سارع الاتحاد الأوروبي إلى مد يد العون إلى تركيا أول أمس الاثنين لإخماد النيران المشتعلة منذ أسبوع التي أودت بحياة ثمانية أشخاص وفاقمت الضغوط على الرئيس رجب طيب إردوغان، وسط حرائق مماثلة في أجزاء مختلفة من جنوب أوروبا. وتواجه تركيا حرائق الغابات الأكثر فتكا منذ عقود فيما تسيطر موجة قيظ على جنوب شرق أوروبا ما يخلف شرارات يلقي مسؤولون يونانيون باللوم فيها على تغير المناخ. وأتت الحرائق التي تجتاح منتجعات ساحلية تركية تطل على المتوسط وبحر إيجه منذ الأربعاء، على مساحات واسعة من الغابات العذراء وأدت إلى إجلاء سياح من فنادقهم. وامتدت تداعيات الكارثة إلى أبعد من الغابات إذ عرضت إردوغان، الذي يخوض انتخابات خلال عامين قد تؤدي إلى تمديد حكمه لعقد ثالث، إلى موجة انتقادات لاستجابته التي بدت بطيئة ومنفصلة عن الواقع. وتعرض الرئيس التركي لانتقادات شديدة خصوصا نهاية الأسبوع لرميه أكياس الشاي للسكان أثناء قيامه بجولة في إحدى المناطق الأكثر تضررا فيما رافقه عدد كبير من عناصر الشرطة. كذلك كشفت الحكومة عن أنها لا تملك طائرات مخصصة لمكافحة الحرائق ويتعين عليها بالتالي الاعتماد على المساعدة الخارجية لمكافحة النيران. وشكر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بروكسل الاثنين لإرسالها طائرة من كرواتيا وطائرتين من إسبانيا. وأفاد الاتحاد الأوروبي بأنه "يتضامن بشكل كامل مع تركيا في هذه الأوقات الصعبة للغاية"، في رسالة هدفها إظهار حسن النية بعد عام من الخلافات بين الطرفين. وتصدى عناصر الإطفاء لحرائق محلية الاثنين في جزيرة رودوس اليونانية في بحر إيجه ومدينة باتراس، وكذلك في أجزاء من إيطاليا وإسبانيا. وتظهر بيانات الاتحاد الأوروبي بأن موسم الحرائق العام الحالي كان أكثر تسببا للدمار من غيره إذ يؤجج ارتفاع درجات الحرارة والرياح العاتية النيران. ويشير خبراء إلى أن التغير المناخي يزيد من إمكانية تكرار مثل هذه الحوادث كما يرفع من شدتها. وحذر رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس من أن اليونان تواجه "أسوأ موجة حر منذ العام 1987" في حين بلغت الحرارة 45 درجة الاثنين في بعض المناطق. منذ الخميس، تشهد اليونان موجة قيظ من المتوقع أن تبلغ ذروتها يومي الاثنين والثلاثاء، وفقا لتوقعات الأرصاد الجوية. وكانت قد شهدت موجة حر مماثلة في يوليو 1987 أثرت بشكل رئيسي على أثينا وأودت بحياة أكثر من ألف شخص بسبب نقص أجهزة التكييف وتلوث الهواء. وقال نائب وزير الحماية المدنية نيكوس هاردالياس على قناة "ستار تي في" التلفزيونية "في يوليو شهدنا 1584 حريقا في مقابل 953 حريقا في العام 2019" مؤكدا "لم نعد نتحدث عن تغير المناخ بل عن تهديد مناخي". وحمل مكتب إردوغان في البداية مخر بين مسؤولية الحرائق التي تعد الأسوأ في تركيا منذ عقد على الأقل علما أن وسائل الإعلام المرتبطة بالحكومة ربطتها بالمسلحين الأكراد الذين يشن ون تمردا داميا ضد الدولة. لكن ما لبثت أن تبخرت هذه النظرية مع ارتفاع عدد الحرائق. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن مكتبه يحقق في كل الفرضيات لكنه سيتوصل إلى استنتاجات أكثر متانة بمجرد إخماد الحرائق. وأضاف خلال زيارة لواحدة من أكثر المدن الساحلية تضررا "يجب أن نتجنب الوقوع في فخ الاستقطاب". وأفادت مديرية الغابات التركية عن تسجيل أكثر من 130 حريقا في عشرات البلدات والمدن في أنحاء البلاد خلال ستة أيام. وأشارت إلى تواصل اشتعال سبع منها الاثنين، معظمها على مقربة من مدينتي أنطاليا ومرماريس السياحيتين. وشاهد فريق وكالة فرانس برس في مرماريس المطلة على بحر إيجه ألسنة اللهب تتصاعد من قمم التلال المغطاة بالغابات بينما بدت السماء حمراء داكنة خلال الليل وانتشر الدخان في الجو وسط حرارة بلغت حوالي 40 درجة مئوية. وقال إفران أوزكان الذي يقطن مرماريس من أمام مركز للمساعدات أقيم على جانب طريق مؤد إلى التلال المشتعلة "إنها كارثة". وأضاف "لا يمكن للكثير من سكان مرماريس، مثلي، النوم بسلام بينما تشتعل هذه الحرائق". وجلس عناصر إطفاء وضعوا كشافات على رؤوسهم يتناولون وجبات خفيفة ومياه جمعها السكان من البلدات المحيطة. وتأهبت قوارب الإنقاذ قرب شاطئ مرماريس لإجلاء أي أشخاص في حال اتسعت رقعة الحرائق حيث لم يعد من الممكن دخول المدينة. وقال أوزكان "علينا أن نتحلى بالمسؤولية حيال أراضينا لمنع احتراق مستقبلنا، لكن الوضع سيئ للغاية الآن".