أكد الرئيس المؤسس لمعهد "أماديوس"، إبراهيم الفاسي الفهري، اليوم الثلاثاء، أن المغرب نهج مقاربة شاملة في مواجهة الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). وقال الفاسي الفهري، في كلمة خلال افتتاح الجلسة الأولى ضمن "محادثات ميدايز" (MEDays Talks) إن "الأوان حان أكثر من أي وقت مضى للتشاور والتعاون، وبكل بساطة للتعددية. الردود الوطنية، ولكي تكون فعالة، يتعين أن تعكس صدى مقاربة شاملة، أي دولية"، مضيفا أنها "الروح التي تحرك المغرب الذي قام، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ببناء استراتيجية رد مكونة من ثلاث مستويات". بهذا الخصوص، أوضح أن المغرب تبنى ردا صحيا استباقيا، من خلال تأهيل قطاع الصحة الوطنية ومضاعفة عدد أسرة الإنعاش، والتأقلم السريع والفعال للقطاع الصناعي لإنتاج، على نطاق واسع، الكمامات الطبية والمحاليل الكحولية المعقمة، بل أيضا لأجهزة التنفس، لافتا إلى أن "المملكة تنتج حاليا حوالي 16 مليون كمامة في اليوم". موازاة مع الرد الصحي، تابع إبراهيم الفاسي الفهري، أن المغرب أعد ردا اجتماعيا واقتصاديا غير مسبوق في تاريخ المملكة وهو ما رسم ملامح "دولة اجتماعية جديدة"، وذلك من خلال الصندوق الخاص لتدبير ومواجهه جائحة فيروس كورونا باعتمادات فاقت 3 ملايير أورو، والذي ما زال يواصل دعم السكان المتضررين، بداية خلال مرحلة الحجر الصحي ثم بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن ذلك، مشيرا إلى أنه في سياق هذه المبادرة غير المسبوقة، أعلن صاحب الجلالة عن تعميم التغطية الاجتماعية والطبية في أفق عام 2025. وسجل أن المغرب اختار أيضا، منذ عدة أشهر، استراتيجية استباقية في مجال الحصول على لقاح لكوفيد 19، تقوم على التعاون الدولي، خاصة مع الصين وبعض الدول، مذكرا بأنه تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتبعا للنتائج المشجعة للقاحات وفق معاينات منظمة الصحة العالمية، أعلن مساء أمس الاثنين عن إطلاق عملية وطنية واسعة للتلقيح ضد كوفيد 19 خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما سيجعل المملكة واحدة من البلدان الأولى في العالم التي بادرت لإطلاق حملة مماثلة لإنهاء "المرحلة الحادة من الوباء". في سياق حديثه عن هذه النسخة الخاصة من منتدى "ميدايز"، أكد إبراهيم الفاسي الفهري أنه على غرار البرنامج الاعتيادي للمنتدى، تشكل القارة الإفريقية محور عدد من جلسات "محادثات ميدايز"، منوها بأن المنتدى يشكل مناسبة لاكتشاف الفرص المتاحة لإفريقيا خلال مرحلة ما بعد جائحة كورونا، والدروس المستخلصة وأهمية التكنولوجيات الرقمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة والدور المحوري للشراكات جنوب – جنوب بالنسبة للبلدان في طور النمو. كما استعرض الخطوط العريضة لتقرير "التكيف، والابتكار، والمهارة، والإبداع، والنجاعة : خمس ركائز لإنعاش وبلورة نموذج تنموي لما بعد كوفيد -19″، الذي نشره معهد أماديوس في غشت الماضي، والذي يقترح خمسة أولويات مطلقة، ويتعلق الأمر ببناء الدولة الاجتماعية والرأسمال البشري وأدوات الانعاش الاقتصادي والتحكم بزمام المصير الصناعي في عالم معولم (السيادة الصناعية) وتحسين كفاءة عمل القطاع العام على ضوء التطور التكنولوجي المتواصل. وأشار رئيس معهد أماديوس إلى أن المقترحات التي اختارها المعهد تم التفكير فيها لوضع مسار محتمل نحو تحديد نموذج تنموي وطني شامل، سوسيو-ليبرالي ومتجه نحو إعادة التشكيل، يمتاز بالتضامن والاستباقية والسيادة والاستقلال ومنفتح على العالم. وتوقف عند الشكل الجديد للسيادة الصناعية في المغرب، والتي تقوم، حسب معهد أماديوس، على ضمان التزويد بالمواد الاستراتيجية من الصناعات الوطنية، والنهوض بالإنتاج لتعويض الواردات، وجعل السيادة الصناعية إرادة سياسية وطموحا وموارد. وخلص إلى أن "تجربة كوفيد 19 أبانت عن أن المملكة كانت على المستوى الصناعي قادرة على إعادة اكتشاف قدراتها وعلى الابتكار والتحرك بسرعة وفعالية". يذكر أن "محادثات ميدايز"، المنظمة من طرف معهد أماديوس تحت شعار "في سياق كوفيد 19 : استجابة، إنعاش، اختلالات"، تنعقد افتراضيا، بواقع جلستين في اليوم، على مدى ستة أيام، وتعرف، كما هو الشأن بالنسبة لمنتدى ميدايز، مشاركة شخصيات دولية مرموقة ستناقش مواضيع كبرى ذات راهنية. وستتطرق "محادثات ميدايز" إلى الاشكالات الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى التي يواجهها المجتمع الدولي، من خلال جلسات حول العلاقات الصينيةالأمريكية، وانعكاساتها على النظام الجيوسياسي العالمي، وقدرة الاتحاد الأوروبي على التغلب على التحديات التي تواجهه، وكذلك تصاعد التوجهات الحمائية والسيادية في العلاقات التجارية الدولية. كما سيكون العالم العربي أيضا محور نقاشات محادثات ميدايز، حيث سيتم تناول الأزمة الليبية ودور العالم العربي في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية نونبر 2020.