دخلت البلاد، منذ الجمعة الماضي، مرحلة جديدة، اعتمدت السلطات خلالها عددا من التدابير المخففة في مواجهة الجائحة، وذلك موازاة مع التحسن التدريجي للحالة الوبائية، وبتوصية من اللجنة العلمية ذات الصلة، كما أن المرحلة نفسها تعرف انطلاق الموسم الدراسي، الذي جرى ترجيح صيغته الحضورية، ويتم أيضا التحضير لاستئناف عدد من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، والعودة التدريجية للجمهور إليها، وكل هذا، بقدر ما يخلف ارتياحا واضحا لدى الناس، ويساهم في تخفيف حالات الإغلاق، فإنه كذلك يطرح تحديات لا تخلو من أهمية لصيانة صحة وسلامة شعبنا، وتمتين استقرار وتحسن الحالة الصحية والوبائية ببلادنا. من المؤكد أن هذا التحدي يفرض بداية تقيد المواطنات والمواطنين، بشكل فردي وجماعي، بكل الإجراءات الوقائية والاحترازية ذات الصلة، والحرص على حماية أنفسهم وذويهم في الحياة اليومية، ولكن، في الآن نفسه، لا بد من التأكيد على أهمية التوعية والتنوير والشرح والتحسيس من لدن السلطات الصحية والإدارية، وذلك لإنماء الوعي العام وسط شعبنا، ولتقوية اليقظة الصحية والمجتمعية. إن الإعلان عن تخفيف التدابير الاحترازية وفِي نفس الوقت الإعلان عن اعتماد جرعة التلقيح الثالثة، هو في حد ذاته يفرض تواصلا مكثفا من طرف الجهات المسؤولة لتنوير المواطنات والمواطنين، وللتجاوب مع ما يعبرون عنه يوميا من انشغالات وأسئلة: لماذا؟ ما الداعي؟ كيف سيجري الأمر؟ هل ستكون جرعة أخرى رابعة أو خامسة؟ … تعرض عدد من الناس للإصابة بعد التلقيح، تكرر الإصابة وحالة العود، صعوبة الحصول أحيانا على الأدوية المكونة للبروتوكول العلاجي، سواء في المستشفيات أو حتى لدى الصيدليات… كل هذه الاستفهامات يجري اليوم تداولها وسط شعبنا في كل مجالس الحديث… ومن داخل البياضات المنتشرة وغياب الأجوبة تتسرب الإشاعات والأخبار الزائفة والمضللة، ولهذا لا بد من حضور تواصلي قوي ومكثف ومحكم لمحاصرة كل إشاعات التضليل والدجل والخرافة بهذا الخصوص. لم يعد اليوم مطلوبا فقط استعراض الحصيلة الوبائية اليومية وتقديم أرقامها، ولكن المطلوب هو الشرح والتفسير والتوعية، والتفاعل العلمي المقنع مع ما يروج وسط المجتمع من أسئلة وأحاديث… مع الحكومة المنتهية ولايتها، عانى شعبنا كثيرا من الضعف الكارثي في التواصل المنتظم، ولم تنجح الحكومة في صياغة حضور إعلامي قوي لها، وتركت، بدل ذلك، الساحة فارغة، وكثيرا ما وجهت لها الانتقادات على هذا المستوى، وهذا ما يجب اليوم ملؤه بكفاءة ومهنية، واعتمادا على رؤية واضحة ومدروسة… مواجهة بلادنا للتحدي الوبائي تعتبر اليوم من الساحات الأساسية التي تستوجب حضورا تواصليا منتظما للسلطات الصحية والإدارية ذات الصلة، وعملا محكما لتمتين يقظة شعبنا وتعبئته الوطنية لكسب الرهان… إلى متى يجب أن يستمر الانتظار إذن؟ محتات الرقاص