مع بداية الدورة البرلمانية الاستثنائية نقلت الأخبار وعدسات المصورين مشهد التيه الذي غرق فيه أحد ممثلي الأمة، وكان في أوج الانتشاء لا يتفاعل إلا مع مزاجه ومع هاتفه المحمول، غير آبه لابالمكان ولا بالمقام ولا بالدور ولا باللياقة... وفي غمرة النقاش الوطني الذي جرى حول الدستور الجديد قبل إقراره في فاتح يوليوز، عممت المواقع الإلكترونية والصحف خروجا طائشا لزعيم مزعوم واجه شابا حضر تجمعه الخطابي بعينين حمراوين وبكلمات طافحة بالرعونة والسباب... وخلال الولاية التشريعية المنقضية تابع المغاربة كذلك حكايات نائب يتابع أمام المحكمة بتهم تتعلق باختلاس الملايين، وفي نفس الوقت لا يتردد في القدوم إلى القبة وحضور اللجان والجلسات، وتفاصيل قصته متواصلة إلى اليوم... سنكتفي بهذه المشاهد، دون أن يكون القصد منها التعميم أو إشاعة العدمية القاتلة والإطلاقية البليدة، إنما للتأكيد على أن مثل هذه الكائنات الفاسدة موجودة لحما وعظما، ومعروف من يزكيها ومن يدفع بها إلى واجهات ومقاعد المشهد السياسي والانتخابي، وأيضا للإشارة إلى أن بداية محاربة الفساد والمفسدين تبدأ من هنا، ولو في إطار الرمزيات والإشارات.. هل بمثل هؤلاء يمكن أن نصنع مؤسسات جديدة وذات مصداقية وتتمثل الوثيقة الدستورية الجديدة؟ هل بعودة هؤلاء من جديد إلى الواجهة يمكن أن نعيد لشعبنا وشبابنا الثقة في السياسة وفي المؤسسات، وأن نقنعهم بضرورة المشاركة في الانتخابات؟ هنا تبدو واضحة مسؤولية الأحزاب من خلال تحررها وانعتاقها واستعادة استقلاليتها من أمثال هذه الكائنات الانتخابية الفاسدة، وأن ترفع شعار»ارحل» في وجوهم، وبالتالي تحرص على الانخراط في ميثاق شرف وفي التزام أخلاقي يمنعها من ترشيح الفاسدين، وبذل الجهد بغاية توفير الشروط الذاتية لفوز عناصر نزيهة وذات كفاءة ونزاهة. وفي نفس الإطار تبرز أيضا مسؤولية المواطنات والمواطنين، عبر معاقبة مثل هؤلاء الفاسدين وحجب أصواتهم عنهم، ورفض إغراءاتهم ورشاواهم، وأيضا فضحهم، والانخراط في لجان يقظة لمواجهة الفساد الانتخابي ولمعاقبة المفسدين. إن الإحالات الواردة في مقدمة هذا العمود هي مجرد نماذج تداولتها وسائل الإعلام ومجالس الحديث في الفترة الأخيرة، وهناك كائنات انتخابية فاسدة أخرى في عدد من مناطق البلاد يعرفها الناس ويستعرضون تفاصيل القصص الخاصة بها، كما تعرفها عيون السلطات التي تحصي أنفاس الأشياء والأمكنة وما يمشي على الأرض أو يدب فوقها، وإن الإقدام على خطوات ملموسة وإجراءات جوهرية في هذا الاتجاه، من شأنه حمل إشارات اطمئنان وثقة للناخبات والناخبين، وبالتالي تقوية الإحساس وسط الناس بأن مستقبل المغرب لا مكان فيه للفاسدين، وبأن النزاهة والمصداقية تمثلان الرهان الأول لانتخابات 2011، وبأن دينامية التغيير لا تراجع عنها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته