عاشت ساحة جامع الفنا، مساء أول أمس الثلاثاء، على إيقاع الاحتفال لأول مرة بالذكرى التاسعة لإعلان الساحة تراثا شفويا للإنسانية من طرف منظمة اليونسكو.ونظمت فعاليات المجتمع المدني بجامع الفنا، ومفتشية المباني التاريخية والمواقع بمراكش، ومحافظة قصر البديع، حفلا فنيا أحيته مجموعة لرصاد، ألهبت حماس الجمهور الغفير، الذي تابع أطوار الحفل بأغانيها القديمة والمشهورة من قبيل أغنية "ياحكيم الزمان"، التي تفاعل معها الجمهور بكل تلقائية، وظل يرددها مع أفراد المجموعة، بمشاركة رواد الحلقة بجامع الفنا، الذين قدموا لوحات فنية متنوعة، أصبحت تميز ساحة جامع الفنا، لقيت استحسان مختلف الحاضرين. وأهم ما ميز الحفل الفني، الذي حضره والي جهة مراكش، ورئيسة المجلس الجماعي، تكريم بعض رواد الحلقة الذين صنعوا الفرجة بساحة جامع الفنا، وساهموا في التعريف بالساحة العالمية بمنحهم هدايا وشهادات تقديرية، وتسليم مفاتيح الساحة العالمية لوالي جهة مراكش محمد امهيدية، وفاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش، والكاتب الإسباني خوان غويتوصولو، الذي دفعه تعلقه بساحة جامع الفنا إلى تسليط الضوء على هذه الساحة المتميزة، التي وجدت فيها كل أنواع الفرجة، ومنحته إلهام الاهتمام بموضوع التراث الشفوي والأدبي المخزون في الذاكرة الشعبية على ألسنة رواد الحلقة، بالنظر إلى العفوية التي ميز إحداثها في قلب مراكش النابض. وعرف تخليد الاحتفال بالذكرى التاسعة لتصنيف الساحة ضمن روائع التراث الشفوي للإنسانية، تنظيم أنشطة ثقافية متنوعة للتحسيس بضرورة المحافظة على هذا الموروث الحضاري، الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ مراكش عبر مختلف العصور، ومعرض يضم مختلف الصور النادرة لساحة جامع الفنا، الذي حظي بتوافد العديد من الزوار المغاربة والأجانب، اطلعوا من خلاله على المحطات التاريخية التي مرت بها الساحة العفوية، والوجوه الكثيرة التي تعاقبت على الساحة عبر تاريخها الطويل، سواء من استمر لون فرجته عبر ممارسين جدد، أو من انقرض فنه بذهابه أمثال امبارك الملقب ب "الكوشي"، والشرقاوي "مول الحمام"، ومولاي أحمد "حمقة"، والبشير "دكتور الحشرات"، ومولاي عبد السلام "الصاروخ"، وكبور "مول البيشكليت"، وعمر "ميخي". وعلى هامش الاحتفال بالذكرى التاسعة لتصنيف ساحة جامع الفنا، التي شكلت عبر مر العصور مادة ملهمة للشعراء والأدباء والمؤرخين والمبدعين، من خلال بعدها الثقافي وفضائها العجائبي، الذي يختلط فيه الخيال بالواقع، جرى تنظيم يوم دراسي حول فن الحلقة وساحة جامع الفنا بغرفة التجارة والصناعة والخدمات نشطه أساتذة باحثون متخصصون في الأنتروبولوجيا والتراث. وتطرق هؤلاء الأساتذة الباحثون في مداخلاتهم إلى مجموعة من المميزات، التي انفردت بها ساحة جامع الفنا ووظائفها، التي تعددت وتطورت عبر العصور حسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها مدينة مراكش، سواء في عهد الدولة المرابطية أو في عهد الموحدين. وانبثقت عن اختتام أشغال اليوم الدراسي مجموعة من التوصيات جرى رفعها إلى الجهات المسؤولة للعمل على تنفيذها على أرض الواقع، فضلا عن تقديم مشروع حول إعادة رد الاعتبار لساحة جامع الفنا، والاهتمام بالوضعية الاجتماعية لصانعي الفرجة، خصوصا بعدما ظلت فكرة إيجاد طريقة لمنح الحلايقية بعض المساعدات مشروعا يراود رواد الحلقة منذ إعلان اليونسكو، يوم 18 ماي 2001، ساحة جامع الفنا تراثا غير مادي للإنسانية. تجدر الإشارة إلى أن ساحة جامع الفنا أصبحت الآن تحتل موقعا سياحيا بامتياز يمكن تصنيفه في خانة السياحة الثقافية، بالنظر إلى عدد الرحلات السياحية، التي تتوافد عليها من جميع أنحاء العالم، إذ يمكن للزائر أن يلاحظ تباين الحلقات وصانعي الفرجة واختلاف الألوان. فزيارتك لمراكش دون التجول في أرجاء ساحة جامع الفنا الجذابة بحركيتها، التي تضم أزيد من 400 شخص يمارسون مختلف الأنشطة، سواء كانت فولكلورية أو كوميدية دون الحديث عن ممتهني بعض الحرف الهامشية، يفقدك الكثير من متعة السياحة بمراكش، ويبعدك عن النفاذ إلى عمق المدينة الحمراء.