بشكل مفاجئ، انهار نظام القذافي، أول أمس، أمام الثوار من أبناء شعبه بعد 42 سنة حكم فيها ليبيا بالحديد والنار. وتضاربت الأنباء حول مصير القذافي بعد دخول الثوار إلى العاصمة الليبية طرابلس وسيطرتهم شبه الكاملة على أحيائها، فيما لازال الغموض يكتنف المكان الذي يختبئ فيه ملك ملوك إفريقيا، كما لم يعثر بعد على أي أثر لبعض أبنائه وأركان حكمه. وقبل سقوط نظام القذافي في قبضة الثوار، وجه ثلاثة خطابات متتالية عبر التلفزيون الرسمي، صوتا لا صورة، في أقل من 24 ساعة، فيما صرح عدد من المتحدثين باسم الثوار بأنه ما زال موجودا في طرابلس، غير أن مصادر أخرى رجحت أن يكون القذافي فر إلى مسقط رأسه في مدينة سرت التي تبعد ب400 كلم عن العاصمة. أما المعتصم، ابن القذافي، الذي يقال إنه لعب دورا مهما في محاولة إخماد الثورة، فلازال هو الآخر مختفيا عن الأنظار، فيما لم يعثر بعد على أثر لهانيبعل، الذي كان وراء أزمة دبلوماسية بين ليبيا وسويسرا على خلفية تعذيب خادم مغربي يشتغل عنده. واجتاحت المعارضة الليبية وسط العاصمة طرابلس بعدما هاجمتها من عدة جوانب، وأحكمت قبضتها على جل المؤسسات، وتدفق مقاتلون يلوحون بأعلام المعارضة ويطلقون النار في الهواء على الساحة الخضراء التي كانت تستغلها الحكومة، في الآونة الأخيرة، في تنظيم مظاهرات حاشدة تأييدا للقذافي. وأطلق الثوار على الفور على الساحة اسم «ساحة الشهداء» الحكومية، كما استولوا على مقر الفضائيات التي كانت تروج لخطاب القذافي، في إشارة واضحة إلى انهيار نظام الديكتاتور معمر القذافي الذي حكم ليبيا بقبضة من حديد لأكثر من أربعة عقود. وألقت قوات المعارضة الليبية القبض على اثنين من أبناء القذافي (محمد، سيف الإسلام)، لكن لم يتضح بعد مكان العقيد الذي يتردد أنه مازال مختبئا في العاصمة طرابلس. وفي الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن اعتقال الساعدي، ثالث أبناء القذافي، قالت اللجنة الإعلامية للثوار إنه لم يتم التحقق من هذه الأنباء، فيما أعلنت مصادر إعلامية أن محمد، أكبر أبناء القذافي، سلم نفسه إلى الثوار بعد محاصرة منزله. وقد تحدث محمد عبر الهاتف، في كلمة متلفزة ل«الجزيرة»، وأكد أنه حصل على الأمان للبقاء في منزله المحاصر، وهو الشيء الذي أكده رئيس المجلس الانتقالي الوطني، ويذكر أيضا أن الثوار هاجموا منزل عائشة القذافي، ابنة العقيد معمر. وأكد عبد الجليل أن الثوار مستعدون لوقف إطلاق النار شرط إعلان القذافي وأبنائه الرحيل، وقال: «ونحن مستعدون لتوفير ممر آمن لهم»، في الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن تسليم الوحدة المكلفة بحراسة الزعيم معمّر القذافي نفسها؛ وقال عبد الجليل، في تصريح خاص ل«العربية»، إن الكتيبة المكلفة بحماية القذافي سلمت نفسها إلى الثوار، وقال إن قائد حماية القذافي وعدني بتسليم نفسه في الوقت المناسب، وهو ما فعله. وفي ردود الفعل الدولية، قالت قوات التحالف إن نظام القذافي يتهاوى أمام أعيننا، فيما شهد التلفزيون الليبي التابع لنظام القذافي خللا واضحا في البث. من جانب آخر، أكدت جنوب إفريقيا أنها لن تساعد القذافي على الخروج من ليبيا، نافية إرسال طائرة لنقل القذافي من طرابلس. وكانت أنباء تحدثت البارحة عن ربوض طائرتين من جنوب إفريقيا في المطار. وجدد الاتحاد الأوربي حث القذافي على التنحي دون أي تأخير حقنا للدماء. ودعت وزارة الخارجية الصينية ليبيا إلى احترام خيار الشعب، مبدية أملها في أن تستقر الأوضاع هناك. واعتبر الرئيس الفرنسي ساركوزي أن القذافي مطالب بتجنب إراقة مزيد من الدماء، وطالبه بدعوة قواته إلى وقف القتال وتسليم أسلحتها والخضوع للقوات الشرعية، حسب تعبيره.