يراهن وزير العدل الناصري على أهمية التعديلات الجديدة،و ما ستدخله من تغييرات جوهرية على مكونات التنظيم القضائي للمملكة. ويعتبر مسؤولو الوزارة أن مشروع الإصلاح الجديد سيحدث بمقتضاه أقسام لقضاء القرب بالمحاكم الابتدائية ومراكز القضاة المقيمين، وستكون جهة قضائية محترفة مؤهلة لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة، وفق مسطرة مبسطة، مع تيسير سبل التبليغ والتنفيذ، بما يحقق تقريب القضاء من المتقاضين مع امكانية عقد جلسات متنقلة بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب. ما يعرف بقضاء القرب، الذي يعول عليه وزير العدل، سيختص بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 5000 درهم، لكن دون النظر في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والافراغات، ويمتد اختصاصه إلى البت في المخالفات، على أن لا تتعدى العقوبة التي يمكن الحكم بها مبلغ 1200 درهم كغرامة. وتجدر الاشارة، لقد صادق البرلمان، في دورته الأخيرة، على مشاريع قوانين تتعلق بتنظيم قضاء القرب والتنظيم القضائي للمملكة وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية. وبالنظر إلى الأهمية البالغة للمشاريع المذكورة وارتباطها الوثيق بمشروع إصلاح القضاء، وعملا بمقتضيات الفصل 56 من الدستور، فقد أولاها البرلمان بمجلسيه أسبقية خاصة. وتندرج القوانين المذكورة، حسب الوزارة المعنية، في سياق «اعتماد خريطة وتنظيم قضائي عقلاني مستجيب لمتطلبات الإصلاح» وكذا «إعادة النظر في قضاء القرب»، كما حث على ذلك الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة ذكرى 20 غشت 2009. وتعول الوزارة على أن تنزيل مقتضيات هته النصوص على أرض الواقع سيضمن العدالة الاجتماعية الفعالة التي تراعي حقوق المتقاضين وتعمل على تيسير المساطر المتعلقة بالتقاضي بما في ذلك تقليص آجال البث، وسرعة التنفيذ. وبهدف تنزيل مقتضيات هته النصوص على أرض الواقع، عقد مؤخرا وزير العدل الأستاذ محمد الطيب الناصري اجتماعا ضم إلى جانب المدراء المركزيين للوزارة، السادة الرؤساء الأولون لمحاكم الاستئناف والسادة الوكلاء العامين لديها... خلال كلمة له في الاجتماع المشار إليه، استعرض الوزير محمد الطيب الناصري الجهود الحثيثة التي بذلتها مصالح هذه الوزارة كي ترى هذه النصوص النور. فضلا عن استعراضه الخطوط العريضة لكل نص على حدة مع تبيان جوانب القوة فيه. من جانب آخر التمس الوزير من المسؤولين القضائيين الإسراع في تفعيل هذا الأمر وجعله يتزامن مع احتفالات الشعب المغربي بذكرى 20 غشت التي تؤرخ، في الوقت ذاته، للخطاب التاريخي الهام الذي تفضل وألقاه جلالة الملك محمد السادس، بهذه المناسبة في عام 2009. هذا وتهدف هذه المشاريع القوانين، إلى إدخال تعديلات جوهرية على بعض مكونات التنظيم القضائي للمملكة، وما استوجب ذلك من ملائمة قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية مع الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة. ويتعلق الأمر بالتعديلات الجوهرية التالية: أولا: إحداث أقسام لقضاء القرب بالمحاكم الابتدائية ومراكز القضاة المقيمين، كجهة قضائية محترفة، مؤهلة لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة، وفق مسطرة مبسطة، مع تيسير سبل التبليغ والتنفيذ، بما يحقق تقريب القضاء من المتقاضين؛ كما يمكن عقد جلسات تنقلية بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب. ويختص قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 5000 درهم، ولا يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والافراغات. ويمتد اختصاص قاضي القرب إلى البت في المخالفات، على أن لا تتعدى العقوبة التي يمكن الحكم بها مبلغ 1200 درهم كغرامة. ثانيا: خلق إمكانية لتصنيف المحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية ومحاكم ابتدائية اجتماعية ومحاكم ابتدائية زجرية. وتقسم المحاكم الابتدائية المدنية إلى اقسام قضاء القرب وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية؛ وتقسم المحاكم الابتدائية الاجتماعية إلى أقسام قضاء الأسرة وغرف حوادث الشغل والأمراض المهنية وغرف نزاعات الشغل. كما تقسم المحاكم الابتدائية الزجرية إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث. ويهدف هذا التعديل إلى تحقيق مردودية أكبر، خاصة بالنسبة للمحاكم الابتدائية الكبرى، وذلك على عدة مستويات كتوحيد الإجراءات، وتبسيط المساطر، وتنظيم سير العمل بهذه المحاكم، وضمان التأطير والتكوين الجيد لفائدة الأطر القضائية والإدارية العاملة بها، وتوحيد الاجتهاد القضائي. ثالثا: إحداث غرف استئنافات على مستوى المحاكم الابتدائية، تختص بالنظر في بعض الاستئنافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائيا؛ وسيساهم هذا التعديل في تقريب القضاء من المتقاضين، لاسيما بالنسبة للمحاكم الابتدائية البعيدة مقارها عن مقار محاكم الاستئناف. وبذلك ستصبح المحاكم الابتدائية مختصة بالنظر: - ابتدائيا، مع حفظ حق الاستئناف أمام غرف الاستئنافات بالمحاكم الابتدائية، إلى غاية عشرين ألف درهم (20.000 درهم)؛ - وابتدائيا، مع حفظ حق الاستئناف أمام المحاكم الاستئنافية، في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرين ألف درهم (20.000 درهم)؛ - وتبت ابتدائيا إذا كانت قيمة موضوع النزاع غير محددة، مع حفظ حق الاستئناف أمام محاكم الاستئناف. كما تختص غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية بالنظر في الاستئنافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة ابتدائيا عن المحاكم الابتدائية في قضايا المخالفات، وفي القضايا الجنحية التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا وغرامة أو إحدى العقوبتين فقط. وتبت هذه الغرف كدرجة استئنافية طبقا للشروط المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية أو نصوص خاصة. رابعا: توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي بالمحاكم الابتدائية، ليشمل كافة القضايا ما عدا الدعاوى العقارية العينية والمختلطة وقضايا الأسرة والميراث (باستثناء النفقة)؛ كما يشمل كافة القضايا الجنحية، سواء تعلق الأمر بقضايا الرشداء أو بقضايا الأحداث؛ ويهدف هذا التعديل إلى تسريع البت في القضايا، وتبسيط إجراءات التقاضي، والتحكم في سير الجلسات، وتقوية الشعور بالمسؤولية. خامسا: إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف، للنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول من 241 إلى 256 من القانون الجنائي والمتعلقة بالرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ والغدر وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها. وتشتمل هذه الأقسام على غرف للتحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة، وهو ما سيمكن هذه الأقسام من كافة الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة التي ستمكنها من أداء مهمتها على الوجه الأكمل من أجل تخليق الحياة العامة وحماية المال العام. هذه هي الخطوط العريضة لمشاريع قوانين تتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته، وتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وملاءمة هذا التعديل مع قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، والرامية كلها الى عقلنة التنظيم القضائي، والرفع من النجاعة القضائية.