح، أي طريقة الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب، وحماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في منطقة محتلة. وذكر في هذا الصدد استنادا إلى الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالصلاحيات الموسعة التي يضطلع بها المجلس في مجال القانون الدولي الإنساني، مشيرا إلى ما تضمنته بهذا الخصوص المادة 19 التي أوكلت له مهمة السهر على النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها، سواء من خلال تنسيق أنشطة مختلف الجهات المعنية بقضايا القانون الدولي الإنساني، أو تتبع أحكام المعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، هذا فضلا عن المساهمة في برامج التربية والتكوين والتكوين المستمر والتحسيس والتواصل لفائدة مختلف القطاعات والهيئات والمؤسسات والجمعيات المعنية، بل والعمل على تطوير علاقات التعاون وتبادل الخبرة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومجموع الهيئات المعنية بالنهوض بالقانون الدولي الإنساني.