أجمع العديد من السينمائيين المشاركين في الدورة ال16 لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان حوض المتوسط (27 مارس - 3 أبريل) أن هذا الموعد السنوي يشكل جسرا للتفاعل والتواصل الثقافي بين شعوب حوض المتوسط. وشدد هؤلاء السينمائيون،في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء،على أن هذه التظاهرة اكتسبت أهميتها ليس فقط باعتبارها أحد أكثر المواعد السينمائية الوطنية والدولية استقطابا للإبداعات السينمائية المغربية والعربية والعالمية،ولكن من حيث دورها في التعريف بالثقافات المختلفة لحوض البحر الأبيض المتوسط والتقريب بينها. وأضافوا أن هذا الحدث السينمائي شكل مع مرور الدورات،مرآة لثقافة شعوب المتوسط ولتاريخها وتطورها،باعتباره الخيط الناظم بين البلدان المطلة عليه والجسر الذي يربط بين شعوبها المتباينة الألسن والمتعددة الثقافات. وظهر ذلك جليا من خلال ما دأب عليه المنظمون،وعيا منهم بأهمية الاختلاف في خلق الإئتلاف،بتسطير برنامج متنوع ومكثف يشمل أجود الأفلام الروائية الطويلة منها والقصيرة والوثائقية التي تمثل أغلب بلدان المتوسط علاوة على تنظيم موائد مستديرة ولقاءات ومناقشات تحاول استنطاق العمل السينمائي واستكشاف عوالمه. ولا أدل على ذلك من كون الدورة الحالية للمهرجان،تبنت في الشكل والجوهر الفيلم الوثائقي،وأصبح يشكل ركيزة أساسية في نشاطه السنوي،بعد أن كان مجرد فقرة تكميلية كما كان عليه الأمر في الدورات السابقة. وفي هذا السياق،أكد الممثل والموسيقي يونس مكري،الذي وصف مهرجان المتوسط بالحدث المهم بالنسبة للسينما الوطنية على اعتبار أنه يضاهي مهرجانات عالمية أخرى،أن مدينة تطوان باحتضانها لهذه التظاهرة أضحت ملتقى سنويا للسينمائيين والمخرجين والمهتمين بالشأن السينمائي بحوض المتوسط. وأبرز أن السينما المغربية،ومن خلال مثل هذه التظاهرة،فرضت وجودها عبر العالم خاصة بضفتي المتوسط وذلك من خلال الأعمال التي يشارك بها المغرب في اللقاءات العالمية،والتي تنتزع الإعجاب والتقدير بل وتحصد جوائز مهمة. وأكد الفنان يونس مكري أن السينما الوطنية تتميز بحفاظها على خصوصياتها التي تستمدهما من الهوية والثقافة المغربيتين،واستلهامها من مرجعية تعكس الواقع بكل حمولاته. وفي قراءة أخرى للمهرجان،عبر المخرج السينمائي المغربي داوود أولاد السيد،عن إيمانه بأهمية "التراكم " في السينما الوطنية،الذي اعتبره مكونا من المكونات التي جعلت السينما بالمغرب تفرض نفسها بقوة في الملتقيات والمهرجانات العالمية. وقال إن المشهد والحقل السينمائيين بالمغرب يعرفان دينامية نابعة من الرؤى المختلفة والتقاطعات التي تميز المخرجين المغاربة الأمر الذي يساهم بشكل كبير في إغناء هذا المجال. من جهة أخرى،دعا اولاد السيد إلى ضرورة تظافر جهود الفاعلين والمعنيين والمهتمين بالفن السابع ليحقق الإبداع السينمائي المغربي الإشعاع المتوخى على المستويين العربي والدولي. أما رئيس لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي للدورة ال`16 لهذه التظاهرة ،محمد المرابط خير الدين،فركز على العلاقة السينمائية بين المخرجين والممثلين التي يؤسس لها المهرجان من جهة،وبين هؤلاء والجمهور،من جهة أخرى. وهي العلاقة التي حرص خير الدين على التأكيد أنها تخلق التفاعل بين مختلف الرؤى كما أنها توحد بين مختلف المشارب والتيارات. وأبرز التطور الذي تعرفه السينما المغربية في الوقت الراهن على المستوى الكمي والنوعي،مشيرا إلى بعض العراقيل التي ما زالت تواجهها من قبيل البنيات التحتية الخاصة بالإنتاج وتسويقه إلى جانب غياب إطار قانوني ينظم مجال الفن السابع. من جانبه،أكد المخرج والمنتج السوري هيثم حقي على "الطابع الثقافي" لمهرجان تطوان الدولي لما يثار في إطاره من نقاش حول القضايا والإشكاليات ذات الصلة بالسينما ،معتبرا أن السينما المغربية "تبحث في العمق" . وفي هذا الصدد،قال إن "المغرب يستحق صناعة سينمائية تعكس حضارته الضاربة في جذور التاريخ"،وهي السينما التي لا تقل أهمية ،كما قال،عن نظيرتها العربية،خاصة منها السورية والمصرية. يذكر بأن مدينة تطوان،مدينة الأبواب السبعة،ذات الموروث الثقافي والحضاري الغني والمتنوع،تحتفي بمهرجانها في نسخته الحالية وتحتضن بالتالي على مدى أسبوع كامل ليال من العشق الفني والوصال الثقافي من خلال التئام نخبة من ألمع السينمائيين من ممثلين ومخرجين ومهتمين من عوالم مختلفة قاسمهم المشترك "الفن السابع".