يشكل مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة، الذي يسهر على تنظيمه المركز السينمائي المغربي، والذي تنطلق دورته التاسعة يومه الإثنين، وسيتواصل على مدى ستة أيام، مناسبة أساسية للاطلاع على ما جد في عالم السينما بمختلف البلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي الاقتراب من تنوعها الثقافي والحضاري. وسيتيح هذا الملتقى ذو الإشعاع الدولي، والذي أصبح له موقع بارز ضمن أجندة المهرجانات السنوية العالمية، إمكانية تعميق النقاش في الشأن السينمائي بمختلف تخصصاته، عبر اللقاء الذي يقام بين مبدعين سينمائيين، من مشارب وأجناس وثقافات متعددة. وبهذا الصدد، تحرص اللجنة المنظمة على عقد حلقة نقاش صباح كل يوم، بحضور مخرجي ومبدعي الأشرطة السينمائية المشاركة في المسابقة الرسمية، على امتداد الفترة الزمنية للمهرجان؛ فمن خلال حلقة النقاش هاته، يتم اكتساب الكثير من المعارف المرتبطة بالحقل السينمائي، في بلدان متعددة، ويتم التغلب على العائق المرتبط بالتواصل اللغوي، عبر العناية بتكليف مترجمين ذوي خبرة بنقل مضامين الخطابات. وبإلقاء نظرة على عناوين الأشرطة السينمائية المشاركة في هذه التظاهرة الدولية، يتبين مدى العبء الكبير الذي تتحمله اللجنة المنظمة، حيث سيكون هناك حضور لما يفوق خمسين شريطا تنتمي لبلدان عديدة: أهرامات أثينا من اليونان، كركوز من الجزائر، الموكب من إسبانيا، باعة الورود من فلسطين، أطلس الشمال من البرتغال، سفر بلا رجوع من تركيا، ديان ولنطون من فرنسا، إعادة تكوين من كرواتيا، كاسوبيلي من اليونان، كان يمكن أن أكون عاهرة من فرنسا، محاربون صغار من البوسنة، خمس ليرات من مصر، منزل فوق التل من تركيا، السباق الكبير من إسبانيا، زكام من سوريا، يدك الصغيرة من كرواتيا، رجل أمام المرآة من الجزائر، موجة من تونس، مي هاتيس من تركيا، الهري من مصر، نار أرفيوس من فرنسا، أملك كل شيء من صربيا، في انسجام من إسبانيا، الأثر من تركيا، ثلاثة عشر من اليونان، أغنية لحورية البحر من قبرص، بالمقلوب من البوسنة، حجر الماء من ألبانيا، رذاذ شرس من مالطا، قداسته من مصر، المنقذ من إيطاليا، للعقاب من البرتغال، أضواء كاشفة غير مرئية من إيطاليا، الأشياء التي لم نقم بها معا من سلوفينيا، السلام عليك آنستي من اليونان، المسكوت عنه من تونس، غدا الجزائر العاصمة، ماريوس والغراب من اليونان، مطاردة الثعالب من سلوفينيا، إحساس من مصر، هل ستذهب من إسبانيا، يمكن أن أكون جدتك من فرنسا، المنسق من فرنسا كذلك، العيش من تونس، ثلاثاء ما من لبنان، ألفاما من البرتغال، واحد وأربعون من إيطاليا، الدراجة الهوائية من تركيا، نظام الأشياء من إسبانيا، فضلا عن المشاركة المغربية المتمثلة في خمسة أشرطة، هي: على طريق الجنة، أندرويد، أمواج الزمن، القرقوبي، المختار. وقد تمت برمجة هذه الأشرطة برمتها في قاعة سينمائية بعينها هي سينما روكسي. ويتضح من مجمل العناوين التي تحملها هذه الأشرطة، عناية أصحابها بالبعد الإيحائي إن لم نقل الشاعري، وهو ما يمكن أن يمنح انطباعا أوليا مفاده أن هذه الأشرطة قد تكون دعوة إلى التفكير والتأمل، أكثر مما هي أشرطة ما يصطلح عليه بأفلام الحركة والمطاردة، وبالتالي قد تكون موجهة إلى جمهور نخبوي بصفة أساسية، وذلك ديدن الأشرطة ذات النفس القصير، ومما يزكي هذا الانطباع هو الأشرطة التي تم إشراكها في الدورات السابقة، حيث لمسنا هناك قاسما مشتركا كان حاسما في اختيارها وهو ابتعادها عن الجانب التجاري. لن يقتصر المهرجان على عرض هذه الأشرطة، بل تمت برمجة أعمال سينمائية تجريبية، قام بإنجازها طلبة مدارس التكوين السينمائي، ولا شك أن هذه الفقرة تكتسي أهمية بالغة، على اعتبار أنها تتيح الفرصة للاطلاع على ما جد في الصناعة السينمائية التي تم اكتسابها عن طريق المعرفة الأكاديمية، وعادة ما تكون هذه الأعمال متميزة عما هو متداول في حقلنا السينمائي. فضلا عن ذلك، تمت برمجة ما تعارف عليه ببانوراما الفيلم المغربي، وتتمثل هذه الفقرة في استحضار نماذج من الأشرطة السينمائية التي أنتجت في فترات مختلفة من تاريخ السينما ببلادنا، حتى لا يطويها النسيان من جهة، وكذا الوقوف على وتيرة التطور التي شهدتها سينمانا. ثم هناك فقرة أخرى، يحرص المنظمون على إدراجها ضمن هذه التظاهرة الفنية، وتتمثل في السينما المتنقلة، حيث تتيح الفرصة لعينة أخرى من الجمهور، الاستمتاع بالفرجة السينمائية، في فضاءات متعددة، منها بصفة خاصة: المركبات السجنية، والخيريات، ودور الشباب.. من جهة أخرى تم انتقاء أسماء فاعلة في الحقل السينمائي لأجل تحكيم الأشرطة المقترحة للمسابقة الرسمية، ويترأس هذه اللجنة الناقد السينمائي محمد باكريم، وتضم في عضويتها: المنتجة السينمائية الجزائرية يامنة بشر، الممثلة المغربية السعدية لديب، الناقدة اللبنانية فيكي حبيب، المنتج الفرنسي إمنويل بريفوست، المخرج السينمائي الإفواري كيتيا توري، المخرج السينمائي المغربي جمال بلمجدوب. وكما دأبت على القيام بذلك اللجنة المنظمة؛ فقد تمت برمجة شريط خاص بافتتاح المهرجان، حيث وقع الاختيار هذه الدورة على شريط «ذاكرة رقم 14» للمخرج السينمائي الراحل أحمد البوعناني، تكريما لروح هذا الفنان المثقف الذي غادر دنيانا خلال السنة الجارية. وطبعا لا يمكن إغفال فقرة أساسية، وهي المتعلقة بدرس السينما، حيث جرى تعيين المخرج السينمائي حكيم بلعباس لإلقائه، مع العلم أن هذا المخرج حقق شريطه الأخير الموسوم ب «أشلاء»، نجاحا باهرا وحظي بجوائز قيمة.