الدستور الجديد ينص على «الحق في الحياة» كمقدمة نحو إلغاء عقوبة الإعدام ستحتضن الرباط في الفترة ما بين 24 و26 من الشهر الحالي الجمع السنوي للائتلاف الدولي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام في ظل ترقب من أن يوجه الائتلاف نداء إلى المغرب بإلغاء هذه العقوبة، في خضم مؤشرات قوية حول الاستجابة لهذا النداء. وتشارك في الاجتماع السنوي للائتلاف شخصيات وازنة دوليا وإقليميا ووطنيا مشهود بمساعيها لإلغاء العقوبة. ويتوقع مراقبون أن تتمخض عن الجمع العام السنوي للائتلاف عدة قرارات ذات أهمية قصوى، خصوصا ما يتعلق بتعديل القانون الأساسي للائتلاف، وإنشاء مكتب تنفيذي له، لتسييره، وإعلان استقلاليته عن اللجنة الراعية منذ انطلاقته إلى الآن. ويتزامن انعقاد الجمع العام للائتلاف الدولي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام مع حملة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد للمملكة المغربية، الذي ينص في فصله العشرين على «الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق»، وهو ما يرى فيه كثير من المتتبعين أن المغرب يمضي قدما في طريق إلغاء العقوبة، التي أوقف تنفيذها منذ نحو 18 سنة. هذا فضلا على أن المشروع الجديد للدستور يؤكد في ديباجته، أن المغرب يتعهد بالالتزام بما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتشبثه بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، والعمل على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، ومراعاة الطابع الكوني لهذه الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء. وكان الائتلاف المغربي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام وجه نداء إلى اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور للاستماع إلى نداء المناهضين لعقوبة الإعدام والمناصرين لهم ومحبي حقوق الإنسان، بالتنصيص على إلغاء العقوبة دستوريا، والإقرار بسمو الاتفاقيات الدولية وإعمالها بالأولية على القانون الوطني. ومن القرارات المهمة التي ستصدر عن الجمع العام للائتلاف الدولي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام تعديل القانون الأساسي، الذي سيعرف انتخاب رئيس ومكتب تنفيذي للائتلاف، وهي الهيئة المسيرة التي ستعوض لجنة الإشراف التي كانت مكلفة بهذه المهمة من قبل. ويتكون المكتب التنفيذي المزمع انتخابه في الجمع العام من 5 شخصيات بالإضافة إلى الرئيس. بينما سيتم الاحتفاظ بلجنة الإشراف التي تضم في عضويتها 20 عضوا. وسيعلن الائتلاف فك الارتباط، ابتداء من ثاني يوليوز المقبل، عن الجمعية الفرنسية لمناهضة عقوبة الإعدام، الجمعية الراعية له منذ تأسيسه، وسيصبح بذلك مستقلا كامل الاستقلالية عنها. وأكدت مصادر أن الجمع العام السنوي الذي تحتضنه الرباط، سيعرف مشاركة المدير العام الأسبق لمنظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة والتربية «يونسكو»، فريديريكو مايور، الذي يرأس اللجنة الدولية ضد عقوبة الإعدام التي أنشأتها الحكومة الإسبانية في أكتوبر الماضي، والتي تعمل من أجل وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الصعيد الدولي في أفق 2015، والتي تضم في عضويتها شخصيات دولية، أبرزها وزير العدل الفرنسي في عهد الرئيس الأسبق فرانسوا ميتيران الذي ألغت فرنسا في عهده عقوبة الإعدام سنة 1981. ويذكر أن الائتلاف المغربي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام، والذي يستضيف الجمع العام السنوي للائتلاف الدولي، يعد تجسيدا، على أرض الواقع، لحركة مغربية تحملت أمام الرأي العام المغربي والدولي شرف التعامل مع «الحياة» قيمة مطبقة وحقا على رأس كل الحقوق، يقاوم الإجهاز على الحق في الحياة ويتصدى لعقوبة الإعدام كيفما كانت أسباب تبرير بقائها. ويعلن الائتلاف المغربي رفضه لتبرير الإعدام سواء باسم الإيديولوجيات أو السياسات أو الديانات، ولا يقبل الاستثناء المبرر للإعدام باسم الإرهاب أو ضغط التهديد الخارجي أو مخاطر حالة الحرب، ولا يقبل الإعدام باسم القضاء وأحكامه وقراراته ولا باسم القانون وفلسفته ومرجعياته. وتوجه الائتلاف منذ انطلاقه نحو وضع برنامج عمل بحجم محدد ومتواضع، انطلاقا من معرفته بواقع المغرب ومحيطه الاجتماعي، وتضارب الآراء والمواقف والتصورات السوسيو ثقافية لدى الرأي العام والنخب والفاعلين السياسيين، ويعرف حجم الجريمة ومخاطرها وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية وبيئية تتواصل فيها الانحرافات والسلوكات الفاسدة، لكنه يعرف أيضا التزام مكوناته وأعضائه وحلفائه بقيمة نشر ثقافة مناهضة الإعدام، وتقديم التوصيات والمقترحات بمناسبة اللقاءات الوطنية والدولية. وينتقد الائتلاف المغربي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام النظام القانوني المغربي، الذي يضع بحسبه، عقوبة الإعدام كنص قانوني صريح ضمن نصوص القانون الجنائي وقانون العدل العسكري. ولم تسلم الحكومة المغربية من انتقادات الائتلاف، وهي التي أسست سياستها الجنائية منذ أول قانون بعد الاستقلال وقررت نقل مقومات السياسة الجنائية الفرنسية واستعمال عقوبة الإعدام بين يدي القضاء، وتركت له سلطة الخيار في إنزالها في بعض جرائم الدولة وجرائم الأشخاص والأموال، ولم تؤثر فيه التطورات السياسية والتشريعية بفرنسا التي ألغت عقوبة الإعدام من القانون الجنائي منذ 1981، ووصلت إلى إلغائها دستوريا قبل ثلاث سنوات.