يبدو أن لغة البيانات التصعيدية التي يفضلها النظام الجزائري، كلما اشتد عليه الخناق في قضية الورقة التي يلعبها منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي ضد المغرب، أصبحت تعود وبالا عليه، بل وتكشف صبيانية مواقفه التي لا يشتد سعيرها إلا عندما بتعلق الأمر بوحدة المغرب الترابية التي يواصل اعتمادها كسجل تجاري يضمن استمرارية تسلطه غير الشرعي على الحكم. محاولة اجترار نفس الأسطوانة مع اسبانيا لم تجد نفعا، بل فتحت على النظام الجزائري المهووس بالبحث عن الشرعية بافتعال عدو خارجي، بوابة الجحيم الأوروبي، ونقمة الحكومة الإسبانية. ففي مقابلة مع راديو كطالونيا، قالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية ناديا كالبينو، أمس الاثنين، إن قرار الجزائر تعليق معاهدة صداقة ثنائية مع بلادها الأسبوع الماضي لم يكن مفاجئا لأن الجزائر تنحاز بشكل متزايد إلى روسيا. وأضافت كالبينو أنها لاحظت تقاربا متزايدا بين الجزائروروسيا في اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي في أبريل. وقالت "رأيت في ذلك الوقت أن الجزائر أصبحت منحازة أكثر وأكثر لروسيا، لذلك فإن (قرار تعليق المعاهدة) لم يفاجئني". وتأتي تصريحات وزيرة الاقتصاد الإسبانية في خضم تصاعد الخلافات بين مدريدوالجزائر بشأن ملف الصحراء المغربية، ودخول الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة دعما للمواقف الإسبانية. ويبدو أن تصريح وزيرة الاقتصاد الإسبانية يسعى لوضع الجزائر في الزاوية باتهامها بالانحياز، ويعتبر، في الآن نفسه، رسالة إلى قصر المرادية، بأن الاعتماد على الغاز سيكون على المحك. وكانت الجزائر قررت الأسبوع الماضي تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا، التي أدت إلى حظر التجارة بين البلدين باستثناء إمدادات الغاز، على خلفية إعلان مدريد قبل ثلاثة أشهر عن دعم خطة الرباط للحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وهو قرار كشف عورة النظام الجزائري الذي يدعي الحياد، ويرفض على أساسه المشاركة في طاولة المفاوضات، ويواصل، بالمقابل، غسل أدمغة الشعب الجزائري بشعارات جوفاء لاتروم في محصلتها النهائية سوى تحويل نظره عن شرعية من يسوس البلاد بالحديد والنار. وهو واقع ألمحت إليه رسالة الاتحاد الأوروبي الذي هدد بإسدال الستار على مهزلة طال أمدها. فما كان من نظام الجزائر سوى التراجع والانبطاح.