أعلنت الرباط اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي. وجاء هذا الاعتراف المغربي ساعات قليلة بعد إعلان الثوار سيطرتهم على أجزاء كبيرة من العاصمة الليبية طرابلس، وقربهم من باب العزيزية معقل العقيد معمر القذافي وحصنه المنيع. ميدانيا لازالت الصورة لم تتوضح بعد خصوصا بعد أن فاجأ سيف الإسلام، أحد أنجال القذافي، الجميع وظهر ليلة الإثنين، بعد إعلان الثوار أنهم اعتقلوه هو وأخاه الأكبر محمد والساعدي. وأكد المغرب أول أمس الاثنين، على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، أن المغرب «يعترف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي الحامل لتطلعاته نحو مستقبل أفضل مبني على الإنصاف والانفتاح والعدالة والديمقراطية ودولة الحق». وأعلن الطيب الفاسي الفهري في بيان باسم الحكومة المغربية نقلته وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وبثته وكالة الأنباء الرسمية، أنه سيتوجه يوم الثلاثاء (أمس) إلى مدينة بنغازي شرق ليبيا ومعقل الثوار حاملا رسالة من جلالة الملك إلى رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي لتقديم الدعم الكامل للشعب الليبي الشقيق والتعبير عن مساندة المغرب للثوار في هذه المرحلة الدقيقة. وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون إن المملكة المغربية تعرب عن تضامنها التام مع الشعب الليبي في هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها، وتجدد استعدادها لتقديم كل أوجه المساعدة حتى تصبح ليبيا دولة متصالحة، قوية وديمقراطية بمقدورها المساهمة في الدفع بالاندماج المغاربي في إطار من الوحدة والتقدم لما فيه مصلحة الشعوب الخمسة للمنطقة، وذلك استحضارا للعلاقات التاريخية المتينة التي تربط الشعبين المغربي والليبي. ويأتي إعلان المغرب، الذي بات الدولة المغاربية الأولى التي تربط علاقات من هذا المستوى مع الثوار الليبيين الممثلين في المجلس الوطني الانتقالي، اعترافه بالمجلس الوطني الانتقالي ساعات قليلة بعد إذاعة أخبار تفيد أن الثوار الليبيين تمكنوا من السيطرة على غالبية أحياء مدينة طرابلس العاصمة. وأكد بيان الحكومة المغربية أنه في ظل التحولات الهامة التي تعرفها ليبيا بعد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة طرابلس، فإن المغرب يتطلع إلى انتقال سريع ومسؤول للسلطة بعيدا عن منطق الانتقام والضغينة وبغية تحقيق العدالة وكشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات طبقا للمعايير الدولية في هذا المجال. وأعرب البيان على أن المغرب يأمل أن يتجه المجلس الوطني الانتقالي، نحو اتخاذ تدابير ملموسة وفعالة في أقرب الآجال، من أجل الحفاظ على الوحدة الترابية لليبيا وضمان المصالحة بين جميع مكونات الشعب الليبي وتحقيق أمن واستقرار هذا البلد المغاربي الشقيق وإعادة بنائه، وذلك بدعم قوي ومساندة متينة من طرف المجتمع الدولي. وأكد المغرب أنه يتطلع أن يشرع المجلس الوطني الانتقالي في الاستجابة للتطلعات المشروعة التي عبر عنها الشعب الليبي والمتمثلة في دستور ديمقراطي وانتخابات نزيهة وشفافة ومؤسسات قوية ومستقلة. وذكر وزير الشؤون الخارجية والتعاون بأن الوضع الصعب الذي عاشته ليبيا في الشهور الأخيرة، منذ اندلاع الثورة في فبراير الماضي، كان بسبب قرار نظام العقيد القذافي اللجوء إلى منطق القوة والتشدد في مواجهة المطالب المشروعة المعبر عنها من قبل فئات واسعة من الشعب الليبي. ثم اتخذ خيار القمع والتقتيل، متسببا بذلك في العديد من الضحايا في صفوف المدنيين العزل. وأوضح الطيب الفاسي أن المغرب اتخذ منذ بداية الأحداث في ليبيا في 18 فبراير الماضي، موقفا واضحا وثابتا ومواكبا، بكيفية فعالة ومسؤولة، لتطور الوضع في هذا البلد. هذا الالتزام مبني على أساس روابط التضامن التاريخي بين الشعبين المغربي والليبي اللذين يقتسمان مصيرا مشتركا وتطلعا واحدا لبناء المغرب الكبير الموحد والمزدهر، لفائدة شعوب المنطقة الخمسة مشيرا إلى المشاركة الفعالة للمغرب في اجتماعات فريق الاتصال كمجموعة غير رسمية تضم دولا عربية وغربية إضافة إلى منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وهيآت دولية كالأمم المتحدة. ثم إسهامه في كل من اجتماع باريس ولندن المنعقدين في شهر مارس2011، فاجتماع الدوحة المنعقد في أبريل، ثم اجتماع أبو ظبي المنعقد في يونيو وكذا في اجتماع اسطنبول في شهر يوليوز الذي تميز باعتراف كل المشاركين ومنهم المغرب بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي. وبالإضافة إلى ذلك، حسب وزير الشؤون الخارجية والتعاون، لعب المغرب، بصفته بلدا مغاربيا وإفريقيا، دورا فعالا في كل هذه الاجتماعات حيث قدم مساهمات قيمة لبلوغ الحل السياسي وتنظيم المساعدات الإنسانية والتنسيق الاستراتيجي والأمني. وكان من بين الدول الأوائل التي أشادت بجدية ومصداقية وحزم وشجاعة المجلس الوطني الانتقالي على المستوى الداخلي، ونوهت بنجاعة وفعالية نشاطاته على المستوى الدولي، وهو ما دفعه إلى ربط الاتصال المباشر، رسميا وعلنيا، مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي سواء على المستوى الثنائي بالرباط أو بالخارج أو في إطار اجتماعات فريق الاتصال. على المستوى الميداني لازال الغموض يكتنف الأخبار الواردة من العاصمة طرابلس، في غياب أخبار مؤكدة عن سيطرة الثوار على أنحاء كبيرة منها. وما زاد من ريبة المراقبين الظهور المفاجيء لنجل العقيد القذافي سيف الإسلام بعد ورود أخبار تؤكد اعتقاله هو وأخويه محمد أكبر أولاد القذافي والساعدي. وأكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي، الاثنين أنه يتوفر على أخبار جد مؤكدة تشير إلى اعتقال سيف الإسلام القذافي، بينما أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خبر اعتقال نجل القذافي. ونظمت الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، مساء أول أمس الاثنين وقفة تضامنية مع الشعب الليبي بساحة البريد، للاحتفال بانهيار نظام القذافي، على بعد أسبوع بالتمام والكمال من تخليده لاحتفالات الفاتح من سبتمبر التي تؤرخ لوصوله للحكم في ليبيا.