نظم المركز الجامعي لدراسات الهجرة بوجدة درسا افتتاحيا حول موضوع "الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وركيزة للتعاون في إطار المشروع التنموي الجديد"، ألقته الدكتورة الباحثة في مجال سوسيولوجيا الهجرة نزهة الوافي الوزيرة المنتدبة للمغاربة المقيمين بالخارج سابقا، بقاعة الندوات بكلية الطب والصيدلة بوجدة. وأوضحت الدكتورة زليخة إرزي، في كلمة بالمناسبة نيابة عن الدكتور ياسين زغلول رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، الدور الذي يلعبه المركز الجامعي لدراسات الهجرة لتحديد استراتيجيات تروم تدبير شؤون الهجرة، وفق التوجهات المبذولة من قبل المملكة المغربية، مشيرة إلى استراتيجية المغرب الوطنية للهجرة واللجوء، ومبادراته الاجتماعية تجاه المهاجرين من أجل الاندماج اجتماعيا على مستوى التعليم والصحة والسكن والتكوين المهني. ومن جهته ذكر عميد كلية الطب والصيدلة خالد سراج، أن كلية الطب تعمل على تكوين أطباء أكفاء لتوفيرالرعاية اللازمة للأفراد ومن بينهم المهاجرين، بحيث أن المهاجرين يمرون من ظروف صعبة ومتعبة، وبالتالي يتم التركيز على البعد الاجتماعي والتربوي من أجل توفير الخدمات والرعاية اللازمتين. ورغم اختلاف محيط وميدان البحث العلمي إلا أن كل الدراسات والأبحاث في كافة المجالات تهدف إلى تحقيق إضافة علمية في المجتمع، باعتبار البعد العلمي حاضرا ومؤثرا، وأن كلية الطب مفتوحة أمام جميع المبادرات الصحية والتفاعلات القائمة في مجال الهجرة. وتعد الهجرة ظاهرة يصعب دراستها والبحث فيها، كما يقول نور الدين عالم عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية، مشيرا الى أن المركز الجامعي لدراسات الهجرة فرصة وبرنامج مميز ومثمر سيعمل من خلاله الطلبة و الأساتذة الباحثين على القيام بمجموعة من الأبحاث العلمية والدراسات الميدانية في مجال الهجرة. وذكر مدير المركز الدكتور عبد الحق البكوري، خلال كلمة تأطيرية للملتقى، بضرورة تأطير الكفاءات في المجال العلمي والمعرفي من خلال الندوات والمحاضرات، فضلا عن المقاربات النظرية التي يتم الاشتغال عليها داخل الفصول و التكوينات، باعتبار الهجرة ظاهرة عالمية ووسيلة لإعادة إنتاج الذات وكونها عملية معقدة تشكل بحثا مستمرا. وأشار الدكتورالبكوري إلى أن المهاجرين يعانون من عقبات و صعوبات في الاندماج، خصوصا على مستوى الهجرة الغير النظامية، ذلك أن الحروب الدولية و المجاعات أسهمت في هجرة الأفراد لدول ومناطق أخرى، خاصة بلدان المتوسط و بلدان شمال افريقيا التي تعاني صعوبة في الاندماج. ويحاول المغرب إنتاج سياسة هجرية جديدة تواكب التنمية، بحيث أن المغرب لم يعد بلد عبور فحسب، بل دولة تستقبل المهاجرين أيضا، كما أن السياسات عجلت بظهور استراتيجيات جديدة، خاصة بالنسبة للمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، الأمر الذي يتطلب عمل التشكيلة الحكومية الراهنة على تطوير سياسة الهجرة و اللجوء، لأن من المتوقع أن يعرف العالم تزايدا ملحوظا في عدد السكان، و بالتالي يجب تدبير تدفقات الهجرة، يضيف الدكتور البكوري . وأفادت الدكتورة نزهة الوافي، خلال درسها الافتتاحي، أن المملكة المغربية تحافظ على القيم الثقافية والحضارية للاختلاف والتنوع من خلال مجموعة من المبادرات المهمة وأبرزها المرصد الأفريقي للهجرة، باعتباره قيمة مضافة وهدية للعالم لتكون له الآلية البحثية والمؤسساتية العلمية التي تمكنه من جمع المعطيات والبيانات اللازمة، والتي من خلالها يتم اعطاء أجوبة وحلول لما يواجهه العالم فيما يخص الهجرة، فضلا عن بناء استراتيجيات لإعطاء حلول واقعية حسب الظرفية التي يواجهها العالم . وقالت الدكتورة نزهة الوافي أن المغرب شهد عمليات تتمثل في التحريض على جرائم العنف والكراهية تجاه الأجانب، وبالتالي فالاستراتيجية المتعلقة بالهجرة ليس من الضروري أن توجه خطابها للمهاجرين الذين يهاجرون إلى الخارج، بل هي استراتيجية تخاطب المواطنين أيضا. وفي سياق المواطنة العابرة للحدود يمكن اعتبار ظاهرة الهجرة موضوعا سياسيا لا تقنيا، بحيث أن النموذج التنموي الجديد جعل المغاربة المقيمين بالخارج إحدى رافعات التنمية حتى على المستوى الترابي، و أنه عند التحدث عن الكفاءات المغربية ليس بالضرورة أن نقيسها بما هو تقني بل يجب قياسها على مختلف المستويات، بدءا من الجانب الثقافي والمجتمع المدني. وأكدت الدكتورة نزهة الوافي أن الخطابات لا توجه للمغاربة المقيمين بالخارج فقط بل يتم التركيز أيضا على الثقافة المغربية بالخارج والعرض الثقافي المغربي الذي يتم تمثيله في الدول الأخرى، بحيث أن المواطن المغربي المقيم بالخارج يدافع عن انتمائه و هويته، الأمر الذي يبرز مدى قوة الرابطة والهوية الاجتماعية وتجاوز العلاقات الأسرية، وبالتالي من المفروض تعديل المدونة وعلاقتها بالمغاربة المقيمين بالخارج من أجل الحفاظ على الارتباط و العلاقات الأسرية واستمرارية الهوية الوطنية المحلية . يشار أن الملتقى شهد مشاركة وازنة لمختلف الباحثين والأكاديمين والطلبة والأساتذة، وخلف تجاوبا لدى المشاركين مع أنشطة المركز الجامعي لدراسات الهجرة الإشعاعية و التواصلية مع مختلف الفعاليات والحساسيات بمختلف تلاوينها ومرجعياتها الفكرية والأيديولوجية. يذكر أن المركز الجامعي لدراسات الهجرة بكلية الآداب والعلوم الانسانية بوجدة تعهد بتنشيط الفضاء المعرفي وتعزيز المكتسبات وفتح المجال لتلاقح الافكار والتجارب بين الباحثين في مجال الهجرة لتفعيل مختلف المستجدات و التقارير والمعلومات المتعلقة بالهجرة وإنتاج رؤى تصورات ونعارف تغني المشهد الاكاديمي، في أفق بناء معرفة علمية ورسم السياسات العامة لذوي القرار السياسي وراسمي السياسات العمومية . * يسرى التفراوتي طالبة باحثة في سلك الماستر الهجرة والمجال والمجتمع. عضوة بالمركز الجامعي لدراسات الهجرة بوجدة