الإعلان الملكي عن حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس: "كوفيد – 19″، وتعبئة كل الجهود لتوفير اللقاح والتزود به، وأيضا الحث على التنظيم الجيد والناجع لكي تشمل عملية التطعيم كل المعنيين، مثل خبرا سارا للمغاربة في الأيام الأخيرة، وساهم في إشعاع الأمل، والتطلع لكي تتجاوز بلادنا هذه الأزمة الصحية القاسية. الكرة الآن في ملعب كل السلطات ذات الصِّلة، وعليها أن تحرص على تفادي كل الاختلالات والأخطاء التي شهدها سلوكها التدبيري والميداني في الفترات السابقة، وأن تعمل على تمتين تواصلها مع الشعب، وأيضا بلورة منظومة متكاملة ومحكمة للإنجاز على أرض الواقع، علاوة على برامج التوعية والتثقيف والتفسير والتعبئة لكسب تحدي التلقيح. من جهة ثانية، تبرز عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات الهاتفية، وفِي محافل أخرى، خطابات تشكيكية في كل شيء، وتحرض على ابتذال كل مجهود يعلن عنه للوقاية، وتصر على تعميم أفكار الدجل والخرافة والإنكار والاستسلام وسط شعبنا، وذلك بما يهدد الصحة العامة، وسلامة مجتمعنا. الجميع اليوم يسجل أن ما وصلت إليه بلادنا من أوضاع وبائية، ساهم في تفاقمها استهتار الناس وتراخيهم، وضعف التزامهم بتدابير الوقاية، سواء ما يتعلق بارتداء الكمامات أو التقيد بالتباعد وعدم الاختلاط، وكلنا اليوم صرنا نعرف الضحايا من ضمن جيراننا وأقربائنا، ومنهم من أودى الفيروس القاتل بأرواحهم، ونعرف كذلك أسماء شخصيات شهيرة، في المغرب وعبر العالم، فتك بها الوباء، وكل هذا ليس وهما أو أمرًا متخيلا، وإنما حقيقة ونحفظ جميعنا الأسماء والوجوه وأشكال المعاناة، ورغم كل هذا يوجد منا من لا يزال ينكر حتى وجود "كورونا"، ومن لا يزال يهزأ من القواعد الاحترازية، أو من يربط الوباء بالسياسة والحسابات أو بالسماء والخرافات… وحتى لما بدأ العالم يتنفس الصعداء عقب الإعلان مؤخرا عن نجاح العلماء في اكتشاف اللقاح وتجريبه، بقي بعضنا مشككا وناكرا ومتعنتا، وكان ينطلق في ذلك من عقله الجامد، ويحسب أن كل البشر مثله، ولا يدرك أن هناك علماء انكبوا داخل المختبرات يبحثون ويجربون وينقبون عن اللقاح وعن… الحل. وبعض "لفهايمية"، صاروا أطباء متخصصين هذه الأيام، وبدأوا، من فوق كراسيهم بالمقاهي أو من خلف حواسيبهم أو شاشات هواتفهم، في توزيع شكوكهم ذات اليمين وذات الشمال، حول اللقاح ذاته، وباتوا يفهمون في مكونات اللقاح وسياق اختراعه والإعلان عنه… وبدل شكر العقول العالمة والخبيرة التي عملت على اختراع لقاح ينقذ البشرية من هذه الجائحة، وتعبئة شعبنا وتوعيته ليسعى للاستفادة من ذلك، إنقاذا لصحته ولسلامة البلاد، والانخراط في الحث على إنجاح الجهد الملكي والمبادرة التي أعلن عنها، بقي المشككون مستمرين في استهتارهم واستخفافهم وإنكارهم، ويواصلون زرع الجهل وسط الناس، وهو ما يعتبر خطرا على المجتمع، ويؤدي بصحة شعبنا إلى مآلات كارثية. التعبئة المجتمعية لا بد أن تركز اليوم كذلك على التوعية والتنوير ومحاربة الإحباط والتيئيس والتشكيك، وهنا يحضر دور الإعلام وأيضا المساجد ومختلف مؤسسات التنشئة، بالإضافة إلى أهمية انفتاح الحكومة على المجتمع، وحرصها المستمر على التواصل، وعلى الحضور السياسي. الحالة الوبائية توجد اليوم في مرحلة خطيرة ودقيقة، والمبادرة الملكية الخاصة بحملة التطعيم تمثل أملا لإنقاذ بلادنا وشعبنا، ويجب تكثيف كل الجهود لإنجاح تعبئتنا الوطنية الجماعية في هذا الظرف الصعب، والسعي لكسب التحدي الصحي، وحفظ سلامة شعبنا، وحق كل المواطنات والمواطنين في الصحة. لنواجه كلنا الأخبار الكاذبة، ولنتصدى جميعا لأفكار الخرافة والدجل والاستهتار والاستسلام.- محتات الرقاص