شاركت الفنانة التشكيلية خديجة ودير مؤخرا بجديد أعمالها الفنية في معرض ثنائي مع التشكيلية فتيحة بوكريس برواق العرض " منظار " بمدينة الدارالبيضاء تحت شعار " أدغال "، وقد لقيت أعمال هذه الفنانة الموهوبة التي تنتمي للحساسية الجديدة استحسان الفنانين والفنانات والنقاد والمهتمين بالفن التشكيلي والاعلاميين الذين حضروا حفل افتتاح المعرض، وأيضا تنبأ لها بعض النقاد بمستقبل واعد، على اعتبار الفنانة تشتغل انطلاقا من رؤية ومشروع فنيين حداثيين وأيضا كونها منفتحة على أفق مشرق وواعد، حيث كتب أحد النقاد الجماليين: " تتميز لوحات خديجة ودير بأسلوب فريد من نوعه مغال في السريالية الرمزية التشخيصية ما يجعل من أعمالها المصقولة تنقل لنا عالما فريدا من نوعه ، عندما نبحث في جنباتها …" . الفنانة خديجة ودير خريجة المعهد العالي للموضة والخياطة بالدارالبيضاء، حيث اكتشفت الرغبة الملحة في البوح التشكيلي منذ زمن من طفولتها الحالمة والعاشقة، فداعبت عددا وافرا من الأساليب الصباغية، كما لامست مجموعة من التقنيات والمهارات في مجال التلوين والتركيب، لأنها تحمل في دواخلها هواجس البحث في عوالم الفن التشكيلي الرحب والعميق، انها تعشق اللغة التشكيلية حد الجنون و التحول، لأنها جوالة ليس فقط في الاماكن والوضعيات الانسانية، وانما في التجارب الاسلوبية، والاتجاهات البصرية. خديجة ودير مشبعة بالحضور، متفاعلة مع سحر اليومي بكل مقوماته الطبيعية والبشرية. حسب قراءات بعض النقاء الجماليين الذين تعرفوا على لوحات الفنانة خديجة بمعرضها الثنائي الأخير، فإنها تشتغل في تجربتها الصباغية الحالية، على اللغة الصامتة للإيقاع بكل تنويعاته، ودلالاته، ويحيل مقتربها البصري في عملها التشكيلي والرمزي، على الجوهر الانساني للوجود. انها ترسم الايقاع المتعدد بدل أن تكتب أو تتكلم، الفن بالنسبة لها لغة تتقنها وتعبر بها / ومن خلالها على ما يخالج دواخلها التواقة للجمال والاحساس المرهف.. لكن ما تبرزه يحدثنا ويمنحنا متعة التعبير عن أبجدياتنا الأولى حيث يدل الايقاع على شيء أخر يتجاوز الظاهر. ان الايقاع في أعمال التشكيلية خديجة تمظهر تجريدي للفكرة والحلم معا، فهذه الخصوصية تضفي على تجربتها الحالمة والواعدة قوة بلاغية . وحول الولع الابداعي، تقول الفنانة خديجة ودير: " لقد وجدت في التصوير الصباغي الوسيلة الأكثر ملاءمة مع شخصيتي، اذ أعشق حد الجنون هذا الفن الراقي الذي سحرني بجماله وبعوالمه الرحبة والممتعة، فهو يمنحني لذة استثنائية وسعادة اضافية ، لا يمكن أن أحيى بدون رسم ، بدون صباغة، فعندما أكون أمام بياض القماش، يعطيني الانطباع بأنني أمام صفحة بيضاء ، حيث تشكل كل لوحة قصة جديدة من قصصي المتعددة والكثيرة. الفن يمكنني من التعبير عن دواخلي، انه اللغة الوحيدة التي أتقنها وأعبر بها بسلاسة وطلاقة دون مجهودات تبذل، الفن بالنسبة لي ضرورة وليس اختيار، هو الذي يساعدني ويمنحني التوازن في الروح وفي الحياة وفي العيش أيضا ، بالنسبة لي الفن هو الحياة ، والحياة هي الفن، لا أتصور يوما أعيشه دون فن، هو الهواء النقي الذي أتنفسه ويتنفسني. الفن يمنحني الطاقة لكي أعيد تشكيل العالم بدون اي ادعاء . فعبر فضاء اللوحة أسافر بدون جواز سفر، اذ أعيش ألف انطباع وانطباع من اعداد الفكرة الى انجازها وبمجرد ما يتم توقيع اللوحة ، أتخلص من كل مصادر القلق و الارهاق لأنها تتحول الى محطة لتأصيل لحظة هروبية وهذا يمنحني اللذة والمتعة والجمال ." لوحات الفنانة التشكيلية خديجة ودير تتقاطع ولا تتشابه ، هاجسها المشترك هو استنباط حالات الروح وهي تكابد جراحات الواقع وتناقضاته الصارخة … ثمة شيء يشبه القلق والحيرة …كل اللوحات تتنفس هواء الرفض … لكنها تمتلك الحق في الحلم وفي الحياة وفي الجمال وفي مستقبل يحضنه الأمل والحب… خديجة ودير مبدعة في الظل …فنانة عصامية موهوبة ، مفرطة في انسانيتها ، راقية في طبعها ، في روحها وفي جنونها الفني ، تطور شغف نفسها وتغامر في البحث عن التجاذب بين الفن والحلم والحياة ، فهي دائمة التوقد كطفلة تعيش مخاض الكشف والمكاشفة وتفتح للوحة بوابات الدلالات اللانهائية ، تنقيبا عن جدورنا المشتركة . انها تحلم بغد وأفق فني رحب وأوسع، تحلم بفضاء يتسع لشغبنا الجميل والراقي، تحلم بالفن كلغة مشتركة ومتداولة بين الصغير والكبير في أحياء راقية وأخرى شعبية، لغة فنية توحدنا لنرى من خلالها / وبها الجمال من حولنا.