اليوم أكملت ساحة جامع لفنا بمراكش العام العاشر لإعلانها تراثا شفويا ماديا ولاماديا إنسانيا من قبل منظمة اليونسكو. التفجير الإرهابي هز الساحة والمدينة وقلوبنا أياما فقط قبل يوم الذكرى، ونشر في المكان رائحة الموت... الساحة حزينة... هب إليها المئات من كل الوطن، طاف المحبون في الساحة.. رددوا الشعارات، عانقوا الساحة وأهلها، شربوا عصير البرتقال... الساحة اليوم تنهض.. مراكش تنهض.. في ذكرى إعلان اليونسكو، نتذكر الكاتب والمبدع العاشق للساحة وأهلها، خوان غويتيسولو، وتحضر في البال أسماء عشرات الشعراء والروائيين والكتاب والفنانين والصحفيين من المغرب ومن كل العالم الذين سحرتهم الساحة، وأرخوا لمرورهم فيها أو لمرورها فيهم، وجسدت إبداعاتهم وكتاباتهم دفئ العلاقة التي تؤسسها الساحة مع زوارها وعشاقها. الحكاية تستمر في الساحة الحاضنة يوميا لكثير ثقافات وجنسيات وديانات وحضارات... الساحة اليوم تستحق الزيارة من كل المغاربة لإعادة البهاء للحكاية وللاحتفال... العناية والإسناد يجب أن يشملا اليوم وبشكل ملموس ومستعجل رجال الساحة وصناع الفرجة فيها وحماة الحكاية... الساحة يجب أن تنهض... الساحة يجب أن تبقى شامخة وتحتفي بالكلمات وبالألوان وباللقاء، وتمنح للكل سحرها والفرجة من دون تمييز أو تراتبية.. الساحة عنواننا لدى الآخرين.. الساحة حكاية، تاريخ، هوية، إحالة... الساحة: نحن في الساحة تحضر كثير طقوس، لكن الزوار تغمرهم أساسا المفاجأة ويتملكهم السحر و...المكان، ولكل هذه الأشياء صناع ومبدعون وحماة يستحقون العناية والاحتفاء حتى لا نفقد يوما رمزية المكان ويضيع منا العنوان، ونمنح للقتلة فرصة هزمنا جميعا.. بلا شك، إن الساحة ومحيطها القريب فقدا كثيرا من أصالة المكان، والتف العمران والاسمنت حول جامع لفنا، ومن المؤكد أن الموت والفقر، كل منهما ساهم في تغييب كثير من رجال الساحة، والمناسبة اليوم سانحة للتشديد على ضرورة الانكباب على موضوع الساحة، أي المكان والإنسان والرمزية، وحتى لا يبقى العديدون يصلون مداخل الساحة وينزوون في مقاهيها المنتشرة هنا وهناك يتذكرون الحكاية بصيغة الماضي فقط... الساحة تراث للإنسانية اليوم. الساحة تعبير ثقافي وفني منا ونحن نمتلكه... الساحة أيضا بشر من لحم ودم، منهم الفنانون وحماة الذاكرة والحكاية وصناع الفرجات، ومنهم التجار والباعة، وهؤلاء كلهم في حاجة اليوم إلى العناية وإلى تحسين الأوضاع الاجتماعية التي يحيونها... الساحة تفرض أن تؤخذ في الاعتبار في كل المخططات التعميرية والعمرانية والتنموية والهيكلية للمدينة وللفضاء... الساحة تستحق اليوم أن نسند حاضرها، ونصنع أفقها ومستقبلها.. الساحة تواصل سرد حكايتها، وهي بذلك تتحدى الغربان والقتلة... الساحة واقفة برجالها وبأبطالها وبصناع فرجاتها.. تحية لهم في ذكراهم.. السلام للساحة ... هيبة وتوقيرا واحتفاء بها وافتخارا بأهلها.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته