على إثر الزلزال المدمر الذي هز تركيا وسوريا الشهر الماضي، والذي تلاه ما يزيد عن 4000 هزة ارتدادية، وهزات أخرى كانت أعنف، تعود بين الفينة والأخرى مجموعة من السيناريوهات التي تقض مضجع الناس حول ماهية هذه الكوارث وطبيعتها وكيف تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها. وخلال الأشهر القليلة الماضية فقط ضربت عدد من الهزات الأرضية دولا متعددة، وسجلت دول أخرى فيضانات وسيول جارفة، وأدت هذه الكوارث في مجملها لوفاة الآلاف من الناس والتأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على الملايين بدول مختلفة. بيان اليوم ومن خلال هذه النافذة الرمضانية، تعيد شريط مجموعة من الأحداث التي عرفتها دول مختلفة، وضمنها بلادنا المغرب، حيث هزت، بين ليلة وضحاها، كوارث طبيعية شعور الناس وشدت الانتباه إليها وخلقت حالة من التحول في مسار الملايين. زلزال العراقوإيران 2017.. زلزال الحدود بين البلدين في الخليج، قلما تحدث الكوارث الزلزالية المدمرة، إذ تعتبر هذه المناطق آمنة على عكس عديد من المناطق الأخرى بآسيا، إلا أن إيران كانت دائما ما تتعرض لكوارث متعددة على مدى سنوات مختلفة. وفي تاريخها عايشت إيران مجموعة من الزلازل، خصوصا في القرن الماضي، الذي عرف كوارث متعددة، بدءا بالزلزال الذي ضرب محافظة هرمزغان سنة 1956 بقوة 6.7 وأسفر عن مقتل 347 شخصا، ثم زلزال 1961 الذي ضرب محافظة فارس بقوة 6.4 درجة على سلم ريشتر وأدى إلى مقتل 60 شخصا، ثم بعدها بعام، اي في 1962 زلزال آخر ضرب محافظة قزوين بقوة 7 درجات على سلم ريشتر وأدى، على خلاف الكوارث الأخرى، إلى أزيد من 12 ألف قتيل وخلف خسائر مادية جسيمة. وفي عام 1968 ضرب زلزال بقوة 7.1 محافظة خراسان جنوبإيران وأدى إلى مقتل ما يزيد عن 15 ألف وتبعته عشرات الهزات الارتدادية التي كانت عنيفة هي الأخرى، ثم في عام 1972 ليضرب مرة أخرى محافظة فارس بقوة 6.6 درجة على سلم ريشتر ويسفر عن مقتل أزيد من 5374 شخصا، وبعدها بست سنوات، أي في 1978 ضرب زلزال مدمر بقوة 7.4 درجة ولاية يزد وأدى إلى خسائر بشرية جسيمة تراوحت بين 15 ألف و25 ألف قتيل، وخسائر مادية مهولة. بعدها بثلاث سنوات، ستهتز أيضا إيران على وقع زلزال ضرب محافظة كرمان بقوة 6.6 وتجدد الزلزال بعد أسابيع قليلة في نفس المركز، وهذه المرة بقوة 7.1 وأدى إلى مقتل ما يزيد عن 3000 شخصا، ثم في 1990 حين ضرب زلزال بقوة 7.4 محافظة غيلان، وأدى إلى مقتل ما بين 35 ألف و40 ألف شخص، وإصابة حوالي 100 ألف آخرين. في 1997، اهتزت إيران أيضا، على إثر الزلزال الذي ضرب مقاطعة خراسان بقوة 7.3 وأسفر عن مقتل 2394 شخصا وإصابة آلاف آخرين، زلزال بام الذي ضرب البلاد في عام 2003، بقوة 6.6 وأودى بحياة ما يزيد عن 26 ألف شخص، وبعدها في 2012 بمحافظة تبريز وقتل ما لا يقل عن 306 شخصا، إلى حدود زلزال 2017 الذي ضرب الحدود بين العراقوإيران وهو موضوع حلقة اليوم. وتعود تفاصيل هذا الزلزال الذي ضرب الحدود العراقيةالإيرانية إلى 12 نونبر من سنة 2017، حيث اهتزت الأرض بقوة 7.3 على سلم ريشتر والذي صنف حينها أحد أعنف الزلازل التي تضرب المنطقة. كان الزلزال عنيفا، وضرب مساء الأحد 12 نونبر بقوة وصلت، على التوالي، إلى 7.3 درجة في مدينة حلبجة العراقية و7.6 درجة في مدينة كرمنشاه الإيرانية حيث كان مركز الزلزال مدينة كرمنشاه، ووقع في منطقة الحدود الإيرانيةالعراقية بحوالي 32.2 كيلومترا جنوب شرق مدينة حلبجة في تمام الساعة التاسعة و18 دقيقة مساء بالتوقيت المحلي. أدت الهزة الأرضية إلى هلع كبير بهذه المدن، خصوصا وأنها كانت فترة ليل، وكانت العديد من الأسر العراقيةوالإيرانية تستعد للنوم، قبل أن يباغثها الزلزال الذي جعل الآلاف يغادرون منازلهم خوفا من تكرر الهزات، حيث قضوا ليلة بيضاء في الشوارع بكل من مدن العراقوإيران، بل وشملت الهزة كذلك الكويت والإمارات، وبعض المناطق السورية. بعد بداية عمليات الإغاثة والإنقاذ التي تلت الهزة، بعدما انهارت عدد من المباني، بدأت كل من السلطات العراقيةوالإيرانية في إحصاء الخسائر، حيث تجاوزت حصيلة ضحايا الزلزال في 14 نونبر، أي يومين بعد الكارثة، 400 قتيل وأزيد من 7000 مصاب جراء تبعات الكارثة. أعلنت السلطات الإيرانية عن مقتل نحو 474 شخصا وجرح حوالى 9388 آخرين معظمهم في مقاطعة كرمانشاه غربي البلاد المتاخمة للعراق، وصرحت جمعية الهلال الأحمر الإيراني، أن الزلزال تسبب بضرر في ثمانية قرى، وأن بعض القرى انقطعت فيها الكهرباء ووسائل الاتصال، بينما أعلنت سلطات محافظة كرمنشاه لاحقا بأن الزلزال ألحق خسائر ب 7 مدن و1930 قرية في المحافظة وخلف أضرارا مادية جسيمة، ومئات القتلى والجرحى الذين رجح أن يفوق عددهم 400 بفعل صعوبات عمليات الإنقاذ وانتشال الناجين والجثث العالقة تحت الركام. وأوضحت بعض التقارير المحلية أن عدد القتلى بمحافظة في كرمانشاه لوحدها فاق 530 قتيلاً و7460 مع بقاء الباب مفتوحا لاحتمالية ارتفاع العدد بفعل ارتفاع عدد المفقودين جراء الكارثة. وفي العراق أعلنت وزارة الصحة، عن 7 حالا وفاة فقط، سجلت في إقليم كردستان العراق وما يزيد عن 535 إصابة في كافة المحافظات التي تأثرت بالهزة، فيما أعلن الهلال الأحمر العراقي عن تسجيل أضرار كبيرة في الممتلكات الخاصة والعامة، موضحا أن الخسائر أغلبها كانت في مناطق تابعة لمحافظة السليمانية، فيما رفع حصيلة القتلى المعلن عنها إلى ما يزيد عن 10 اشخاص و430 جريحا. أدى الزلزال بالبلدين إلى خسائر مادية جسيمة، خصوصا في العراق الذي كان يعاني ويلات الحرب الدائرة هناك والنزاعات المسلحة بين عدد من الطوائف، حيث عمق جراح مئات الأسر التي وجدت نفسها مشردة بدون مأوى، وكذلك الأمر بالنسبة لآلاف الاسر بإيران، التي انهارت مبانيها السكنية ووجدت نفسها مشردة في الشارع. استقبل البلدين معا حزمة من المساعدات الإنسانية، جراء الكارثة، وذلك لمواكبة وإغاثة المنكوبين، فيما كانت إيران أشد تضررا من حيث الخسائر البشرية والمادية، حيث باشرت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية بإرسال فرقها الصحية جنبا إلى جنب مع فرق الإنقاذ لتقديم الخدمات والإغاثة للمتضررين، كما تم توزيع مساعدات إنسانية خاصة لمواكبة الظرفية. وأعلن الهلال الأحمر عقب الكارثة عن توزيع ما يقرب من 80 ألف خيمة للإغاثة و239 ألف بطانية ومساعدات إنسانية تتعلق بالمأكل والمشرب وما حاجيات الأسر النازحة والمنكوبة جراء هذه الكارثة التي تعد من بين الكوارث الأكثر دمارا بإيران، فيما تغيب الأرقام بالنسبة للعراق فيما يتعلق بالمساعدات، خصوصا الظرف الذي تعيشه البلاد في ظل انقسام السلطات وما يقع من مناوشات طائفية بمناطق مختلفة بالبلاد.