مهرجان سينمائي يرسم معالم حوض متوسطي أسطوري وتجريدي ومتعدد الثقافات انطلقت أول أمس الإثنين، فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم المتوسطي القصير، الذي يسهر على تنظيمه المركز السينمائي المغربي، والذي يعرف مشاركة 22 شريطا، تنتمي إلى 19 بلدا، وتتراوح مشاركة كل بلد بين شريط واحد وخمسة أشرطة، ويمثل بلدنا في المسابقة الرسمية: فيلم «ندوب» للمهدي السالمي، وفيلم «حياة قصيرة» لعادل الفاضلي، وشريط «الروح التائهة» لجيهان البحار، و»أبيض وأسود» لمنير الصبار، و»المنحوتة» ليونس الركاب. وإذا كان الانفتاح على مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط، يضمن التنوع والثراء لهذه الدورة، من حيث التجارب والتصورات، فإن هذا الجنس الإبداعي المتمثل في الفيلم القصير، كان دائما حقل تجريب بامتياز، وشكل مجالا واسعا للتبادل المشترك بين سينمائيي حوض البحر الأبيض المتوسط؛ وليس مصادفة أن جل المبدعين المشاركين، هم من فئة الشباب، الذين عادة ما يحملون طموحات مغايرة، على مستوى طرح المواضيع وكذا توظيف التقنيات السينمائية... طموحات تنم عن رفض التقليد والجمود والانغلاق، غير أن الانطباع السائد لدى هؤلاء المبدعين الشباب، هو أن العديد من المخرجين غالبا ما يعتبرون الشريط السينمائي القصير، مجرد محطة عبور نحو الشريط الطويل. وفي الكلمة التقديمية التي تتصدر كاتالوج المهرجان، قالت اللجنة المنظمة التي يرأسها مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل، إلى أنها «قصة حب جميلة تلك التي تربط طنجة بالسينما، يعبر عنها بشكل بليغ هذا الموعد مع الفيلم القصير المتوسطي. مهرجان أضحى بإدراكه الدورة الثامنة، واحدا من أهم التظاهرات المخصصة لعشاق السينما ولتنمية الشريط القصير وخلق فضاء للحوار والتبادل الحميمي..»، وتضيف كلمة اللجنة المنظمة أن «الفيلم القصير، يرسم لنا معالم حوض متوسطي متعدد الثقافات، أسطوري وتجريدي على شاكلة الحكايات القديمة التي تغني آفاقه المفعمة بالأضواء. بحر داخلي هو مهد التراجيديا وقواعد الدراما ومسرح لحكايات الأسفار الكبرى..». ووقع الاختيار على الشريط الفرنسي «طنجة، مدينة دولية» لإحياء حفل الافتتاح، وهو من إخراج أندري زوبادا، ويعود تاريخ إنتاجه إلى سنة 1946، وهو بذلك يشكل وثيقة جد هامة، حيث يؤرخ خلال هذه الفترة البعيدة نسبيا من تاريخ المغرب، لمجموعة من مظاهر الحياة اليومية التي كانت تميز طنجة قبل الاستقلال؛ فقد انتقلت كاميرا المخرج إلى مختلف فضاءات المدينة التي تعرف حركية ونشاطا، مصحوبة بتعليق باللغة الفرنسية، من هذه الفضاءات، نذكر: الميناء، وسط المدينة، البادية، الأحياء الشعبية، الشاطئ أثناء الاصطياف، إلى غير ذلك من الفضاءات، بل إن المخرج لم يفوت فرصة توثيق الزيارة الملكية التاريخية لهذه المدينة، كما عنى كذلك بنقل مناخها الطبيعي، حيث أشار بالصورة والصوت طبعا، إلى أنها مدينة الرياح، وبذلك يكون قد أحاط بعروس الشمال - حسب التسمية المتداولة- من جل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمناخية، بدون أن تطغى النزعة الاستعمارية على معالجته لهذه الجوانب المتعددة، بل برز حرص المخرج على تقديم عرض فني، وإن كان هو بالأساس شريطا وثائقيا، مع التذكير أن مدته لا تتجاوز 15 دقيقة، وقد صور بالأبيض والأسود، وتولى إنتاجه الاتحاد السينمائي الدولي. وعبر رئيس لجنة التحكيم، الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، عن تفاؤله بالمستوى الجيد الذي بلغته السينما المغربية، كما أنه يتوقع أن تحفل هذه الدورة بمشاركات مشرفة، سواء تلك التي تمثل بلدنا أم البلدان المتوسطية الأخرى، بالنظر إلى الانفتاح على التقنيات الجديدة في مجال الإبداع السينمائي، والرؤى المختلفة التي يحملها الشباب. لا تنحصر هذه الدورة فقط في أفلام المسابقة، التي تحتضنها حصريا القاعة السينمائية روكسي، بل تمت برمجة ما تسميه اللجنة المنظمة ببانوراما الفيلم القصير المغربي، وهي عينة من الأفلام التي أنتجت في فترات مختلفة، والتي تتوفر فيها شروط الإبداع السينمائي، وخصص لها فضاء الخزانة السينمائية لعرضها، كما تمت العناية ببرمجة السينما المتنقلة، غير أن الجميل في هذه البرمجة بالخصوص، أن أشرطتها تعرض بالمركب السجني، وبمقر الجمعية الخيرية، إلى غير ذلك من الفضاءات العمومية. لجنة التحكيم يرأس لجنة تحكيم هذه الدورة الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي, وتضم في عضويتها: المخرجة المغربية فريدة بليزيد، والمخرجة التونسية سلوى بكار، والممثلة المغربية ثريا العلوي، والصحفي والناقد السينمائي اللبناني هوفيك حبشيان. وسيتوج المهرجان بمنح ثلاث جوائز هي الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة لجنة التحكيم، ثم جائزة السيناريو. برنامج أفلام المسابقة اليوم الساعة الثانية والنصف زوالا: «آخر أيامي في الحرب» للمخرج الإيطالي ماطيو طوندي «مازالت القطط تسقط» للمخرج اليوناني ديميترا «فوق رأسي حمام» للمخرج التركي تونك شاهين «كالزون» للمخرج الفرنسي دوس ريس «روديا» للمخرج الاسباني خيمينيز «شوية وقت» للمخرج السوري ماهر صليبي «اي بيكس» للمخرج السلوفيني بيتار بوزيتش الساعة السادسة مساء: «الدرس الأول» للمخرج الفلسطيني عرين عمري «بالجانب» للمخرج البرتغالي بازيل داكنا «المنحوتة» للمخرج المغربي يونس الركاب «جرد» للمخرج اليوناني فانجليس «قصة حياتي» للمخرج الفرنسي بيير فيريير «أحمر» للمخرج الكرواتي سونيا طاروكيتش.