محمد الزايدي من الأسماء التشكيلية العصامية التي رسمت طريقها الفني بصبر وصمت ممزوجين بإرادة وعزيمة قويتين، حيث حرص منذ البدايات على نسج علاقات متعددة مع فنانين تشكيليين من محيط إقامته البير الجديد وحد السوالم وعاصمة الفن الدارالبيضاء إذا، محمد الزايدي يحتضن في دواخله التواقة للفن، حلما ابداعيا عميقا عبر سنوات متتاليات من التكوين الذاتي، والبحث والتنقيب في عوالم الفن التشكيلي الرحبة بدون كلل. الفن التشكيلي هو وسيلة للتعبير عما بداخل الفنان، وأعماله هي انعكاس لحالاته ومشاعره، من هنا نجد المتتبع لمسار هذا الفنان الموهوب يقف عند اتخاده من الخيل مفردة أساسية، ترمز للسمو والجمال والاصالة والحضارة العربية المتجذرة في الزمان وفي الأمكنة، فالخيل في ثقافتنا العربية، تعبير عن افتخارنا واعتزازنا بموروثنا الثقافي المشترك، أليس الحصان رمز الشجاعة، والجمال والأناقة؟ أليس فخر العرب وحضوره في احتفالاتنا وأفراحنا ومسراتنا؟… ، إذا الفنان محمد الزايدي انطلق من هذا المعطى الفني والجمالي الذي يمزج بين الاصالة والمعاصرة.. الخيل في أعمال الفنان الزايدي تعبير عن أشكال الفن بداخله هو تجسيد حي للمشاعر وللحالات التي تتملك البشر، فالخيل للحراك والنشاط والعمل وأيضا رمز للعزة والكبرياء والجمال بدون منازع وعلامة من علامات القوة والعنفوان بدون منافس. الفنان محمد الزايدي يشتغل في تجربته الصباغية الحالية، على اللغة الصامتة للإيقاع بكل تنويعاته، ودلالاته، ويحيل مقتربه البصري في عمله التشكيلي والرمزي، على الجوهر الإنساني للوجود. إنه يرسم الايقاع المتعدد بدل أن يكتب أو يتكلم، الفن بالنسبة له لغة يتقنها ويعبر بها / ومن خلالها على ما يخالج دواخله التواقة للجمال والإحساس المرهف.. لكن ما يبرزه يحدثنا ويمنحنا متعة التعبير عن أبجدياتنا الأولى حيث يدل الايقاع على شيء أخر يتجاوز الظاهر. إن الإيقاع في أعمال التشكيلي الزايدي تجريدي للفكرة والحلم معا، فهذه الخصوصية تضفي على تجربته الحالمة والواعدة قوة بلاغية. عن منجزه الفني يقول محمد الزايدي: "الفن يمنحني الطاقة لكي أعيد تشكيل العالم بدون أي إدعاء. فعبر فضاء اللوحة أسافر بدون جواز سفر، إذ أعيش ألف انطباع وانطباع من إعداد الفكرة إلى إنجازها وبمجرد ما يتم توقيع اللوحة، أتخلص من كل مصادر القلق والإرهاق لأنها تتحول إلى محطة لتأصيل لحظة هروبية وهذا يمنحني اللذة والمتعة والجمال". الفنان التشكيلي محمد الزايدي، فنان عصامي موهوب، يشتغل بصدق، وبرؤية واضحة، دائم البحث عن الجديد، أي أنه يسعى دائما أن لا يكرر نفسه. لوحاته عميقة من حيث الدلالات والمعاني الجمالية، تتوفر على مياه فنية جوفية لذيذة وممتعة، تستحق الدراسة والمتابعة والاحتضان أيضا.