تشهد الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد-19 إقبالا متزايدا للمواطنات والمواطنين، وانخراطا شعبيا لافتا، وذلك على عكس موجة التشكيك التي كانت تروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفِي مجالس حديث الناس. الأيام الأولى لحملة التلقيح أبرزت أن شعبنا يتخلص من الشائعات وأفكار الدجل التي كانت سائدة قبل أسابيع، ويصر على الاستفادة من جرعة اللقاح، ويسعى للحصول على ذلك وحفظ صحته من الوباء. الانخراط الشخصي لجلالة الملك في حملة التلقيح والصورة الملكية البليغة لجلالته وهو يتلقى اللقاح أفشلت مفعول الشائعات، وفضحت تفاهة من كان يروج أن اللقاح يتم لغايات تجسسية وتآمرية، أو أنه يحدث مضاعفات صحية وجينية على الإنسان، ومن ثم بعثت إشارة الاطمئنان والثقة. العالم حوالينا كله ينشغل بعملية التلقيح، ويشهد سوق اللقاح العالمي، تبعا لذلك، صراعا مشتعلا من أجل التزود، وتتعامل الدول جميعها بكثير من الأنانية بهذا الخصوص، وكل بلد يفكر فقط في مصلحته الخاصة، ويشهد العالم مضاربات كبيرة في سوق اللقاح. وبالنظر إلى هذه الأوضاع الصعبة والمعقدة، يمكن اعتبار بداية حملة التلقيح في المغرب إيجابية بشكل عام، وانطلاقتها موفقة لحد الآن، من حيث التزود، وأيضا من خلال التدبير الميداني وسلاسة التنظيم. ولكن، مع ذلك، فإن استمرار الحملة خلال الأيام والأسابيع المقبلة سيطرح، دون شك، تحديات، يجب أخذها بعين الاعتبار والاستعداد لها، وبلورة تخطيط استباقي محكم للتغلب عليها، ولإكمال الحملة الوطنية وتحقيق كامل أهدافها الصحية والمجتمعية. إن منظومة التزود باللقاح يجب أن تعمل بإحكام، ومن دون مفاجآت في الطريق، أو أي توقف طارئ لا قدر الله، وأيضا تحديد فئات المستفيدين يجب أن يسير ضمن مخطط تنظيمي متكامل بلا أي تمييز أو إقصاء أو تجاوز أو تهافت أو محسوبية، وفِي المستويين معا يجب تمتين اليقظة التدبيرية العامة، والالتزام بالوقت من دون مبالغة في البيروقراطية الإدارية. يهمنا أن تنجح بلادنا في الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد-19، وأن تنتهي منها في الوقت المناسب، وذلك بما يحقق المناعة الجماعية وسط شعبنا، ويؤدي إلى حفظ صحة وسلامة المغربيات والمغاربة، وإلى تسريع عودة بلادنا إلى الحياة الطبيعية في أقرب وقت. ولتحقيق هذا الهدف الوطني الكبير، يجب تعزيز الأداء الصحي والإداري والتدبيري لمجريات العملية، وفِي نفس الوقت تقوية ثقة شعبنا واطمئنانه، وبالتالي ازدياد إقباله على التلقيح، والمشاركة المواطنة الواسعة في إنجاح حملة التلقيح. إن إقبال شعبنا اليوم على التسجيل والسعي للاستفادة من اللقاح، ورفضه التشكيك والشائعات، واطمئنانه للرسالة التي بعثتها الصورة الملكية، كل هذا يبرز أن شعبنا يستحق أن نثق فيه ونتواصل معه، وأن الفراغ هو الذي يتيح لأفكار الخرافة والدجل أن تنتشر وتسيطر على العقول والمشاعر. ولهذا يجب اليوم الاهتمام أيضا بمبادرات التوعية والتنوير عبر وسائل الإعلام المهنية والجادة، وإشعاع حوار تحسيسي عمومي وسط مجتمعنا بغاية تمتين التعبئة ومحاربة أخبار الكذب والتزييف، ودحض الافتراء والدجل، علاوة على الاستمرار في إنجاح الحملة نفسها على الصعيد الميداني وتقديم معطياتها بشكل مستمر، وبالتالي جعل المنجز الملموس هو نفسه مرافعة وردا للتوعية والإقناع. ويبقى أن إنجاح حملة التلقيح يقتضي كذلك وأساسا الإقبال المكثف والمنظم للمواطنات والمواطنين للاستفادة، والمساهمة الجماعية في ذلك، ضمن التقيد بالإجراءات التنظيمية ذات الصِّلة، والانخراط الفردي والجماعي في دعم مجهود بلادنا للنجاح، وللخروج من هذه المحنة الصحية والمجتمعية القاسية في أقرب وقت. محتات الرقاص