أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، أول أمس الخميس بأصيلة، أن الشعوب العربية والإفريقية المنخرطة حاليا في عملية انتقال تاريخي معقد نحو الديمقراطية «في حاجة حيوية لفسح المجال لممارسة إعلامية قوية تسمح للمواطن الإفريقي والعربي بامتلاك مصيره». وشدد الناصري، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لندوة «الإعلام العربي والإفريقي: صورة الواحد في إعلام الآخر» التي نظمتها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية في دورتها ال26، في إطار الدورة ال33 لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي، على أنه للإعلاميين وظيفة استراتيجية، وتقع على عاتقهم مسؤولية جسيمة من أجل النهوض بقيم الحرية والسلم والاحترام المتبادل بهاتين المنطقتين. واعتبر الوزير أن المغرب يلتزم بالاستمرار على هذا النهج لأن الأمر يتعلق بقناعة عميقة وراسخة بضرورة تعزيز هذا البنيان المشترك، مؤكدا على ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل السمو بالممارسة السياسية الإعلامية والارتقاء بها إلى مدارج الديمقراطية والحداثة. واعتبر الناصري أن الإكثار من هذه اللقاءات الحوارية والتفاعلية بين الفاعلين في المجال الإعلامي بإفريقيا والعالم العربي من قبيل هذه الندوة، سيسهم بقوة في الارتقاء بالوعي المشترك بضرورة بناء علاقة أكثر عمقا بينهما. وأشار إلى أنه آن الأوان ليتحرك الإعلام العربي والإفريقي و»يمسك بكامل استقلاليته وجرأته، ويتحرر من مظلة الدول والحكومات»، حتى يؤدي الدور المنوط به على أكمل وجه. وأضاف أن تداخل أجندات السياسيين والإعلاميين بالعالمين العربي والإفريقي يفرض «تحديد فضاءات تدخل كل واحدة من السلطتين في نطاق دولة القانون والمؤسسات، واحترام القواعد القائمة على جدلية الحرية والمسؤولية». من جانبه، قال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة محمد بن عيسى إن الصورة التي يختزنها العرب والأفارقة عن بعضهم البعض «لا تسر أحدا»، معتبرا أن الإعلاميين قادرون، بحكم الخبرة والممارسة، على إدراك مصادر هذا العطب وتشخيصها. وأكد بن عيسى أن العرب والأفارقة يسعون إلى تشييد الديمقراطية وأنظمة الحكم الرشيد والتعددية السياسية في بلدانهم، موضحا أن هذا الورش الجماعي الكبير يجعل الإعلاميين في خضمه وفي طليعة المشاركين في إنجاحه. وشدد بن عيسى على ضرورة الاستفادة من منجزات الإعلام الأجنبي، واستيعاب قيم المصداقية والموضوعية والتحكم في الأهواء العاطفية والإيديولوجية والأحكام المسبقة، معتبرا أنه إذا تم التقيد بذلك فإن «الصورة التي نرسمها عن أنفسنا ستكون جذابة وأكثر إقناعا لنا ولغيرنا، بما فيها من وضوح وصفاء أو رتوش». ومن جهته، أكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية يونس مجاهد أن ضعف العلاقة بين الإعلاميين العرب والأفارقة راجع بالأساس إلى كون الإعلام في المنطقة العربية وإفريقيا «إعلام محلي ويتوجه إلى الداخل» بالدرجة الأولى. واعتبر مجاهد أن تصحيح هذا الوضع يقتضي إعادة بناء الروابط بين الطرفين على أساس «الإيمان بالنضال والمصير المشتركين»، مشيرا في هذا السياق إلى تجربة الفيدرالية الإفريقية للصحافيين التي تؤكد على ضرورة ضمان سلامة وحماية الصحافيين الأفارقة، وأضحت صاحبة كلمة مسموعة داخل الفيدرالية الدولية للصحافيين. أما عبد الله محمدي الرئيس المدير العام لوكالة «صحراء ميديا» من موريتانيا فقال إن «تغطية الإعلام العربي للأحداث الإفريقية ظلت أسيرة أجندة تغطية غرف الأخبار الغربية ما جعله يغيب عن أحداث إفريقية عديدة رغم القواسم المشتركة بيننا». وأبرز أنه باستثناء بعض الوكالات الرسمية التي تقوم تغطيتها الإعلامية على الانتقائية، فإنه لا يوجد مراسلون عرب في أفريقيا. كما أن قلة الإمكانيات، يضيف محمدي، حالت دون قدرة الصحافيين الأفارقة على تنقلهم وتغطيتهم لما يجري بالعالم العربي، معتبرا أن تنظيم هذه الندوة سيساعد كلا الطرفين على فهم الآخر في أفق خلق آلية للتواصل بينهم. وحسب مؤسسة منتدى أصيلة فإن هذه الندوة، التي تواصلت أشغالها يوم أمس الجمعة، تندرج في سياق تيسير فرص اللقاء والنقاش بين الإعلاميين العرب والأفارقة باعتبارهم «أناسا يتقاسمون مهنة رفيعة توجب عليهم في الوقت ذاته عدم التخلي عن جوهر رسالتها وشعاراتها الهادفة إلى إشاعة قيم «التنوير» بأبسط وأعقد معانيه بين المستهلكين المتعطشين إلى إعلام ذكي وحديث». كما جاءت هذه الندوة، التي شارك فيها عدد من الفعاليات وممثلي المقاولات الإعلامية الرسمية والخاصة بالدول العربية والإفريقية، التأكيد على أن «الصحوة الديمقراطية، التي مست بنيان أغلب الدول العربية والإفريقية، تضع على الإعلاميين أضعاف المسؤوليات التي تعلموها أثناء تلقي أصول المهنة، من أجل التوعية ومزيد من التبصير بالتحديات المقبلة التي ستؤثر حتما على المهنة والمتعاطين لها».